العدد 12 - ثقافي
 

 

“ شيعوني لما شيعوا جنازة أخي عاصي”! بنبرة حملت في طياتها معاني الإرادة القوية الممزوجة بحزن عميق وأمل، تحدث الشاعر والموسيقي عاصي الرحباني للإعلامي زاهي وهبة في برنامج “خليك في البيت” على قناة المستقبل عن تجربته الغنية وذكرياته على مدى عشرات السنين. ويصعب اختصار تجربة الأخوين رحباني عاصي ومنصور في حلقة تلفزيونية أو حتى مقال صحفي مطول، نظراً لغنى هذه التجربة، واعتراف الجميع بعبقريتها وتفردها على مستوى الشعر والموسيقى والتأسيس لمسرح غنائي جاد ومثقف.

وكانت البداية للأخوين رحباني في أنطلياس، حيث ولد عاصي عام 1923 وبعده بعامين ولد شقيقه الأصغر منصور عام 1925. والدهما حنا الرحباني كان صارماً في الأمور التي تتعلق بالآداب والأخلاق العامة، وكان محباً للموسيقى ويعزف على البزق.

تطرق الرحباني في حديثه إلى جملة من المواضيع في البرنامج الذي يدير حواره الإعلامي زاهي وهبة، امتدت من ذكريات طفولته في ضيعته الوادعة التي استمد منها شاعريته وخياله الخصب الى شهرته الواسعة مع شقيقه التي استحقاها عن جدارة ليكتمل الإبداع مع وجود صوت فيروز الملائكي.

وعن فيروز تحديداً علق منصور قائلاً: “فيروز معها كنز بتشتغل عليه” قاصداً إنتاج الأخوين رحباني الشعري والموسيقي مع الإشارة إلى نبرة الحزن الواضحة التي لفت صوته عندما تحدث عن الأمر.

وحاول المحاور زاهي، أن يصل لأبعاد هذا الكلام، عندما سأله عما إذا اشتاق لصوت فيروز والعمل معها. فتملص الرحباني بدوره من الجواب بطريقة دبلوماسية عندما قال: إن فيروز صنعت مجدها ولم تعد بحاجة لأحد ليكرر عبارة “معها كنز بتشتغل عليه”.

وتستحق تجربة الأخوين رحباني التوقف عندها، كما يؤكد على ذلك النقاد والشعراء والموسيقيين الذين درسوا هذا الإنتاج المهم.

وقدم بعض الإعلاميين والشعراء البارزين شهاداتهم في البرنامج، معلقين على هذا الانتاج بأنه يستحق أن يدرس في المدارس والجامعات لأهميته.

وأدلى منصور، من خلال الحوار بشهادته عن الوطن الذي عرفه بالحق والعدالة والخير والجمال، وكذلك عن الحب قائلاً: “بعد الثمانين أنا بدلت الإحساس بالحب بالإحساس بالمحبة” معتبراً الإحساس بالمحبة أوسع بمعناه ومضمونه.

وتوسع منصور في الحديث عن الوطن الذي ناقش مع شقيقه عاصي قضاياه عبر المسرحيات والقصائد، لافتاً إلى إحدى المسرحيات التي استعادت قصة الملكة زنوبيا، مبيناً أن محاربة زنوبيا لظلم روما هو ما يجب أن يحدث في كل زمان: “روما دائماً موجودة بترسانتها الحديدية ولا بد من التصدي لها، ونحن أظهرنا العداء للظلم المتمثل بروما في أعمالنا”.

واعتبر منصور أن الإنسان لا بد أن يكون أغلى من الوطن: “الأرض بلا إنسان ليست وطن، ونحنا في الشرق بنحب الأرض أكتر من الإنسان وما أحزن هذا”.

ومن تجليات منصور في اللقاء حديثه عن الفرح والحزن قائلاً: إن الفرح سريع العطب أما الحزن فمقيم “الحزن مطمئن أما السعادة قلقة لأننا نخاف عليها أن تنتهي دائماً”.

وفيما يخص عائلة الرحباني، ومدى موهبة وإبداع أفرادها “ورثة عاصي ومنصور” قال:«إن الرحابنة هم الأخوين رحباني عاصي ومنصور فقط». وعندما سأله زاهي عن تجربة زياد الرحباني أعاد العبارة “الرحابنة هم الأخوين رحباني وبس”. وأعاد العبارة ذاتها لدى سؤاله عن موهبة أبنائه. أما شقيقه إلياس فوصفه بشيخ الطريقة، في تنويه الى اكتشافه عدداً من نجوم الفن في الوطن العربي.

وأجاب منصور عن بعض الأسئلة بطريقة دبلوماسية، ومنها سؤاله عن تجاربه العاطفية و الحياتية، بشكل عام، وهل ضمنها في أشعاره قائلاً: “نحن لا نكتب عن قصص عشناها إلا عندما نكون قد انتهينا منها”.

وعن تمضيته لوقته في هذه الفترة، بين أنه لا يفعل شيئاً سوى القراءة والكتابة.

ودافع منصور عن حق فيروز في إقامة عرض مسرحية “صح النوم” في دمشق، على الرغم من توتر العلاقة بين البلدين في هذه الفترة، مشيراً الى أن الفن للجميع، ويجب أن لا يحده شيء.

منصور الرحباني يفتح قلبه الفن للجميع ومن حق فيروز عرض "صح النوم" في دمشق
 
07-Feb-2008
 
العدد 12