العدد 12 - حريات
 

أغلقت الجمعية الأردنية لحقوق الإنسان أبواب مقرها في جبل الحسين، وباتت شبه غائبة عن العمل وعن الإعلام، بعد أن كانت تتبع مختلف القضايا ذات الصلة بحقوق الإنسان، وتصدر بشأنها البيانات الصحفية، وتشارك في مختلف النشاطات الوطنية الخاصة بالدفاع عن الحريات العامة، وتصدر سنوياً تقريراً مفصلاً عن حالة حقوق الإنسان في الأردن، وتوزعه محلياً ودولياً. فأين “ذهبت” الجمعية؟


في الواقع، فإن الجمعية لم تحل نفسها رسمياً، ويبدو أنها بشكل عام ما تزال تعتبر نفسها قائمة، رغم استقالة رئيس الجمعية إبراهيم الصانع، وقبله عضوين آخرين من أعضاء الهيئة الإدارية السبعة (ولم تكن هذه الاستقالات جماعية)، ثم هجرة عضو آخر إلى الولايات المتحدة، وهو ما أفقد الهيئة الإدارية نصابها. فقد كانت “الهيئة العامة” عقدت اجتماعاً عادياً قبل نحو عام، عقب استقالة هؤلاء الأعضاء، من دون أن ينتج عنه انتخاب هيئة إدارية جديدة، ما قد يعني أن الهيئة العامة تنتظر موعد الانتخابات العادية في صيف العام الجاري.


إبراهيم الصانع، رئيس الجمعية المستقيل، لا يُرجع ما حلّ بالجمعية إلى خلافات داخلية أساساً، بل إلى توتر علاقة الجهات الحكومية بالمنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان، ما انعكس سلباً على قدرة الجمعية الأردنية لحقوق الإنسان على جلب تمويل لنشاطاتها من جهات وطنية، لا بل وعلى استقطاب أعضاء جدد يقدموا رسوماً لاشتراكاتهم، ذلك أن “المجتمع يخاف التعامل معنا” على حد تعبير الصانع، الذي يتابع بقوله إنه “في الوقت الذي كنا نقول فيه إن علاقتنا مع الحكومة ستكون تكاملية، فإن طرح الجهات الحكومية كان مغايراً ومعاكساً”. ويقول الصانع إن القدرات المالية هي أهم ما يمكن منظمات المجتمع المدني من القيام بنشاطاتها، فكانت ندرتها لدى الجمعية أهم أسباب ما آلت إليه من أحوال.


أما محمد الحسنات، عضو الهيئة الإدارية المستقيل، فيرى أن أهم أسباب انهيار نشاطات الجمعية واختفائها غير المعلن، هو “تغليب الظاهرة الإعلامية في عملها على العمل الحقيقي الفاعل”، وغياب المؤسسية عن العمل لصالح الطموحات الفردية، وعدم نجاح الجمعية في بناء علاقة تناغمية بين أعضائها لمواجهة قضايا حقوق الإنسان التي أُنشئت الجمعية بالأصل لمواجهتها.


وبينما يرى الصانع أن غياب المؤسسية عن عمل الجمعية، وعدم جدية بعض أعضائها في العمل من أجل قضية حقوق الإنسان، بل اتخاذهم إياها وسيلة للتسلية أو “البرستيج الاجتماعي”، ليس المسبب الأول في انهيار عمل الجمعية، إذ كان يمكن التغلب على هذه المسائل “الثانوية” بحسب تعبيره، لو امتلكت الجمعية مقومات العمل وبالذات المالية، التي ظلت ضعيفة جداً لدرجة لم تتمكن الجمعية معها من دفع فواتير الكهرباء والماء ثم إيجار المقر ما حدا، على حد علمه، بأعضاء الهيئة الإدارية بعد استقالته لتسليم المقر المستأجر لمالكيه، فإن الحسنات يرى العكس، إذ كان يمكن للجمعية أن تنجح في استقطاب التمويل لو عملت بطريقة أكثر مؤسسية، ولهذا فهو يدعو كل من كان عضواً في الجمعية واستقال منها أو جمّد عمله فيها لسبب أو لآخر لاستعادة التجربة ونقدها.


تجدر الإشارة إلى أن منظمات حقوق الإنسان الأهلية في الأردن تعاني بشكل عام من محدودية عدد الأعضاء، فلم يكن أعضاء الجمعية المسجلون يتجاوزون، بحسب تقديرات أعضاء الهيئة الإدارية، مئة عضو، بينما يُشارك في الاجتماعات العشرات فقط، وينشط في عمل الجمعية أقل من ذلك العدد بكثير. الأسابيع والشهور القادمة ستكشف ما إذا كان غياب “الجمعية الأردنية لحقوق الإنسان” نهائياً أم مؤقتاً، حين موعد اجتماع الهيئة العامة لانتخاب هيئة إدارية جديدة. وفي حال غياب الجمعية، يبقى من منظمات العمل التطوعي الأهلية العاملة في مجال حقوق الإنسان، من دون تخصص في قضية فرعية بعينها مثل حقوق المرأة أو الطفل، واحدة فقط هي المنظمة العربية لحقوق الإنسان/ فرع الأردن، بعد أن كانت وزارة الداخلية قد حلّت “الجمعية الأردنية لحقوق المواطن” في العام 2002، هذا إلى جانب مراكز الدراسات العاملة في حقوق الإنسان، والمركز الوطني لحقوق الإنسان.

 

الجمعية الأردنية لحقوق الإنسان سلّمت مفاتيح مقرّها وغابت عن الإعلام
 
07-Feb-2008
 
العدد 12