العدد 11 - اقتصادي
 


جمانة سليمان

تتفاوت وجهات نظر نواب ومسؤولين سابقين، حيال مدى مواءمة الزيادات الحكومية المقترحة، مع القفزات المالية التي ستترتب على نفقات الأسر، بعد رفع الدعم عن المشتقات النفطية، أما الحكومة، فتبدو راضية عن هذه المعادلة.

رئيس اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس النواب، خليل عطية، يرى أن «زيادات الموظفين لا تكفي لتغطية آثار رفع الدعم عن المشتقات النفطية»، لكنه يستدرك أن «ترشيد الاستهلاك حكومياً وشعبياً سيساعد على تحمل ارتفاع الأسعار المتوقع». عطية، يؤكد أن اللجنة سعت «للتفاوض مع الحكومة لتحقيق أفضل النتائج للأفراد». إذ نجحت في «رفع الزيادات من 30 و35 ديناراً إلى 45 و50 ديناراً بعد أن تنازلت عن موقفها الأولي برفعها إلى 55 و60 ديناراً شهرياً».

ويحذّر عطية من «خطورة الموقف والمرحلة» داعياً «الجميع حكومة وتجاراً وقطاعاً خاصاً إلى التعاون من أجل تجاوزها».

وزير التخطيط والتعاون الدولي السابق، تيسير الصمادي، يتوقع أن تغطي الزيادات متوالية الدمينو في أسعار السلع والخدمات. ويذهب الصمادي إلى التأكيد «أن رفع الدعم الآن يصب مستقبلاً في مصلحة المواطن، لا سيما وأن حالة الركود التي يمر بها الاقتصاد الأميركي تدفع باتجاه تخفيض أسعار النفط عالمياً». انخفض برميل النفط إلى أقل من 90 دولاراً في تعاملات منتصف الأسبوع بعد أن لامس حدود ال 100 دولار أواخر العام الماضي.

على أن الصمادي، الذي يعتبر سياسة الدعم تشوهاً اقتصادياً، يطالب الحكومة «بإيجاد آلية تعويض تحفظ كرامة المواطنين». ويرى بأن «آلية التعويض التي اتبعتها الحكومة في العام 2006 شابها بعض التشوهات ونقاط الضعف وانتهكت كرامة الأفراد». في المقابل، يصر الصمادي، على أن التخلص من جميع أشكال الدعم مصلحة وطنية تنعكس على الاستقرار النقدي.

وهو يتوقع أن تتجاوز معدلات التضخم خلال 2008 معدل 9 بالمئة التي أعلنها وزير المالية حمد الكساسبة خلال خطاب الموازنة.

نائب رئيس الوزراء الأسبق، محمد الحلايقة، يرى أن قيمة الزيادات “بالمطلق جيدة وستسهم في تخفيف الألم إلى حد كبير، لكنها لن تحل مشاكل الموظفين”. ويؤكد الحلايقة “أن المشكلة تكمن في أن معدلات الدخول متدنية ولم تتحسن خلال السنوات الماضية رغم الزيادات القليلة عليها بين فترة وأخرى للتخفيف من آثار ارتفاع أسعار المحروقات”. لكن المسؤول السابق، لا يغفل الجهد الذي بذلته لجنة مجلس النواب المالية والاقتصادية، واستجابة الحكومة لعدد من مطالبها، مشيراً إلى أن “اللجنة طلبت أقصى ما يمكن من الحكومة في ظل الضغوط الشعبية وتلمسها لاحتياجات المواطنين”. في المقابل كانت “استجابة الحكومة جيدة في ظل الظروف المالية العامة لموازنتها”.

التضخم في الأردن، من وجهة نظر الحلايقة، مرده ارتفاع أسعار النفط عالمياً وارتفاع أسعار السلع، غالبيتها مستوردة. على أنه يرى أن هذه “المعطيات متذبذبة لذا لا يمكن اعتماد معدل 9 بالمئة للتضخم طوال عام كامل”.

ويتوقع الحلايقة “مراوحة معدل التضخم بين 10 و12 بالمئة خلال العام الحالي”، كما “يقترح تحديد 3 أو 4 قياسات للتضخم بناء على شرائح الدخول” معللاً ذلك “باختلاف سلة المستهلك تبعاً لقيمة دخله”. بلغ معدل التضخم مقاساً بالتغيّر النسبي في الرقم القياسي لأسعار المستهلك 5.5 بالمئة خلال التسعة أشهر الأولى من العام 2007 مقابل 6.3 و 3.5 بالمئة لعامي 2006 و2005 على التوالي. ولا ينكر الحلايقة صعوبة المرحلة على الجميع، حكومة وشعباً، داعياً إلى “تفهم القرارات الحكومية المتعلقة برفع الدعم”. ويشير في الوقت نفسه إلى “حزمة إجراءات اتخذتها الحكومة لتخفيف الأثر على مستوى معيشة المواطن ضمن الإمكانيات المتاحة لديها، أهمها إعفاء سلع أساسية من الضريبة والجمارك وتحسين الرواتب ومخصصات المعونة الوطنية”.

