العدد 78 - أردني
 

رداد القلاب

الدراسة الرسمية التي كشفت حجم الفقر بين طلبة المدارس بحدود 15 في المئة، مرّت أخيرا دون ضجيج، بدل أن تعلّق جرس الخطر على منظومة الأمن الاجتماعي، ذلك أنها تطال ربع عدد السكان المقدر بستة ملايين نسمة.

الدراسة التي أعلنتها مطلع أيار/مايو الحالي مديرية الصحة المدرسية في وزارة الصحة، وبرنامج شركاء الإعلام لصحة الأسرة مكتب جامعة «جون هوبكنز»، تفيد بأن واحداً من كل سبعة طلاب يأتي إلى مدرسته جائعا في أغلب الأوقات.

بلغة الأرقام، ثمّة أكثر من 200 ألف أسرة تعاني من الفقر الذي يلامس حدود الجوع، وذلك إذا نسبت الشريحة «الجائعة» إلى عدد الطلاب الكلي المقدر بمليون و500 ألف، أي ربع عدد السكان.

هذا المسح هو الثاني منذ 2004. وقد أجري خلال العام الدراسي 2007-2008، على عينة تضم 2243 طالباً وطالبة (50.5 في المئة ذكور و49.5 في المئة إناث) في 70 شعبة من صفوف الثامن والعاشر في 25 مدرسة عبر المملكة، اشتركت طوعاً في البرنامج الوطني للمدارس الصحية.

يساهم في انزلاق أسر جديدة تحت خط الفقر، موجات الغلاء «الزنبركية» وثبات المداخيل، في ظل عدم فاعلية شبكات الأمن الاجتماعي وصناديق المعونة الوطنية.

البرنامج الوطني للصحة المدرسية، الذي نفذ المسح في سياقه، يستهدف قياس مدى انتشار سلوكيات تهدد صحة الطلبة، ولها علاقة بالمرض والوفاة بين الشبان واليافعين. تتمثل المعايير بـالتغذية،النظافة الشخصية،الصحة النفسية،النشاط البدني وعوامل الوقاية والسلوكيات المؤدية للإصابة بمرض الإيدز أو أمراض جنسية أخرى، فضلاً عن تعاطي التبغ واللجوء الى العنف.

في إطار الاستراتيجية الوطنية للصحة المدرسية للأعوام 2008 - 2012، ظهرت سلسلة إجراءات حكومية للتخفيف من هذه الظاهرة، وذلك عبر نشر الوعي الصحي بين الطلبة بعدة وسائل. إلا إن النتيجة كانت عكسية، إذ ارتفعت نسبة فقر الدم بين الطلبة المشمولين ببرنامج التغذية المدرسية من8.5 في المئة إلى 18 في المئة لغير المشمولين، كما بلغت نسبة «عوز الحديد» للطلبة المشمولين بالبرنامج 12 في المئة مقابل21 في المئة لغير المشمولين من خلال العينة.

أما الجوع فغطى 14.1 في المئة من المشمولين في العينة.

وفق الدراسة، فقد بلغت 16 في المئة نسبة الطلبة الذين كانوا يشعرون بالوحدة خلال 12 شهرا الأخيرة، و 8 في المئة ليس لديهم أصدقاء. وبلغت نسبة الطلبة الذين لا يتفهم أولياء أمورهم مشاكلهم أو ما يقلقهم 43 في المئة نصيب الذكور 51 في المئة والإناث 49.

وبينت النتائج أن الطلبة الذين دخنوا السجائر ليوم واحد أو أكثر خلال الثلاثين يوما الأخيرة 15.6 في المئة ونسبة الطلبة الذين تعاطوا أشكالا أخرى من التبغ، مثل النارجيلة أو (الغليون)، ليوم واحد أو أكثر خلال الشهر الأخير 21 في المئة تقريبا.

