العدد 78 - أردني
 

منصور المعلا

دفع غياب التخطيط المنهجي في معاملة أحداث جمعوا رغم تفاوت أعمارهم وسجلاتهم الجنائية ، إلى وقوع صدام دموي في مركز أسامة بن زيد يوم 18 أيار/مايو الجاري بين مجموعة منهم، ما أدى لتعرض 19 حدثاً لإصابات مختلفة، على ما يؤكد عاملون في المركز الكائن في الرصيفة، أفقر أحياء الزرقاء وأشدها اكتظاظاً.

نزلاء المركز يقضون فترات محكومية متفاوتة، على خلفية قضايا تتنوع بين الشروع بالقتل والسرقة وهتك العرض والقيادة دون رخصة، اشتبكوا بالأيدي وبالآلات الحادة طوال أربع ساعات، ما دفع الجهات الأمنية للتدخل لإسعاف المصابين إلى مستشفى الأمير فيصل في المدينة.

موظف في المركز فضل عدم نشر اسمه بيّن أن المشاجرات تقع بشكل شبه يومي في المركز، رغم تواجد المشرفين الذين لا يتمكنون، في العادة، من السيطرة على 104 أحداث ينتمون الى خلفيات ثقافية وأسرية متفاوتة.

المركز يتبع لوزارة التنمية الاجتماعية، ويقوم بالإشراف على نزلائه 8 مشرفين إضافة الى 22 عاملاً في مجال الصيانة والحراسة، ويقوم عملهم وفق برامج يومية بما فيها تحديد وقت المنام على غرار المدارس الداخلية، وتوفير وجبات الطعام.

المشرفون الثمانية يعملون وفق نظام الشفت (المناوبة الدورية) أربعة مشرفين لكل 12 ساعة بواقع 26 نزيلاً لكل مشرف، في حين تنص التعليمات على أن يتولى الإشراف على كل عشرة أحداث مشرف واحد، حسب مدير تنمية الرصيفة وليد المحيسن.

المحيسن بيّن أن «معظم نزلاء المركز من أصحاب الأسبقيات» او ما يسمى «المكررين» خصوصاً في قضايا الإيذاء والسرقة، مؤكداً أن «المركز يوفر الرحلات والملاعب والصالات الرياضية» نافياً أن «تكون الأحداث التي تقع في المركز نتيجة لتقصير بقدر ما هي أحداث تقع بين مراهقين».

مقرر لجنة العمل النيابية ورئيس اللجنة النائب علي الضلاعين، أوضح أن اللجنة بصدد تقديم استيضاحات لوزيرة التنمية الاجتماعية هالة لطوف حول الملابسات والوقائع التي جرت مؤخراً في بعض المراكز التابعة لوزارة التنمية، وتضم القائمة التي قدمها الضلاعين تساؤلاً عن كيفية دخول الشفرات والأدوات الحادة الى مركز أسامة، الأمر الذي أدى الى إصابة عدد من الأحداث فيها ودخولهم المستشفيات.

أعمال العنف تنتج، في الغالب، في مراكز الأحداث «لعدم توفير الشروط الصحيحة لعملية الإيواء من خلال عزل الأطفال المحكومين عن الموقوفين او عزل الفئات العمرية» على ما يؤكد الباحث الاجتماعي موسى شتيوي.

شتيوي يرى «أن واجب المراكز يكمن في رعاية واحتضان شريحة ربما تعرضت للتفكك الأسري خارج إرادتها». ويطالب أن يتم «فصل بين النزلاء والأطفال» وكذلك «توزيع الأطفال حسب نوع المشكلة»، فلا يجوز جمع «جنحة السرقة والجنايات وجنحة هتك العرض مع المخدرات».

حسب موظف سابق في المركز فضل عدم نشر اسمه، فإن المركز “وفر الإيواء، ولكن دون ايلاء اهتمام كاف بمعالجة السلوكيات التي جاءت على خلفيتها التطورات الدامية”.

حادثة مركز أسامة مشابهة لما وقع في مركز الخنساء للفتيات، قبل ترحيله من منطقة الزرقاء الجديدة منذ عامين، حيث وقعت ثلاثة أعمال شغب متتالية كانت في غالبها تعود الى الخلط بين أصحاب الجنح والجرائم.

وزارة التنمية أنهت قبل عامين إعداد مسودة قانون الأحداث، الذي لم يقر بعد من قبل مجلس النواب ، وقد رفع مشروع القانون سن المسؤولية الجزائية التي يحاسب الحدث خلالها من عمر سبع سنوات إلى 12 عاما.

مسودة القانون استبعدت مفهوم العقوبات السالبة للحدث، واستبدلت بها عقوبات غير سالبة للحرية ، وتتمثل في عدم وضع الحدث في المراكز بل توجيهه لخدمة مجتمعية كالخدمة في دار للمسنين أو دور رعاية أخرى، وذلك للمساعدة على تصويب سلوك الحدث وفتح المجال أمامه للتعلم وخدمة فئات أخرى.

شغب في مركز أحداث: الأنظمة القديمة لا تضمن التأهيل
 
28-May-2009
 
العدد 78