العدد 13 - ثقافي
 

محمود الريماوي

منذ أواخر الخمسينات عرفه القراء العرب على صفحات «الآداب» اللبنانية كاتباً لماحاً متدفقاً ومشرق العبارة. كان في تلك الأثناء في مطلع العشرينيات من عمره، وهو ما كان يدركه عارفوه دون جمهرة قرائه، الذين شدتهم الى قلمه متابعته الحثيثة لشؤون الثقافة وتجلياتها في مصر والعالم العربي سواء بسواء.وبما أن تلك الفترة الذهبية هي نفسها المرحلة التي اتسمت بتدفق موجة التجديد في مختلف مناحي الفكر والإبداع،فقد كان رجاء النقاش علماً من أعلام الجيل الجديد من النقاد،الذين شبوا خارج أسوار الجامعة وبغير المواضعات الأكاديمية، فواكب حركة التجديد أولاً بأول، ولم يتوان وهو طري العود بعد عن خوض معارك ومواجهات من منظور قومي عروبي كانت «الآداب» تمثله.ويحسب له أنه أسهم الى جانب غسان كنفاني في التعريف بشعراء فلسطين (شعراء المقاومة )، كما كان من أوائل من تناولوا الابداع الروائي للطيب صالح الذي لم يكن صيته قد طار بعد .

لن تحيط هذه السطور بظاهرة رجاء النقاش الذي رحل عن دنيانا قبل أيام .وحسب الكاتب هنا الإشارة بكلمات الى علامة فارقة تميزعطاءه وظاهرته الكتابية، فقد نجح في الجمع بين الأداء الصحفي والأدبي ـ النقدي.وهو ما جعل كتابته تتميز بالوضوح والسلاسة وربما البساطة،وذلك لحرصه على مخاطبة أوسع قاعدة من القارئين.وهو ما يفسر اختلاط سيرته التأليفية بسيرته المهنية في الصحافة ابتداء من «المصور» مروراً بـ«الهلال» و«الإذاعة والتلفزيون» وليس انتهاء بمجلة «الدوحة» القطرية،ناهيك عما لا يحصى من مجلات أدبية متخصصة.

من المعلوم أن الصحافة المصرية في عهد ثورة 1952و بصرف النظر عما آلت اليه خلال ربع القرن الأخير، وقبل ذلك في تضييقها الهامش على كتابات السياسيين المخالفين، قد اتسعت صفحاتها للأدباء والنقاد وأسهمت في إظهارهم وتقريب انتاجهم لعموم القراء،وكان رجاء شأن فتحي غانم ويوسف ادريس ونجيب محفوظ ولويس عوض وعلي الراعي ومحمود أمين العالم، علماً بين هؤلاء يقرأه القارىء المتخصص كما القارىء «العادي».مما جعله أقرب الى ظاهرة ثقافية وإعلامية يحمل صاحبها حساسية التذوق الرفيع،الى جانب موهبة التعبيرالواضح المبسط عن قضايا على جانب من التركيب.

لسبب مثل هذا فإن قاعدة القراء أكبر في مصر من بقية الدول العربية،دون إغفال عدد السكان الكبير، فالمقصود هو نسبة من يقرأون لا أعدادهم فقط .

النقاش: تجديد ومواءمة بين الصحافة والنقد
 
14-Feb-2008
 
العدد 13