وفي مجال «الصحة السِّنِّيّة» تم فحص 276630 طالبا وطالبة من أصل 280092 للفئة المستهدفة للصفوف (الأول والرابع والسابع )، فانتهت الدراسة إلى أن 68 في المئة من الطلبة مصابون بأمراض الفم والأسنان و58 في المئة مصابون بنخر الأسنان.

بحسب الدراسة فقد تساوت نسبة الطلبة الذين لا يغسلون أيديهم قبل تناول الطعام،والذين لا يغسلون أيديهم بعد خروجهم من الحمام وبنسبة 7.4 في المئة،في حين وصلت نسبة الطلبة الذين لم ينظفوا أسنانهم 25.3 في المئة على مستوى العينة،ولم تحدد العينة نسبة الذكور إلى الإناث.

يذكر أن أول مسح صحي عالمي، أجري على طلبة المدارس في أيار/مايو 2004، وتمت إعادته في أيار/مايو 2007.

كشفت الدراسة عن خلل في التكافل الاجتماعي لكسر حلقة الجوع، على ما أقر به لـ«ے» مدير الإعلام بصندوق المعونة الوطنية ناجح صوالحة.

يشير صوالحة إلى «غياب التنسيق بين القطاعات المختلفة الحكومية والخاصة لكسر حلقة الجوع» مؤكداً أن «الدراسة لم تعمم على الصندوق ولم يجر أي تشاور بين من قام بها أو الجهات القائمة على مكافحة الفقر بخصوص نتائج الدراسة الأخيرة». ويؤكد المسؤول في صندوق المعونة أن الحلول «يجب أن تكون إجماعية».

الصندوق يقدم خدمات نقدية متكررة لـ 80 ألف أسرة مقدارها 180 ديناراً، إضافة إلى تأمين صحي شامل لجميع أفراد هذه الأسر ومعونات طارئة في حالة وفاة رب أسرة أو حريق أصاب منزل العائلة، حسبما يقول صوالحة.

على أن مديرة البرامج الصحية في الجمعية الملكية للتوعية الصحية هناء بنات، تؤكد لـ«ے» أن «معالجة الجوع الذي منشؤه العائلة من اختصاص جيوب الفقر والتنمية الاجتماعية وصندوق المعونة الوطنية»، مضيفة أن اختصاص الجمعية هو «نشر التوعية» وذلك بتوجيه الأولويات الخاصة بمشاكل التغذية ونشر الوعي الصحي، وتقديم المعلومات الصحية الشاملة، مشيرة إلى توعية أطفال المدارس باتجاه أن يتناولوا فطورهم صباحاً مع تحديد أنواع التغذية.

وكشفت بنات أنه تم اختيار 26 مدرسة حكومية للمشاركة في برنامج الصحة المدرسية، كعينة تجريبية للعام الجاري خلال شهري شباط / آذار 2009 وتقييم المدارس من قبل الجهة المانحة دون أن تذكرها.

أما مدير الصحة المدرسية في وزارة الصحة رياض العكور، فيرفض التحدث للصحافة بخصوص هذا الموضوع، بحسب مدير مكتبه، كما يرفض إعطاء رقم هاتفه.

يفيد إبراهيم سيف في مقالة في صحيفة الغد 15 أيار/مايو: «نحن هنا لا نتحدث عن فئات مهمشة أو أعداد قليلة من المواطنين يمكن التعامل معها من خلال برامج تغذية تستهدفهم». ويتساءل: «ألا تثير هذه البيانات الحفيظة من نموذج التنمية والنتائج التي حققها خلال عقدين أو أكثر من الزمان؟».

وكانت وزيرة التنمية الاجتماعية هاله لطوف بسيسو، أعلنت بداية أيار/مايو الجاري أن هناك 700 ألف شخص يعيشون تحت خط الفقر في الأردن.

دراسة رسمية: طلبة جوعى خلف المقاعد
 
28-May-2009
 
العدد 78