العدد 77 - حريات
 

دلال سلامة

يتساءل طلاب في الجامعة الأردنية إن كانت محاولة الجامعة منع معرض لإحياء ذكرى النكبة نظمته مجموعة من طلاب كلية الهندسة يوم الرابع عشر من أيار/ مايو الجاري، تنسجم مع تصريحات كان رئيس الجامعة خالد الكركي أطلقها في أيلول/سبتمبر 2008، عندما قال لحشد من الطلبة في كلمة وُصفت حينها بـ«الثورية»: «كونوا أحرارا نجحتم أو لم تنجحوا، المهم أن لا تكونوا عبيداً»، وهي الكلمة التي أعلن فيها قرارَ الجامعة إلغاء تعيين أعضاء مجالس الطلبة.

كان طلبة في كلية الهندسة قالوا إن أفراداً من الأمن الجامعي، ألغوا مهرجانا خطابيا، وحاولوا إلغاء معرض للصور أقيم في ذكرى النكبة، وذلك رغم حصولهم على الموافقة الرسمية. الأمر الذي يعلّق عليه ممثل كلية الهندسة في اتحاد الطلبة ليث الشريدة: «نسمع تصريحات المسؤولين عن الحريات الطلابية، وسياسة الباب المفتوح، وعند الوضع على المحك، كل ما نسمعه هو صوت إغلاق هذا الباب في وجوهنا».

نائب رئيس الجامعة للشؤون الإدارية والمالية بشير الزعبي، الذي كان يومها رئيسا للجامعة بالوكالة بسبب غياب الرئيس في العقبة، نفى أن يكون للجامعة أي اعتراض على إقامة المعرض. «الاعتراض كان على تجاوز القانون من قبل الطلاب». يضيف الزعبي: «لإقامة أي فعالية، على لجنة الكلية التقدم بالحصول على موافقة كل من الهيئة التنفيذية في اتحاد الطلبة، وعمادة شؤون الطلبة، والرئاسة. الطلبة تجاوزوا كل هذه الجهات، واكتفوا بموافقة عمادة كلية الهندسة». وهو ما يوافقه عليه ممثل التيار الإسلامي في اتحاد الطلبة رشاد يوسف. يوسف الذي يؤكد حقَّ أي اتجاه في إقامة أي فعالية، شدد في الوقت نفسه على ضرورة الالتزام بالقانون، وقال إن «الطلب كان يجب أن يُعرض على الهيئة التنفيذية للاتحاد».

لكن الشريدة يقول إن الطلبة التزموا بالقانون. «عندما تكون الفعالية المنوى إقامتها مقتصرة على الكلية، فإن الموافقة الوحيدة المطلوبة هي موافقة عمادة الكلية، وهذه حصلنا عليها».

مساعد عميد كلية الهندسة للشؤون الطلابية علي مطر، يؤكد ما جاء به بشير، ويقول إنه تقدم باستقالته احتجاجاً على ما حدث، لكن العميد رفضها. «تصرف الطلاب كان قانونياً مئة بالمئة، والجامعة غير محقة في الطريقة التي تعاطت بها معهم»، يقول مطر.

معن عقرباوي، كان من الطلبة المنظمين للمعرض. «الساعة السابعة صباحا من يوم العرض، كان هناك أكثر من 16 فرداً من الأمن الجامعي، أبلغونا أن قراراً صدر بإلغاء المعرض، سألناهم عن الجهة التي قامت بالإلغاء، فقال موظف في شؤون الطلبة يُدعى (أبو قيس): خالد الكركي بيسلّم عليكم وبيقول إلكم ضبّوا أغراضكم».

ما حدث سبّب حالة من الاحتقان، وبحسب عقرباوي، فإن أكثر من 150 طالباً امتنعوا عن دخول محاضراتهم، وتجمعوا في منطقة المعرض، رافضين محاولة الأمن الجامعي إغلاقه.

حركة «ذبحتونا» أصدرت بياناً استنكرت فيه الطريقة التي تعاطت بها الجامعة مع الأمر، ووصفتها بـ«العرفية»، وبأنها جاءت «استجابةً لضغوطات الأجهزة الأمنية، ودليلاً صارخاً آخر على تدخلات هذه الأجهزة في تفاصيل الشأن الطلابي كافة».

