العدد 75 - أردني
 

ثمين الخيطان

بينما تستعد بطريركية القدس للاتين للإعلان عن تدشين أولى جامعاتها في الأردن على يد البابا بندكتس السادس عشر، يبقى في أدراج مجلس التعليم العالي طلبان لترخيص جامعات مماثلة، كانت قدمتهما هيئة إنجيلية وجمعية أرثوذكسية، فيما يتساءل ناشطون مسيحيون وأساتذة جامعات عن المعايير الحكومية في منح ترخيص الجامعات.

الجامعة الجديدة ستكون الأولى التابعة لهيئة مسيحية في الأردن، بعد أن كانت الحكومة قد ردت طلب جمعية الثقافة والتعليم الأرثوذكسية ترخيص جامعة في عمان قبل نحو سنتين، ورفضت اعتماد الشهادات الجامعية التي تصدرها الهيئة الإنجيلية الثقافية منذ أكثر من عشرة أعوام.

البطريركية اللاتينية ستعلن رسميا عن مشروعها بالتزامن مع ثالث زيارة بابوية للمملكة، حيث سيضع بندكتس السادس عشر السبت (9 أيار/مايو) حجر الأساس لجامعة مادبا، التي تتوقع إدارتها استقبال الطلاب في النصف الثاني من 2010.

البابا السابق يوحنا بولس الثاني، كان تبرع للبطريركية بنحو خمسة ملايين دينار للبدء بالمشروع حين زار الأردن العام 2000، على أن تمنح الفاتيكان عشرة ملايين أخرى على دفعتين خلال ثلاث سنوات، بحسب مصدر في البطريركية طلب عدم الكشف عن هويته.

تقدر مطرانية اللاتين في عمان التابعة لبطريركية القدس، الموازنة الكلية لبناء الجامعة بحوالي 50 مليون دينار، متوقعة الحصول على المبلغ المتبقي عبر قروض من بنوك محلية.

مساعد مطران اللاتين الأب وسام منصور، قال إن الجامعة ستبنى على مساحة 500 دونم على طريق مادبا – ذيبان، بسبع كليات يدرس فيها 800 طالب موزعين على 34 تخصصاً. وتضم كليات للهندسة، الأعمال، تكنولوجيا المعلومات، اللغات والفنون والتصميم.

«الكنيسة ملتزمة بخدمة الإنسان في طبيعته الجسدية وليس فقط الروحية»، قال منصور لـ«ے»، منتقدا ما وصفه بـ«التعليم التجاري» الذي اعتبر أنه أصبح سائدا في الأردن في الفترة الأخيرة.

بينما تدرس مدارس البطريركية الدين المسيحي في الأردن وفلسطين منذ أكثر من 150 عاما، لن يدرج اللاهوت على أجندة الجامعة الجديدة، لعدم الحاجة إلى هذا التخصص في سوق العمل، حسبما أفاد الأب منصور.

«عدد الراغبين في دراسة اللاهوت قليل»، قال منصور لـ«ے»، مضيفا أن معاهد تدريب عائدة للبطريركية، تمنح دبلوم اللاهوت لمدرسي الدين المسيحي في المملكة، إذ رغم عدم اعتماد الشهادة رسمياً، إلا أنها تزيد من دخل حامليها من المعلمين.

وأوضح أن من يرغب في أن يصبح كاهناً أو راهباً، فإنه يخضع لدراسة و«نمط حياة خاصاً» في معاهد وأديرة البطريركية في فلسطين، منوهاً إلى أن عدد هؤلاء لا يتجاوز واحداً أو اثنين سنويا في الأردن، حيث هناك نحو200 ألف مسيحي يشكلون نحو 4 في المئة من عدد السكان ويمثلهم تسعة أعضاء من أصل 110 نواب في البرلمان.

تقع كنيستا الروم الكاثوليك واللاتين في الأردن تحت مظلة الفاتيكان، إذ يقدر رجال الدين عدد أتباعها بزهاء 70 ألف شخص، فيما تؤكد مصادر مستقلة أن هذا العدد لا يتجاوز 30 ألفا، وسط غياب الإحصائيات الرسمية.