ويؤكد الحلايقة، الذي حمل سابقاً حقيبة الصناعة والتجارة، أن “لاقتصاد السوق الحر ضوابط وأدوات للتحكم فيه منها قانونا حماية الإنتاج الوطني، والمنافسة. كذلك تساهم المادة 7 من قانون الصناعة والتجارة في ضبط الأسعار”.

ويقترح العودة إلى قطاع الزراعة، الذي بات يشكل 3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، كحل حقيقي لمشاكل المملكة الاقتصادية.

وزير المالية، حمد الكساسبة، يؤكد أن “مقدار الزيادة على رواتب العاملين والمتقاعدين في أجهزة الدولة تتراوح بين 45 و50 ديناراً ستحسب على الراتب الأساسي والإجمالي. ويقدر الوزير حجم  التعويض المقدم للعاملين في القطاع الخاص بين 15 و25 ديناراً لمرة واحدة.

وبيّن الكساسبة، أن الحكومة قدمت للجنة المالية، خطة لتخفيض نفقاتها الرأسمالية، بمقدار 70 مليوناً، مصادر وزارة المالية، تنتقد هذا التخفيض، لأنه يخص “بند النفقات الطارئة”. وترى هذه المصادر أن اختيار هذا البند قد يوقع “الحكومة في أزمات على غرار تعويضات الصقيع الذي لم يكن بالحسبان”. يعمل 340 ألف موظف في الوزارات والدوائر الحكومية والمؤسسات العامة المستقلة والأجهزة العسكرية، وهم يعيلون حوالي مليون ونصف المليون مواطن.

ويصل عدد المتقاعدين من الجهازين المدني والعسكري (الأصلاء والورثة) 225 ألف متقاعد يعيلون/ يمثلون حوالي 900 ألف فرد.

تعويضات العاملين لحسابهم في القطاع الخاص، التي خصص لها 40 مليون دينار، بحسب الوزير، ستعتمد آلية التعويض التي اتبعتها الحكومة السابقة حين رفعت أسعار الوقود. وستعاود الحكومة “تقديم هذه المبالغ هذا العام في حال كانت معدلات أسعار المحروقات مقاربة لمثيلتها الآن”.

اللجنة المالية في مجلس النواب، تدعو الحكومة في تقريرها إلى اتخاذ عدة تدابير وإجراءات اقتصادية حاسمة للحد من ارتفاع معدل التضخم وضمان استقرار معدل النمو الاقتصادي بالأسعار الحقيقية ضمن مستويات مقبولة.

الخبير الاقتصادي، هاني الخليلي، يقدم مقترحين للخروج من الأزمة: «إعادة النظر بسياسة ربط الدينار بالدولار من خلال إعادة تقييم قيمة الدينار مقابل الدولار ليصبح على سبيل المثال 65 قرشاً بدلاً من 71 قرشاً، وإطلاق استراتيجة للتجارة وبالتالي تنامى عجز الموازنة المقدر بـ 9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي قبل المنح لهذا العام».

ويستبعد الخليلي، أن «تتساوى الزيادات التي تقدّمها الحكومة مع الالتزامات التي تترتب على دخول الأفراد.

**

آلية تعويض الأفراد العاملين لحسابهم

 وتقسم آلية تعويض الأسر الفقيرة إلى ثلاث فئات. الأولى تتلقى دعما نقديا مقداره 25 دينارا لكل فرد تقل حصته من دخل الأسرة عن 400 دينار سنويا، على أن لا تتجاوز قيمة التعويض للأسرة الواحدة ضمن هذه الشريحة 150 دينارا. أما الثانية فتحصل على 15 دينارا لكل فرد تتراوح حصته من دخل الأسرة بين 400 دينار و 800 دينار سنويا، على أن لا يتجاوز قيمة التعويض للأسرة الواحدة ضمن هذه الشريحة 90 دينارا.

الفئة الثالثة تنال 10 دنانير لكل فرد تتراوح حصته من دخل الأسرة بين 801 دينار ولغاية 1000 دينار سنويا، على أن لا يتجاوز قيمة التعويض للأسرة الواحدة ضمن هذه الشريحة 60 دينارا.

 

جدل حول أثر زيادة الرواتب في حماية الأسر من الفقر
 
24-Jan-2008
 
العدد 11