العدد 76 - الملف
 

ليلى سليمعرفت المفرق قديما باسم الفدين، وهي تصغير لكلمة فدن التي تعني القلعة أو القصر المشيد. والاسم منسوب إلى بناء قائم في الجزء الغربي من المدينة، ما زالت آثاره باقية حتى الآن، ويعتقد أن تاريخ هذا البناء يعود إلى القرن التاسع قبل الميلاد، ويروي إبراهيم الخياري، وهو رحالة عاش في القرن السابع عشر، أن المنطقة التي كانت طريقا أساسية يسلكها الحجاج الشاميون، أن هؤلاء الحجاج “من أهل القرى كطرابلس ونابلس، ومن وصل إلى الحج من أهل البلقاء والزرقاء كانوا يتفرقون منها إلى أوطانهم”.

تغير اسمها في العهد التركي إلى المفرق، لوقوعها على مفترق طرق دولية، فهي تربط الأردن بالعراق من خلال مركز حدود الكرامة، وتربطها بسوريا من خلال مركز حدود جابر، كما أن لها حدودا مشتركة مع السعودية من جهتي الجنوب والشرق.

في كتابه “المفرق تاريخ صحراوي”، يروي فايز محمود أنه في ثلاثينيات القرن الماضي لجأت إلى شرقي الأردن مجموعة كبيرة من المجاهدين المغاربة الفارين من بطش الاستعمار، وكان على رأسهم علي باشا عابدية. وقد أوصى الملك السنوسي الأمير عبد الله بعابدية، فطلب منه الأمير أن يختار لسكنه أي منطقة يراها مناسبة، فاختار ومن معه المفرق، التي لم يكن فيها آنذاك سوى مبنى السكة الحديد. سكن هؤلاء المنطقة التي هي موضع السوق في الوقت الحالي، وبنوا المنازل واشتغلوا في الزراعة والتجارة إلى أن ازدهرت المدينة، وهو ازدهار ساعدت عليه مجموعة من العوامل، هي الموقع المتوسط للمدينة، وخط التابلاين الذي يمرّ من وسطها، وكان يربط العراق بميناء حيفا، إضافة إلى وجود محطة سكة حديد الحجاز فيها، وفي العام 1947 كان علي باشا عابدية أول من يشغل منصب رئيس بلدية المفرق.

بعد استقلال ليبيا عاد معظم هؤلاء إلى أوطانهم. محمود يقول إن المغاربة الذين كانت غالبيتهم من الليبيين، ضمّوا أيضا جزائريين وتونسيين ومغاربة، ويعدد في كتابه أشهر هذه العائلات وهي: عابدية، والشريف، والأوجلي، والأدهم، وأبو رمان، وجبرين، والبرماوي، والنجار، والمغربي.

كمال الشريف، أحد أحفاد هؤلاء المهاجرين، يروي القصة من زاوية أخرى، فبحسبه، جاء والد جده، الحاج حسين إعمر الشريف، مع زوجته من الجزائر العام 1922 هربا من ملاحقة المستعمرين الجزائريين للمجاهدين، وأقاما فترة من الزمن في مبنى القلعة، ثم أخذا قطعة أرض مقابل السكة وأقاما هناك، حيث اتصل الشريف بأبناء عمومته الذين جاؤوا وقدموا طلبا للأمير عبد الله، طالبين أن يمنحهم أراضي يزرعونها فلبّى طلبهم، “ظلت زوجة جدّي، لفترة طويلة، الأنثى الوحيدة المقيمة في المفرق، فلم يكن في المنطقة آنذاك سوى معسكرات الجنود الإنجليز، ومطار المفرق العسكري، ومبنى السكة الحديد، وجميع من فيها كانوا رجالا. المرأة الثانية التي سكنت المفرق كانت زوجة مدير محطة السكة الحديد؛ امرأة تركية اسمها فاطمة، كانت تعمل قابلة، وعلى يدها ولد كثير من أطفال المهاجرين”.

والد كمال، كان عضوا في المجلس البلدي الذي كان يرأسه عابدية، حيث خدم في البلدية من العام 1949 إلى العام 1979. ويقول كمال إنه وعائلته لم تنقطع علاقاتهم مع أقاربهم في الجزائر “جاء أجدادي من بلدة في الجزائر اسمها (تيزي وزو)، وأولاد أعمامي وأخوالي يقيمون هناك، ونحن نتزاور بشكل دائم.

.. جمعت الشامي مع المغربي
 
14-May-2009
 
العدد 76