العدد 78 - كتاب
 

أرقام تجارة الأردن الخارجية ومعدلاتها اتسمت خلال الشهور الثلاثة الأولى من هذا العام باتجاهات إيجابية جديدة في جانب قيمة الصادرات الكلية، فيما كان التحسن الأفضل والأبرز متصلاً بهبوط ملموس ومفيد في قيمة المستوردات لتكون الحصيلة، للمرة الأولى منذ سنوات، تحقق انخفاض كبير في رقم عجز الميزان التجاري خلال الربع الأول من 2009.

الترجمة الرقمية لما سبق تُظهر التراجع الواضح في قيمة مستوردات البلاد الكلية من 2876 مليون دينار في الربع الأول من 2008، إلى 2251 مليون في الربع الأول من 2009، وبهبوط621 مليون، وبنسبة انخفاض 36.5 في المئة.

في المقابل، فيما كان من المتوقع حدوث هبوط حاد في قيمة صادرات الأردن الكلية في ظروف الأزمة المالية والاقتصادية الحادة في الاقتصاد الرأسمالي، فإنّ هذه الصادرات حافظت على المستوى نفسه تقريباً، إذ بلغت هذا العام 1170 مليون دينار، مقابل 1176 مليون دينار في الربع الأول من 2008.

هكذا، فإنّ العجز في ميزان الأردن التجاري، الذي يعكس الفرق السلبي أو الإيجابي بين إجمالي ما تم استيراده والمجموع الكلي لما يتم تصديره، سجّل اتجاهاً جديداً وإيجابياً من حيث انخفاضه في الربع الأول من 2009، إلى 1080 مليون دينار، مقابل عجز أكبر في الربع الأول من 2008 بقيمة 1701 مليون، وبتحسن 621 مليون دينار، وبنسبة هبوط في العجز 36.5 في المئة.

هبوط العجز التجاري جيد ومطلوب في حد ذاته، ولمساهمته في تصويب تشوهات واختلالات أخرى مالية ونقدية واقتصادية، وسيكون له تأثير ملموس، بخاصة إذا استمر تحسنه، في انخفاض العجز الكبير في الحساب الجاري، الذي يعكس المركز المالي النهائي في عجزه أو فائضه.

استيراد النفط الخام مع هبوط سعره الدراماتيكي في الأسواق الدولية، كان أحد عناصر المستوردات الرئيسة التي ساهمت في تخفيض قيمة المستوردات عن العام السابق، لكنه لم يكن العامل الوحيد، بل ظهر ذلك أيضاً في مستوردات الحبوب والمواد الغذائية، وبدرجة أقل في مستوردات أخرى، بما فيها اللدائن والمواد الخام، انعكاساً لتباطؤ وتراجع الإنتاج الصناعي في أجواء الأزمة في الاقتصاد الأردني أولاً، وظروف الأزمة العالمية ثانياً، وبالتأكيد، فإنّ الطريق ما تزال سالكة أمام إمكانية تخفيض الرقم الكلي للمستوردات من خلال التقليص من مستوردات كمالية يمكن الاستغناء عنها إلى جانب أهمية الحد من استيراد المركبات.

وتواصَلَ الاتجاه الهبوطي في صادرات الألبسة من المناطق الصناعية المؤهلة QIZ، وبخلاف تلك زادت صادرات الفوسفات في فترة ارتفاع أسعاره في الأسواق الدولية، كما تواصل ارتفاع رقم صادرات الأدوية الأردنية انعكاساً لنجاح صناعة الأدوية الأردنية في تحسين وتطوير وزيادة إنتاجها، ونجاحها في بناء «شبكة تسويقية منظمة» في الخارج، وبخاصة في ا لمحيط العربي، فيما تبقى هذه الصناعة مطالبة بتطوير وتنمية إنتاجها لتتمكن من تحقيق المزيد من تغطية حاجات الأردن الفعلية من الدواء، وبما يؤدي إلى تقليص كميات ما يستورد منه.

وكما في السنوات السابقة، استمرت صادرات الخضراوات والفواكه في الارتفاع، ليس فقط بالقيمة بل أيضاً في الكميات والنوعية الجيدة.

ما جرى من تحسن في تركيبة تجارة الأردن الخارجية يعكس بداية متواضعة يُفترض تبني توجهات وسياسات أكثر تكاملاً وتوازناً من أجل تطويرها وتعزيزها وضمان استمراريتها.

أحمد النمري: تجارة الأردن الخارجية في الميزان
 
28-May-2009
 
العدد 78