المنسق العام للحملة، فاخر دعاس، قال في تصريح لـ«ے» إن السبب قد يكون «النفَس المقاوم في المعرض الذي ركز على روح المقاومة، ولم يأتِ بالصيغة التقليدية لاحتفاليات النكبة، التي تركز على البكائيات والندب». وهو ما أكده الأستاذ في كلية الهندسة سليمان الطراونة: «وصلني أن مسؤولين في الجامعة تحفظوا على الكلمات التي كانت ستُلقى في المهرجان، على اعتبار أنها ربما ستهيّج الطلبة، بخاصة أن الذكرى كانت بالتزامن مع زيارة نتنياهو إلى المملكة».

من ناحية أخرى، هناك من يعتقد أن الإسلاميين الذين يشكلون أغلبية في اتحاد الطلبة، ربما كانوا وراء ما حدث.

مطر، رفض تسمية أي اتجاه، لكنه قال: «هناك اتجاه معين يميل إلى أن يكون مسيطرا على الساحة، ويستفزه أن يقوم أصحاب الاتجاهات الفكرية الأخرى بفعاليات، لهذا يعمد إلى سياسة التهميش، هؤلاء ربما أقنعوا الجهات المعنية بأن فعالية كهذه ربما تقود إلى صدامات بين الطلاب».

عقرباوي، قال إنهم حرصوا على الاستقلال عن الاتحاد عند تنظيم الفعالية. «كان من حقنا الحصول على تمويل، لكننا اخترنا تحمل كامل التكاليف، لأننا كنّا نعرف أنهم مقابل التمويل كانوا سيصبغون المعرض بطابعهم السياسي، ربما كانوا سيفرضون علينا تعليق صورة أحمد ياسين أو حسن البنا مثلا».

الطلبة يستشهدون بالعلاقة الطيبة التي تربط الإسلاميين في الاتحاد بإدارة الجامعة، وهي علاقة يقول الشريدة إنها جاءت نتيجة تخوف الجامعة من نفوذ الإسلاميين في الساحة الطلابية. ويدلل عقرباوي على وجود تنسيق بين الطرفين بقوله: «عندما كان قرار إلغاء تعيين الطلاب في مجالس الطلبة مجرد إشاعة لم تذكرها حتى الصحف، أدخل الإسلاميون إلى الجامعة أكثر من 50 سدر كنافة ووزعوها على الطلبة حلوان إلغاء قرار التعيين».

يوسف، ينفي تماماً أن يتبع الإسلاميون سياسة إقصاء الآخرين. «لا صحة أبدا للإشاعات التي قالت إن للإسلاميين دورا في إثارة الفتنة. نحن مستعدون للتعاون مع الجميع، لكن ضمن القانون».

الطلاب نجحوا أخيراً في إقامة المعرض. أما المهرجان الخطابي الذي كان مقررا في مدرج سعيد المفتي، فقد أقيم، بشكل مختصر، في ساحة كلية الهندسة، لكن الصدام الذي يقول الطلاب إنه كان غير مبرر مع إدارة الجامعة، خلّف شرخاً كبيراً في العلاقة بين الطرفين، وهو كما تقول لينا مشعل، إحدى المشاركات في تنظيم الفعالية، «شكّل خيبة أمل كبيرة في صفوف الطلاب، وأحبط معنوياتهم».

مطر، يؤكد أن الجامعة ليست فقط مكانا لتلقي العلم النظري، بل هي مكان لتكوين شخصية الطالب. «القمع يحوّل الطلاب إلى وحوش، والطالب المقموع سيعبّر عن نفسه بطريقة عنيفة، وهذا واحد من الأسباب الأساسية لظاهرة العنف في الجامعات»، يقول مطر مضيفاً: «على الجامعة أن تغيّر في تعاملها مع الطلاب، عليها أن تتخلى عن التنظير. يقولون إنهم يريدون حريات طلابية، لكنهم عند الممارسة الفعلية يتراجعون».

رغم نيل المنظمين موافقة رسمية “الأردنية” تلغي معرضاً طلاّبياً لإحياء ذكرى النكبة
 
21-May-2009
 
العدد 77