جمعية الثقافة والتعليم الأرثوذكسية كانت تنوي تشييد «الجامعة الوطنية الأرثوذكسية» كامتداد للمدرسة التي تحمل الاسم نفسه في ضاحية الشميساني في العاصمة، إلا أن مجلس التعليم العالي رفض الطلب لأن النية الحكومية كانت تتجه لإنشاء الجامعات خارج العاصمة، بحسب عضو الجمعية إبراهيم قاقيش.

أراد الأرثوذكس أن يفتتحوا كليات من بينها الآداب، التكنولوجيا والأعمال، ولاحقا كلية للاهوت الأرثوذكسي، كما شرح قاقيش الذي كان مسؤولا عن ملف الجامعة.

في السياق ذاته، لم يوافق مجلس التعليم العالي على منح الاعتماد للهيئة الإنجيلية الثقافية التي تمنح شهادات دبلوم، بكالوريوس، وماجستير في دراسات تتعلق بالدين المسيحي والإنجيل، في خطوة أرجعها ناشطون مسيحيون إلى عدم الاعتراف الرسمي بالطوائف الإنجيلية المتجددة، المسجلة كـ«جمعيات» ومنها كنيسة المسيح، جماعات الله، والكنيسة المعمدانية.

أمين سر مجلس التعليم العالي شادي مساعدة، اكتفى بالقول إن الإنجيليين والأرثوذكس لم يحصلوا على ترخيص لأن «هنالك شروطاً له وهم لم يحققوا هذه الشروط».

باسم الطويسي، أستاذ الإعلام والدراسات الاستراتيجية في جامعة الحسين بن طلال، يعتقد أن أهدافا سياسية تكمن وراء عدم اعتماد الشهادات التي تصدرها الهيئة، إذ يسود اعتقاد بأن علاقة ما تربط المتجددين بتيار اليمين المحافظ المعادي للعرب في الولايات المتحدة.

«نشاط الإنجيليين في السنوات الثماني الماضية كان سياسياً، ومرتبطاً بإدارة جورج بوش في واشنطن، وبالمسيحية المتصهينة»، قال الطويسي لـ«السجل»، معربا عن اعتقاده بأن القرار الأردني غير نابع من منطلق ديني، بل سياسي.

«هي حالة سياسية ترد على حالة سياسية، وهذا حق للأردن»، أضاف الطويسي.

الناشط المعمداني فيليب مدانات يخالف الطويسي الرأي، موضحا أن ليس كل اليمين المتطرف في الولايات المتحدة معادياً للعرب. «حتى في إدارة بوش المحافظة كان هنالك من يؤيدون الحقوق العربية»، أضاف مدانات، الذي أشار إلى نحو 40 قساً إنجيلياً في الولايات المتحدة،وجهوا رسالة إلى الرئيس الأميركي السابق معارضين حربه على العراق.

مدانات، يعتقد أن نيل اعتماد «بالنسبة للإنجيليين قد يكون أصعب لأنها ليست مرخصة»، منتقدا ما وصفه بـ«سذاجة» تخاطب القادة الإنجيليين مع الدولة، وعدم فهمهم لما سماه «السياق السياسي والاجتماعي» للأردن.

«يبدو أن الكاثوليك قادرون على التعامل والتماهي مع الدولة أكثر»، قال مدانات لـ«السجل» موضحا أن «العلاقات القوية» بين الأردن والفاتيكان، ساهمت في الإسراع بالموافقة على ترخيص جامعة مادبا.

وزير الداخلية الأسبق سمير الحباشنة ، كان على رأس وزارة للثقافة، حين منحت الهيئة الإنجيلية ترخيصاً كجمعية ثقافية في 1995، ورعى بعد ذلك حفل تخريج أحد أفواجها.

«لا أرى مانعاً من ترخيصهم ما دام الأمر تحت رقابة وزارة التعليم العالي... نحن بلد منفتح»، قال الحباشنة في اتصال هاتفي مع «ے»، مشددا على ضرورة أن «تقف الدولة على مسافة واحدة من جميع الطوائف»، دون تدخل في الخلافات الداخلية بين تلك الكنائس.

بطريركية اللاتين تستعد لتدشين أولى جامعاتها
 
07-May-2009
 
العدد 75