العدد 74 - الملف
 

ابراهيم قبيلات

أبو محمد عاصم بن محمد بن طاهر البرقاوي، المعروف بـ«أبو محمد المقدسي»، قضى معظم شبابه خلف القضبان، ذلك أنه يعد مُنَظِّر السلفية الجهادية التي بدأ أبو مصعب الزرقاوي أحد أتباعها. لكن ذلك لم يستمر طويلا قبل أن ينقلب الزرقاوي عليه وينتزع منه القيادة داخل أحد السجون الأردنية.

المقدسي، في عقده السادس، مارس أدوارا مؤثرة في توجيه أتباع التيار التكفيري، ومنحهم في البدء التبرير الديني والفقهي للقيام بأعمال العنف الأصولي ضد حكومات الدول الإسلامية، كما أبدى مساندة قوية للجماعات العسكرية الأصولية.

تعود جذوره إلى قرية برقة من أعمال نابلس في الضفة الغربية. تركها طفلا مع عائلته، متوجها إلى الكويت، حيث مكث فيها وأكمل دراسته الثانوية. ثم درس العلوم في جامعة الموصل شمالي العراق تحت إلحاح والده. وهناك تيسرّ له الاتصال بالعديد من الجماعات والحركات الأصولية.

في العام 2004، برأته محكمة أمن الدولة في قضية عرفت بتفجيرات الألفية. المرّة الوحيدة التي حكم عليه فيها كانت قضية «بيعة الإمام»، مع مجموعة من السلفية الجهادية من أبرزهم أبو مصعب الزرقاوي، وعمر محمود محمد عثمان (أبو قتادة) المحتجز في بريطانيا.

إلا أنه ظل محتجزا احترازيا في سجن المخابرات العاّمة، حتى العام 2008، حين أخليت ساحته مقابل ابتعاده عن الإعلام والتنظير السلفي، على ما ذكر في حينه. وراجت تكهنات آنذاك بوجود صفقة وراء إخلاء سبيله، إلا أن المخابرات العامة جددت توقيفه بعد عشرة أيام من الإفراج عنه. ويعد المقدسي المرجعية الروحية لعشرات التنظيمات المتشددة، بما في ذلك تنظيم القاعدة. وبحسب خبراء في شؤون الجماعات المتشددة.

التقى المقدسي الزرقاوي لأول مرة في أفغانستان العام 1989. وعندما توجها للأردن، دخلا السجن العام 1994.

طبيعة الزرقاوي القاسية إبان وجوده في السجون الأردنية؛ كانت الطريق الأسهل لانتزاع الولاية من المقدسي. فقد أرجع موقع أسلام أون لاين سيطرة الزرقاوي على أتباعه من المساجين وانتزاعه للولاية إلى أنه «الأقرب في طبيعته النفسية القاسية والحادّة إلى أبناء الحركة من المقدسي، الأميل إلى الدرس والخطابة والمطالعة؛ ولعل هذا الفارق الشاسع بين الشخصين كان البداية في شقِّ العلاقة بينهما؛ إذ عزل أفراد الحركة داخل السجن المقدسي عن الإمارة وعينوا الزرقاوي بدلاً منه. واعتبروا المقدسي معلّمًا ومرشدًا فكريًا، لكن خارج القيادة الحركية».

إلا أن سفر المقدسي إلى باكستان وأفغانستان مراراً، أتاح له فرصة التعرف على جماعات عديدة من أنحاء العالم الإسلامي، ومهد الطريق أمامه للمشاركة في بعض الأنشطة التدريسيّة والدعوية هناك.. ما ساعد على صدور أوّل طبعة من كتاب «ملّة إبراهيم» الذي وضعه في تلك الفترة. كما كانت له جولات ومواجهات مع بعض الغلاة تمخّضت عن بعض المصنّفات لعل من أهمها «الرسالة الثلاثينية في التحذير من الغلو في التكفير».

ونسب موقع «الشرق الأوسط» على شبكة الإنترنت بتاريخ 13 آذار/ مارس 2008، إلى مسؤولين في المخابرات الأميركية وصفهم المقدسي بأنه «مُنَظِّر بارز للتيار الجهادي، ولديه تأثير على الفكر الإسلامي لأبعد مما يصل إليه نشطاء بارزون آخرون مثل أسامة بن لادن وأيمن الظواهري».

وتفيد مصادر قريبة من ملفه بأن المقدسي، الذي تؤجج منشوراته وموقعه الإلكتروني، حماس أنصار الفكر المتشدد، بدأ «يتراجع عن أفكاره بعد مراجعة مع الذات».

المقدسي: المنظِّر الذي انقلب عليه الزرقاوي
 
30-Apr-2009
 
العدد 74