العدد 73 - حريات
 

ميسون برهومة

ثمة حريات جديدة دخلت المجتمع، انطلاقاً من مستجدات فكرية واستهلاكية واقتصادية جديدة، ألقت بتبعاتها على نمط الحياة الاجتماعية، بحيث بات الجميع يتأثر بها.

ففي ظل العولمة والثورة الصناعية والتكنولوجية، دخلت الاختراعات والإلكترونيات الجديدة، مفاصل الحياة المختلفة، ومن أبرزها تلك المرتبطة بالحقوق، مثل الحقوق الشخصية والفكرية، وأنماط الحريات العامة.

فهل غيّرت الاختراعات الإلكترونية سير الحقوق الشخصية، وطريقة الأخذ بها؟ أم إنها كانت مجرد اختراعات بعيدة عن الهيكل النفسي والاجتماعي المرتبط بالحقوق العامة؟

الباحث الأكاديمي حسين المحادين يدرس في كتابه «زمكار»، أثر الخلويات في الحياة الاجتماعية، مورداً أمثلة على هذه التأثيرات، تؤكد أن الحياة الاجتماعية تأثرت بالتكنولوجيات والحريات الممارَسة فيها، منها مثلاً الرسائل القصيرة (المسجات) التي يتبادلها الأفراد بسرية وحرية، على اعتبار أنها لا يُفصح عنها بشكل مباشر، كما أن وسائل الاتصال بتوفرها وزهد ثمنها، أصبحت متوافرة لكل فرد، وبات الأفراد يستخدمونها بطرق مختلفة، منها ما عزز الحريات الشخصية، ومنها ما أساء لها، مثل إجراء الاتصال بأوقات لا يُعرف فيها ما إذا كان الشخص يستطيع أن يتواصل مع المتصل لحظتها أم لا.

التكنولوجيات اللاسلكية عززت الحريات الشخصية، وأثّرت فيها بطرق مختلفة، كما أثّرت في طرق التواصل الاجتماعي الصريح بين الأفراد، بخاصة في ما يتعلق بتبادل الأفكار من خلال أسماء وهمية. هذا الأمر يحد من التواصل الاجتماعي بشكل صريح وواضح ومباشر، لكن هل يعجز العلم عن جعل هذه التكنولوجيات أدوات تحد من الحريات وتهددها، في حالات القرصنة أو الاختراق؟

عبد الله الزعبي، مهندس اتصالات، يرى أن الحريات الشخصية زاد اتساعها مع تطور المنتجات التكنولوجية، مثل الهواتف النقالة والإيميلات، وقد أثرت هذه الحريات في سلوك الفرد، بحيث زادت جرأته وإمكانية اتصاله بالآخرين، وهذه كلها حريات فكرية وشخصية لا يتدخل فيها أحد، لكن يمكن مراقبتها بسهولة، بحيث يتم الكشف عن أي شيء خاص، وهنا تُنتهك الحرية.

كيف ينظر عموم الناس لهذا المسألة؟. أبو بسام (54 عاماً) يقول إنه في هذه الأيام التي تغيرت فيها الحياة، بات المرء قادراً على أن يتصل بأي شخص، من دون أن يعرفه بالضرورة، لأن الهواتف أصبحت أداة خاصة، ولكل شخص هاتف أو كمبيوتر، وهكذا أصبح الفرد أكثر حرية وأكثر خصوصية.

سمر الجالودي (26 سنة)، ترى هي الأخرى أن الحرية في هذه الأوقات وصلت حداً كبيراً، بحيث بات الكل يتمتع بحريته الشخصية من خلال هاتفه الخاص، أو حتى بريده الإلكتروني، لكن العلم لم يترك الحرية الشخصية من دون تدخل، لأن القرصنة واختراق هذه الحريات الشخصية أمر متوقَّع دائماً.

كذلك، فإن ليلى جمال، طالبة جامعية، ترى أن التكنولوجيات «رائعة»، كونها توفر الحرية لجميع الناس، بحيث يتمكن كل شخص من أن يعبّر عن رأيه بحرية، ويطرح أفكاره بحرية أيضاً، ويتواصل مع الآخرين بسهولة، وتقول: «هذه الأمور تتيح للفرد الحرية في كل شيء، عكس ما كان سابقاً».

أحمد النجار، مدير لقسم التكنولوجيا المعلوماتية في إحدى المؤسسات الخاصة، يرى أن التكنولوجيا أضافت الحريات بطرق مختلفة، فمثلاً تقنية (web 2.0) تتيح تواصل الناس من خلالها ومشاركة الآخرين اهتمامهم وأفكارهم، وهذا يعزز حرية التعبير وحرية اختيار الأصدقاء. كما أن المنتديات تمنح الفرد حرية حذف وتعديل المعلومات التي ترد فيها، وتغيير قاعدة البيانات الخاصة أيضاً، والأمر نفسه ينطبق على البريد الإلكتروني الذي يعزز الحريات الشخصية بشكل عام.

مهندس الاتصالات محمد عويس، يؤكد ما ذهب إليه الآخرون، قائلاً إن التكنولوجيا تضمن الحرية الشخصية، «فمثلاً المعاكسات التي تتم الشكوى عنها في الشركة، تكون أكثرها واردة من رقم خاص غير معروف، هذا الأمر يُنظر له على أنه حرية لشخص، لكنه ينتهك حرية شخص آخر يتصل به، لأنه لا يُظهر الرقم». عويس يستدرك أن شركات الاتصال تقوم عادة بمحاولة ضمان الحريات من خلال عدم مراقبة المكالمات إلا في حالات معينة.

ما هو مؤكد أن التكنولوجيا سهّلت الاتصال، وأظهرت أنواعاً من الحريات بين الأفراد لم تكن موجودة في السابق، وهذا «فضل» يُسجَّل لها.

مسجات وإيميل.. موبايل ولاب توب حريات جديدة بفضل التكنولوجيا.. تبادل الأفكار وتعزيز التواصل
 
23-Apr-2009
 
العدد 73