العدد 2 - أردني
 

أعيد فتح ملف قضية الرسوم الكرتونية المسيئة للرسول بعد سنة ونصف من توقيف الزميل جهاد المومني الذي تلقى حكماً بـ "وقف الملاحقة القانونية"، علماً أنه كان قد أوقف أسبوعين في إطار هذه القضية.

المومني، الموجود في كندا برفقة عائلته، يؤكد أنه "كان واثقاً من براءته وبحيادية القضاء الأردني". أضاف المومني لـ"السِّجل": "لم أفاجأ بالقرار بل بالعكس توقعت البراءة.عموماً هذا القرار يرضيني في المرحلة الحالية".

كانت محكمة بداية عمان أصدرت الأربعاء الماضي قراراً بوقف ملاحقة المومني، بعد أن فسخت الاستئناف لعدم الاختصاص قراراً عن محكمة "جزاء صلح عمان" يقضي بحبس المومني، العضو السابق في مجلس الأعيان، شهرين عن جنحة "إهانة الشعور الديني".

يجادل المومني بأن تلك "القضية حملت أبعاداً سياسية، عانيت أنا وعائلتي بسببها"، لكنه يستدرك أن "مجرد إغلاق ملفها قضائياً لن يكون كافياً بالنسبة لي". ويرى ان القضية "أحيطت بعدة أغلفة سياسية، وحملت أبعاداً اجتماعية خطيرة هددت حياتي وحياة أفراد عائلتي. وقد بلغ التهديد أشدّه في بداية القضية، ومن الطبيعي أن يتم تصحيح الخطأ الفاحش الذي ارتكب بحقي".

وبيّن المحامي محمد قطيشات، مدير وحدة المساعدة القانونية للإعلاميين في مركز حماية وحرية الصحفيين، بحسب بيان للمركز، أن قرار محكمة بداية جزاء عمان جاء متوافقاً مع القواعد العامة في قانون العقوبات، وراعى روح النص القانوني، ويعتبر قرارها بوقف ملاحقة المومني بمثابة رفض شكلي للدعوى الجزائية التي حركتها النيابة العامة ضده.

تعود جذور القضية إلى منتصف العام الماضي حين حرّك المدعي العام قضية ضد المومني ورئيس تحرير صحيفة "المحور" هاشم الخالدي بعد أن أعادت صحيفة "شيحان" الأسبوعية التي كان المومني يرأس تحريرها نشر الرسوم الإلكرتونية المسيئة للرسول بريشة رسام كاريكاتير دنماركي أثار زوبعة في العالم الإسلامي وأحرقت الإعلام الدنماركية واستدعي سفراء الدنمارك في عدد من الدول للاحتجاج على الرسوم. كما قاطع المستهلكون السلع الدنماركية في عدد من الدول وصدرت تهديدات بالعنف ضد الدنماركيين في دول إسلامية.

وقام ناشر صحيفة "شيحان" وقتها الدكتور رجائي المعشر، بفصل المومني عقب نشره الكاريكاتيرات، وسحب العدد الذي نشرت فيه الرسوم من الأسواق، وطباعة عدد جديد اعتذر فيه من قراء الصحيفة.

وطالب 24 عضواً في مجلس النواب (أغلبهم من التيار الإسلامي) بتطبيق الشريعة الإسلامية على الصحافيين الذين أقدموا على إعادة نشر الرسوم في صحفهم، وإقامة الحد الشرعي عليهم.

كما رفعت مذكرة نيابية طالب فيها الموقعون عليها ( 64 ) نائباً بتعديل المادة 273 من قانون العقوبات التي لا تعاقب المساس بالأنبياء بالسجن لمدة ثلاثة أشهر أو الغرامة عشرين ديناراً.

لتصبح: يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات كل من ثبتت جرأته بإطالة اللسان علناً على أصحاب الشرائع من الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، وعلى كل من أرسل مخطوطاً كتابياً أو إلكترونياً أو أيّ رسم أو صورة بشكل يؤدي إلى المساس بالأنبياء أو السخرية منهم أو أفرغ أو أعاد نشر ما تم ذكره بداية.

ويستذكر المومني عبر الهاتف "ما حدث في بداية القضية وفي ضوء البيانات الخطيرة التي صدرت بحقي، قام البعض من دعاة العنف والإرهابيين الذين يختبئون بيننا، في مجتمعنا، بالتقاطها واعتبارها هدراً لدمي ولدم أفراد عائلتي" ، ويضيف "على أثر عشرات المكالمات الهاتفية التي تلقتها زوجتي وأطفالي لجأنا إلى الخيار الأسوأ، وهو عدم إرسالهم إلى المدارس في المرحلة الأولى. ثم كان الخيار الأصعب وهو الرحيل. والآن تقيم زوجتي وأطفالي في كندا، وأنا أقيم في الأردن، بسبب إصراري على البقاء واثبات براءتي ورد اعتباري".

