العدد 73 - كتاب
 

في الوقت الذي أبدى فيه الرئيس أوباما انفتاحاً استثنائياً مقروناً بالاحترام على المسلمين، وعلى الأنظمة اليسارية في دول أميركا اللاتينية منها فنزويلا تشافيز، وأتبع ذلك بموقف على وشك أن يصبح موقفاً تاريخياً بالانفتاح على جمهورية كوبا، بابداء الاستعداد للحوار الرسمي معها.

في هذا الوقت يبدو تغيّب واشنطن عن المشاركة في مؤتمر «دوربان» ضد العنصرية، كثقب أسود في ثوب يراد تبييضه. مقاطعة مؤتمر ترعاه الأمم المتحدة سلوك بائس، يفتقر لحس المسؤولية في التعاطي باحترام مع المؤسسة الدولية الأكبر في عالمنا، وينم عن الصعوبة التي يواجهها الديمقراطيون في واشنطن، في التخلي عن جوانب في نهج تقليدي سابق يقوم على إعفاء دولة الاحتلال الإسرائيلية من النقد، استناداً لذريعة واهية إن لم تكن كريهة، وهي ذريعة تفادي معاداة السامية. هذه المعاداة مرفوضة مذمومة، كما هي الحال في كل سلوك تمييزي، ضد الأفراد والجماعات أياً كانوا. غير أنه سرعان ما يتم الوقوع في الخطأ الجسيم، حين يتم توظيف هذا المبدأ الصائب توظيفاً سياسياً ملتوياً، يؤدي للتغطية على ممارسات عنصرية. وكل تغطية في هذا الاتجاه مدانة، أياً كانت الذريعة المستخدمة.

جرى هذا العام التذرع بدعوة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، لإلقاء كلمة في المؤتمر إلى جانب مسؤولين آخرين. هناك في طهران من انزلق بالفعل إلى تخوم معاداة السامية، وكان المؤتمر يمثل فرصة للرد على هذه الطروحات إذا تكرر طرحها، وعلى ما يشاكلها مثل الممارسات الإسرائيلية المشينة بحق الرازحين تحت الاحتلال وهم بالمناسبة ساميون.. الدولة العبرية تعادي السامية على طريقتها ليس بالأقوال فقط، بل بالتطهير العرقي، كما حدث في الحرب على الأطفال والنساء في غزة، والحرب على أشجار الزيتون وبيوت المدنيين في الضفة الغربية، وإزدراء المقدسات المسيحية والإسلامية.

المقاطعة الأميركية للمؤتمر الدولي، حملت المفوضة الأعلى لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة نافي بيلاي، على الإعلان عن خيبة أملها «العميقة» حيال قرار عدم المشاركة. موقف المسؤولة الدولية الرفيعة، يعكس لا ريب مشاعر كثرة كاثرة من أنصار العدالة والمساواة، صدمهم الإخفاق الأميركي في امتحان البرهنة على «التغيير». خلافاً لذلك، تمت البرهنة على الثبات في هذا المجال.

لوحظ في هذا الخصوص أن منظمة «هيومن رايتس ووتش» الأميركية، دعت الولايات المتحدة للمشاركة في المؤتمر الذي يحمل اسم «دوربان»، وهي مدينة في جنوب إفريقيا احتضنت المؤتمر الأول فيها العام 2001 واحتفظ المؤتمر باسمها رغم أنه يعقد هذا العام في جنيف.

ورغم أن البيان الختامي اعتراه نقص فادح بإغفال التطرق إلى إسرائيل، إلا أن ذلك لم يحفز الولايات المتحدة على المشاركة التي اعتبرتها «هيومن رايتس ووتش» أساسية.

مع ذلك من المهم الإشارة إلى أن الحملات غير المسؤولة التي تشي بمعاداة السامية، شديدة الضرر علاوة على أنها خاطئة.. ومن أضرارها الظاهرة، التشويش على محفل دولي مناهض للعنصرية مثل مؤتمر دوربان.

محمود الريماوي: نكوص معيب عن مكافحة العنصرية
 
23-Apr-2009
 
العدد 73