العدد 73 - الملف
 

عطاف الروضان

«إنها حرب طويلة الأمد، ليست لها نهاية منظورة، وتجري بعيدا عن أنظار الأميركيين، كما أنها تتطلب من الولايات المتحدة التحالف مع أنظمة لا تميل إليها، ولكنها تتغاضى عن ذلك في سبيل إنجاحها».

بهذه الجملة، استهل الكاتب الصحفي الأميركي هوارد لافرانشي مقالة شهيرة له حملت عنوان «الحرب الجديدة لمكافحة الإرهاب تشبه مثيلتها القديمة ضد المخدرات». ترجمة المقالة نشرت في صحيفة الشرق الأوسط العام 2001، ولكنها تبدو راهنة، وكأنها كتبت اليوم، فما زال الحال كما هو عليه. الحرب على المخدرات حرب شاملة، الأعداء فيها أشخاص عابرون للجنسية، فجنسيتهم الوحيدة التي يخلصون لها هي «مصالحهم التدميرية».

ولا يختلف الأمر كثيرا هنا في الأردن، كما لا يغير من الأمر شيئا إصرار المسؤولين فيه على القول «إننا دولة ممر وليست مقرا لتجارة المخدرات»، فمن المؤكد أن هناك مشكلة مخدرات في الأردن، وأن هناك جهودا تبذل لمكافحة انتشاره.

الجهود تلك تسير ضمن منظومة دولية شاملة لمكافحة هذه التجارة. وحفاظاً على روح التعاون ما بين الدول وأجهزتها الأمنية التي تكافح المخدرات محلياً وعالمياً، فإن العاملين في إدارة مكافحة المخدرات في الأردن يتحفظون بشدة على ذكر أسماء الدول التي تأتي منها المخدرات إلى الأردن، ومنه تتوزع على مناطق أخرى، فليس سرا أن تجار المخدرات يستخدمون الأردن ممراً للوصول إلى الدول المستهلكة، وهو أمر سهله موقع الأردن المتوسط ما بين «دول التصدير في الشمال وأسواق المخدرات في الجنوب؛ دول الخليج عامة».

خريطة التصدير والاستهلاك هذه، التي يحتل الأردن فيها مركزا وسطا، حول الأردن «ممراً» هو المعني بالقول إن الأردن «ممر وليس مقرا»، وهو وصف اتفق عليه العاملون في إدارة المكافحة بمختلف تخصصاتهم الميدانية أو الإدارية أو الإحصائية، الذين أثبتوا تميزا على المستويين المحلي والدولي، حيث نال الأردن الجائزة الأولى من الأمم المتحدة عن برنامجه الوقائي من المخدرات على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في العام 2000، وما زال محتفظاً بالمرتبة ذاتها.

ولا يفضل المسؤولون عن مكافحة المخدرات الحديث عن الدول التي تأتي منها المخدرات، ولا الدول التي تذهب إليها، فهم يعتصمون بالصمت كلما وجه إليهم سؤال حول هذه الدول، وإن تحدثوا فإنهم يعتذرون متعللين بأن موقفهم هذا يأتي انطلاقا من حرصهم على عدم إحراج تلك الدول، «حتى ما بزعلوا منا الدول التي نعمل وإياها ونتفاوض لتكثيف الجهود لمحاربة تجارة المخدرات».

لكن ما يحجم المسؤولون عن قوله يتردد جهارا على ألسنة بعض المتصلين بعالم المخدرات، وإن لم يكونوا منغمسين فيه مثل الأطباء والمحامين والقضاة وغيرهم. عندما توجهت «ے» إلى بعضهم بالسؤال، أصروا على عدم ذكر أسمائهم، وبحسبهم، فإن المخدرات تأتي إلى الأردن من تركيا، لبنان، سورية، والبصرة جنوبي العراق. وقد ذكر هؤلاء أن الكميات التي كانت تأتي من البصرة قد خفت كثيراً بسبب كلفة النقل العالية ومخاطرها الأمنية، ليس من جهة أجهزة المكافحة، وإنما نتيجة الوضع الأمني في العراق.

وبالطبع، تبقى أفغانستان هي المركز الأساس للتجارة الدولية والإقليمية للمخدرات. أما ما يتردد عن أن إسرائيل إحدى الدول المصدرة للمخدرات إلى الأردن فهو بعيد عن الدقة كما قال أحدهم، وللتدليل على ذلك قال إن إسرائيل دولة مستقبلة للمخدرات، وإن بعض الكميات التي تصلها تأتي من الأردن وليس العكس.

وقد أكد مصدر أمني، فضلت عدم نشر أسمه، ما قاله المصدر المدني، مشيرا إلى أن «حجم إسرائيل جغرافياً وسكانياً، لا يؤهلها للتصدير، كما أنها تعاني أصلاً من مشكلة تعاطي داخلية كبيرة، ويهمها أن تعالج هذه المشكلة، لا أن تزيد من حجمها بالتورط في التصدير».

نال الجائزة الأولى من الأمم المتحدة عن برنامجه الوقائي من المخدرات الأردن والمخدرات: ممر وليس مقراً
 
23-Apr-2009
 
العدد 73