العدد 13 - كتاب
 

أوصل التباطؤ وسوء الإدارة الحكومية خلال العقود الماضية العديد من المؤسسات إلى وضع مأزوم، لا ينفع لحله إلا الإصلاح االشامل.

فقد أدت سياسة الاسترضاء التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة، إلى تضخم حجم القطاع العام، دون الأخذ بعين الاعتبار أهمية زيادة القاعدة المادية للإنتاج وتحفيز القطاع الأهلي على الاستثمار.

فقد كشفت حالة التراخي المتواصلة خلال الفترة الماضية عن العديد من الأزمات التي أربكت الحكومات منها: المياه، الطاقة، وأخيرا الضمان الاجتماعي.

تشير المعطيات إلى أن أزمة موازية تلوح لدى التقاعد المدني، الذي يكلف خزينة الدولة مع رواتب موظفي القطاع العام ملياراً و200 مليون دينار، ربع النفقات الجارية والرأسمالية.

هذا الخلل بات ينذر بأزمات مالية محدقة، بحسب وزيرين سابقين، يتهمان الحكومات السابقة باتخاذ "إجراءات خاطئة تجلت آثارها حالياً وباتت عبئاً على المالية العامة".

وزير المالية الحالي حمد الكساسبة، لا يتحرج من إطلاق صرخة حيال كلفة فاتورة التقاعد، حتى أنه يقول إن وضع الموازنة العامة للعام الحالي"صعب جداً"، فيما وصف فاتورة الرواتب التقاعدية، التي تشكل قرابة 10.9 بالمئة من حجم الموازنة، بـ"القنبلة الموقوتة."

ويؤكد الكساسبة في تصريحات صحفية أن الاختلالات المتعلقة بالدعم عمقت عجز الموازنة خصوصاً مع التقلبات العالمية في أسعار المحروقات والحبوب.

ويقدر مشروع موازنة العام 2008 نفقات التقاعد والتعويضات للعام المقبل بنحو 571 مليون دينار من إجمالي الموازنة العامة والبالغة 5.2 بليون دينار.

وزير المالية الأسبق، سليمان الحافظ، يؤكد أنه "وضع حين كان في منصبه العام 1997 مشاريع لتعديل ثلاثة قوانين" هي: التقاعد المدني، والعسكري، والضمان الاجتماعي من أجل توحيد مظلة التقاعد.

ويرى الحافظ أن «خطته، لو نجحت لما كانت فاتورة التقاعد وصلت إلى حدود كبيرة باتت ترهق الموازنة العامة» لافتا إلى أن القوانين المقترحة آنذاك تتعلق بإجراءات كانت ستتخذ من خلال تولي القطاع الخاص إدارة استثمارات نظام التقاعد ليكون على شاكلة الضمان الاجتماعي".

ويستدرك الحافظ: "ليس الهدف إزاحة العبء من الموازنة إلى الضمان بل تعظيم استثمارات الأخير وفق أسلوب مثمر يضمن النجاح في تلك المهمة".

ذلك يسهم في انتقال الموظفين بالاتجاهين من الحكومة إلى القطاع الخاص وبالعكس" في حال رغبة الحكومة في استقطاب بعض الكفاءات بحيث يتم الإفادة من تداخل سنوات الخدمة"، حسبما يستذكر.

يستعيد الحافظ كيف نشأت المؤسسة الأردنية للاستثمار في منتصف السبعينيات من القرن الماضي. ويقول: بعد ارتفاع أسعار الذهب لمستويات قياسية آنذاك وامتلاك الدولة مخزوناً منها طبعت الدولة أوراقاً نقدية تمثل الفرق ومنحتها إلى صندوق التقاعد لتشكيل نواته الاستثمارية منها.

يتفق وزير الصناعة الأسبق واصف عازر مع ما ذهب إليه الحافظ، مؤكداً أن التصرف في موجودات المؤسسة الأردنية للاستثمار التي كان يجب أن تتولى مهمة تمويل رواتب التقاعد المدني، هو السبب وراء شكوى المسؤولين من فاتورة التقاعد.

المتتبع لبند نفقات التقاعد في نشرة وزارة المالية الشهرية يلاحظ ارتفاعها في العام 2002 إلى 320.2 مليون دينار ثم 345.7 مليونا 2003، 377.4 في العام 2004، 416.7 مليون دينار في 2005، 490.6 مليون دينار في العام 2006،وصولاً إلى 524.7 مليون دينار في العام الماضي.

سماح بيبرس : أزمة موازية تلوح لدى التقاعد المدني
 
14-Feb-2008
 
العدد 13