واعتبر المومني أن الإعلام العالمي أنصفه، بينما "ما يزال الإعلام العربي للآن يظلمني، والأردني بشكل خاص تغنّى بقرارات الفصل والإساءة لي في بداية القضية والآن يلتزم الصمت حيال صدور قرار لمصلحتي".

وّحولت نقابة الصحفيين الأردنيين كلاً من المومني والخالدي إلى المجلس التأديبي في النقابة مع تأكيد نقيب الصحفيين طارق المومني على رفض عقوبة الحبس في قضايا المطبوعات عموماً، واعتبر أن ما جرى من نشر للرسوم "مخالف لميثاق الشرف الصحفي ومخالف لقانون نقابة الصحفيين" لافتاً إلى أن خرق الميثاق أوالقانون يشكل "مخالفة مسلكية ونيلاً من شرف المهنة يستوجب المساءلة".

ويؤكد ميثاق الشرف الصحفي على "احترام الأديان السماوية وعدم المس بالأنبياء".

وأدان المجلس التأديبي الزميلين، لكن مجلس النقابة لم يصادق على قراره "ولا يصبح القرار نافذاً الا بمصادقة مجلس النقابة". بحسب ما أوضح نقيب الصحفيين لـ"السِّجل".

حول موقف النقابة يقول المومني إنها "لم تصادق على قرار فصلي المشين، لكنها انساقت وراء حملة ظالمة تم التخطيط لها في مكتب صغير يقع في المكتب الذي كنت أعمل به. وهذا هو المؤسف والمؤلم. ليس بيني وبين النقابة الآن أي سوء، كل ما في الأمر أنني أريدهم أن "يستفيقوا" وأن يضعوا الكلمة والدفاع عن الصحفيين نصب أعينهم".

بعد أن استذكر "العديد من الإساءات والتجريح الشخصي، وجميعها مسجلة واحتفظ لنفسي بملفات تملأ خزائن عن كل كلمة قيلت أو كتبت سواء على الفضائيات أو في الصحف أو المواقع الإلكترونية" لوّح المومني بأنه "سيكون لي الرد المناسب على كل هذه الاساءات وبالطريقة التي أراها مناسبة".

وحظيت قضية إعادة نشر الكاريكاتيرات المسيئة بتغطية إعلامية كبيرة،عربياً وعالمياً، فقد أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش بياناً قالت فيه "إن على الحكومة الأردنية ألا تتراجع عن إلتزامها بالاحترام الكامل لحرية التعبير"، في رصدها لقضية المومني وقضايا إعلامية أخرى.كما طالبت المنظمة العربية لحرية الصحافة بالإفراج عن المومني وحذرت مما اسمته " فرض قيود جديدة على حرية الصحافة في الأردن"، وأعلن موقع شفاف الشرق الأوسط عن تضامنه مع الصحفيين المعتقلين، أيّاً كانت أسباب الإعتقال.

كما تعرّض المومني شخصياً لحملة واسعة ضده في العديد من وسائل الإعلام، تضمنت إساءات وتجريحاً شخصياً.

وكان الأردن شهد في العام 1999 قضية تكفير مشابهة، ضد الشاعر المعروف موسى الحوامدة بعد نشره لمجموعته الشعرية الثالثة "شجري أعلى" عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، التي أثارت عليه سخط متطرفين الذين هدروا دمه ثم صودر الديوان من قبل وزارة الإعلام الأردنية في شهر آذار 2000. وقدّم للمحكمة الشرعية في شهر أيار من العام نفسه، وحوكم أمام المحاكم الشرعية خمس مرات حيث كانت محكمة الاستئناف ترفض رد الدعوى، ولما فرغت المحاكم الشرعية أواخر عام 2001 من القضية رفعت وزارة الإعلام، ممثلة بدائرة المطبوعات والنشر، قضية جديدة ضده في محكمة بداية جزاء عمان وبعد عدة أشهر وفي نهاية شهر تموز عام 2002 أصدرت المحكمة قراراً ببراءته من تهمة تحقير الأديان ومخالفة قانون المطبوعات لكن النائب العام استأنف الحكم ضده، وأعيدت محاكمته حتى حكم عليه بتاريخ 5/8 /2003 بالحبس لمدة خمسة أشهر لم تنفذ لغاية اليوم.

رئيس التحرير شيحان السابق:" تصحيح الخطأ الفاحش ليس كافياً.." – السجل خاص
 
15-Nov-2007
 
العدد 2