العدد 75 - حتى باب الدار
 

أول لقاء لي في بلدتنا مع النساء المدنيات كان لقاء متخيلاً، لكنه كان متكررا في كل عرس حضرته نهاية الستينيات وبداية السبعينيات من القرن الماضي في الرمثا، وكان لقاءً جماعياً يوفره لنا الفنان الشعبي المونولوجيست علي الصويتي، في نمرته التي كان يكررها في الأعراس بناء على طلب الجمهور وعنوانها «حوار بين فلاحة ومدنية»، وكنا نتحمس له وخاصة عندما كان يصل إلى المقطع الذي يقول: «مدنيات ع السينمات مثل أسراب الطائرات»، وكان المونولوجيست علي يرافق هذا المقطع بالحركات المناسبة.

الغريب أننا لم نكن لذلك التاريخ قد رأينا أسراب طائرات على الإطلاق، وهو ما كان يُضعف الصورة الفنية، ويقلل من قيمة التشبيه، لكننا مع ذلك كنا ننفعل مع الغناء وكأننا على دراية دقيقة بالمشبه والمشبه به. بعد عشرين عاماً وعندما جئت إلى عمان سعيت لكي أرى المدنيات، لعلّي، على الأقل، أعرف كيف تكون أسراب الطائرات.

كانت أسهل طريقة هي مراقبة أبواب السينمات، حيث يمكن رؤية النساء الداخلات فتكون أسراب الطائرات مثلهن. وسرعان ما لاحظت أن ليس كل السينمات ترتادها النساء المدنيات، مع أن خبراء المدن يقولون إن ارتياد المسارح ودور السينما من قبل النساء إلى جانب الرجال يعد من مظاهر التمدن، لكن ما لاحظته أن هناك عدداً قليلاً من السينمات يرتادها عدد محدود من النساء، مما قد يشير إلى ندرة أسراب الطائرات في عمان. لكن سيوجد من سيجادل محقاً بأن هناك عشرات ألوف النساء لا يمكن رؤيتهن على أبواب السينمات، كما أنهن لا يشبهن أسراب الطائرات، وبالتالي فإنهن لسن مدنيات، على الأقل لأن الفنان علي كان يشترط في المدنيات كي يصبحن مثل أسراب الطائرات أن يكن على أبواب السينمات، وهو هنا بالطبع كان يتفق مع خبراء المدن والتمدن المشار اليهم أعلاه.

مدنيّات عَ السينمات
 
07-May-2009
 
العدد 75