العدد 13 - أردني
 

حسين أبو رمّان

التعديلات التي أدخلت على قانون المطبوعات والنشر في ربيع العام الماضي في عهد حكومة معروف البخيت، بدّدت فرصة تحقيق نقلة نوعية في وضع حرية الصحافة والإعلام، وإعادة هيكلة هذا القطاع.

فمع أن قانون المطبوعات رقم 27 لسنة 2007 ، المعدّل لقانون المطبوعات الأصلي الصادر عام 1998، أدخل جملة من التحسينات على بيئة حريات التعبير والصحافة، إلا أنه لجأ مقابل ذلك إلى تغليظ العقوبات، والقفز عن معظم توجهات الأجندة الوطنية في مجال الإعلام.

الأجندة الوطنية كانت أكّدت الحاجة الماسة إلى إجراء مراجعة شاملة للتشريعات الإعلامية. واقترحت وضع قانون ينظم وسائل الإعلام، وينسجم مع الحق الدستوري للأردنيين في التعبير عن الرأي بكل الوسائل المتاحة.

قانون "وسائل الإعلام" المقترح في الأجندة انطلق من الالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، واشتمل على حزمة مبادىء، منها: تأكيد حق الأردنيين في امتلاك وسائل الإعلام وتحديد ملكية الحكومة فيها، الحد من الملكيات الاحتكارية لوسائل الإعلام، حماية الحرية الشخصية للأفراد، عدم الرقابة المسبقة على الإعلام، عدم جواز توقيف الصحفي بسبب نشر آرائه، إلغاء المجلس الأعلى للإعلام ودعوة ممثلي وسائل الإعلام الجماهيري لتشكيل مجلس مستقل خاص بهم، إلغاء إلزامية العضوية في نقابة الصحفيين، إنشاء هيئة لتنظيم قطاع الإعلام، ضمان استقلالية ونزاهة وسائل الإعلام، وضع سياسة شفافة لتنظيم نشر الإعلانات الرسمية، والتزام وسائل الإعلام بتوضيح طبيعة المادة الإعلانية مدفوعة الأجر.

لكن حكومة معروف البخيت التي أحيلت إليها الأجندة الوطنية تجاهلت معظم تلك التوجهات، وأجرت بالمقابل تعديلات واسعة على قانون المطبوعات النافذ، شملت 34 مادة، من ضمنها، مسألتان أثارتا تبايناً وجدلاً بين النواب والأعيان، وحسمتا مرجعية وسائل الإعلام الرسمية من خلال رئاسة الوزراء وليس وزارة الصناعة والتجارة، وعدم جواز توقيف الصحفي نتيجة إبداء الرأي.

تعديلات 2007 انطوت أيضاً على بعض "التحسينات" مثل التحول من الرقابة على الكتب قبل صدورها إلى الرقابة عليها بعد الصدور. واشترطت أيضاً أن يتم تسجيل المطبوعة الصحفية أو المتخصصة كشركة تخضع لأحكام قانون الشركات. وإلى جانب ذلك هناك عدد كبير من التعديلات الصياغية منها استبدال مسمى "رئيس التحرير المسؤول" للمطبوعة الصحفية بمسمى "رئيس التحرير" .

كذلك أضيفت مادة ذات صلة بالمناخ الذي ساد بعد نشر الرسوم المسيئة للرسول في الدانمارك. هذه المادة باتت تحمل الرقم 38، وهي تحظر نشر ما يشتمل على: تحقير أو قدح أو ذم الأديان، التعرض أو الإساءة لأرباب الشرائع من الأنبياء بالكتابة أو بالرسم أو بالصورة أو بأي وسيلة أخرى، إهانة الشعور أو المعتقد أو إثارة النعرات المذهبية أو العنصرية، وأخيراً ما يسيء لكرامة الأفراد وحرياتهم الشخصية أو ما يتضمن معلومات أو إشاعات كاذبة بحقهم.أضف إلى ذلك مضاعفة بعض العقوبات إلى 30 ضعفاً، واستحداث عقوبات مالية جديدة للمحظورات تتراوح بين 10 آلاف دينار إلى 20 ألفاً.

قانون المطبوعات الأصلي الذي صدر عام 1998 وما زال ساري المفعول، اتسم بدرجة عالية من التشدد والقيود على حرية التعبير. وخضع خلال العقد الماضي، بالإضافة إلى تعديلات عام 2007 إلى تعديلين سابقين عامي 1999 و2003.

تعديلات عام 1999 تمت بتوجيهات ملكية مباشرة لحكومة عبد الرؤوف الروابدة إثر الشكاوى المتكررة التي أطلقتها نقابة الصحفيين. وتمثلت أبرز تلك التعديلات في: إلغاء مادة المحظورات "الشهيرة" المكونة من 14 بنداً، منها: المس بالعائلة المالكة، إيراد معلومات غير مجازة عن القوات المسلحة، المس بالقضاء، تحقير الديانات والمذاهب، الإساءة للوحدة الوطنية، الإساءة لكرامة الأفراد وحرياتهم الشخصية، إهانة رؤساء الدول أو البعثات الدبلوماسية، الترويج لانحراف وفساد الأخلاق، زعزعة الثقة بالعملة الوطنية، والتحريض على الإضرابات والاعتصامات.

التعديلات الأخرى السابقة أخذت جميعها أيضاً منحى إيجابياً، بما في ذلك حماية حق الصحفي في إبقاء مصادر معلوماته سرية، اضافة إلى تحديد الفترة اللازمة لعضوية رئيس تحرير المطبوعة الصحفية في النقابة بأربع سنين. كذلك ألزمت مجلس الوزراء بإصدار قراره بشأن طلب ترخيص المطبوعة المستوفية الشروط خلال 30 يوماً وإلا يعتبر الطلب مقبولاً، وتعليل القرار في حالة الرفض، وخفّضت رأسمال المطبوعة الصحفية غير اليومية المدفوع إلى 50 ألف دينار. وتضمنت هذه التعديلات أيضاً تخفيضاً مهماً لسائر العقوبات بنسبة 10 إلى واحد.

وفي عهد حكومة علي أبو الراغب، اقتصرت تعديلات قانون المطبوعات، عام 2003، على مادة واحدة استهدفت تحسين إجراءات التقاضي في قضايا المطبوعات، ومن ذلك اشتراط الفصل خلال 21 يوماً في أي قضية ترد إلى محكمة البداية المختصة، وخلال 15 يوماً لدى محكمة الاستئناف. إضافة إلى تكليف المدعي العام الانتهاء من التحقيق في جرائم المطبوعات في غضون أسبوع فقط.

تعديلات القانون تقوّض فرص رفع السقف : قوانين المطبوعات والنشر باروميتر الحالة الديمقراطية
 
14-Feb-2008
 
العدد 13