العدد 70 - كتاب
 

أصبح من الضروري، ومن المجدي أكثر من أي وقت مضى، أن تتجه المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، وبسرعة، إلى تأسيس بنك جديد خاص بها، يتخذ شكل شركة مساهمة عامة يمتلكها الضمان بالكامل، أو يحظى بأغلبية أسهمها، بحيث يصبح هذا البنك الذراع الاستثمارية الرئيسة، ولمختلف أشكال وأنواع الاستثمار لفائض أموال أو مدخرات المؤسسة، وبما يحقق ثلاثية مرتكزات الاستثمار المجدي، العائد الأفضل، والضمان الكافي القابل للتسييل، ويحفظ قيمة ومعدلات السيولة اللازمة لأداء مختلف نشاطات المؤسسة، وخدماتها التأمينية والوفاء بحقوق ورواتب المتقاعدين والمستحقين الحاليين والقادمين.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإنّ البنك المقترح لمؤسسة الضمان سيكون الوعاء الذي يتم من خلاله استقبال أو استلام المساهمات الشهرية للمؤمن عليهم المحولة من الشركات والمؤسسات التي يعملون فيها، وأيضاً مساهمات المشتركين اختيارياً في الضمان، وأي مبالغ لموارد أخرى مثل الربحية المتحققة من الأصول المملوكة لها، أو ربحية مساهماتها واستثماراتها في شركات ومؤسسات أخرى.

ويفترض في بنك الضمان هذا أن يكون بنكاً شاملاً يمكنه قبول أشكال الودائع الآجلة والجارية كافة، ومن الأفراد والشركات والمؤسسات كافة، الودائع بالدينار والودائع بالعملات الأجنبية، وأن يقدم الخدمات المصرفية المكملة كافة، من فتح للاعتمادات وإصدار لخطابات الضمان (الكفالات)، وإجراء الحوالات الصادرة واستلام الحوالات الواردة، وبطاقات الائتمان، وعمليات الحفظ الأمين والاكتتاب بالأسهم، وإصدار السندات، والخدمات المصرفية كافة مقابل عمولات أتعاب بالأسعار السائدة في السوق المصرفية.

وعندما يكون لمؤسسة الضمان بنكها، فإنّه من الطبيعي أن يتم فيه فتح حسابات بأسماء جميع المتقاعدين الحاليين ومن سيتقاعد مستقبلاً ليجري تحويل رواتبهم الشهرية، وأي مستحقات أخرى إلى هذه الحسابات، ويكون فتح هذه الحسابات دون عمولة دينار شهرياً، أو بعمولة أقل مما تستقطعه البنوك الأخرى.

ومع التقدير لمبادرة مؤسسة الضمان الأخيرة بتخصيص مبلغ (5) خمسة ملايين ليتم إقراضها لبعض شرائح المتقاعدين من أصحاب الرواتب المتدنية لتمكينهم من استثمارها في مشاريع إنتاجية متواضعة قادرة على توليد دخل إضافي لهم، وذاتية السداد، ومع التقدير أيضاً للتفاهم مع صندوق التنمية والتشغيل، ليكون الأداة والقناة التنفذية لهذه الخدمة، فإننا نرى رغم ذلك أن خدمة كهذه أجدى أن تتم من خلال بنك خاص بالضمان كلياً أو بنسبة كبيرة منه.

وبتأسيس بنك للضمان كذراع إدخارية واستثمارية له، فإنّه سيكون في مقدوره، وبإشراف وتوجيه مجلس الإدارة، وأنظمة ولوائح وإدارة أسلوب تجاري وتأميني معاً، أن يؤثر توجيه استثمارات الضمان إلى مشاريع استثمارية مدّرة للربحية، وفي الوقت نفسه، تتسم بطابع اجتماعي خدمي للمؤمن عليهم وللمتقاعدين وبأسعار ميسّرة، ومن ذلك إنشاء مستشفى أو معهد أو جامعة أو أكثر أو مشاريع إسكانية أو حتى مجمعات (مولات) استهلاكية، وبما يقلص من توجهات المشاركة الحالية في مشاريع النخبة والفنادق والمنتجعات والعقار والأسهم والسندات الحكومية.

لا يوجد في قانون المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي الأردني، سواء في القانون المؤقت رقم (30) 1978، أو القانون الدائم رقم 19 لسنة 2001 ما يمنع المؤسسة من التوجه إلى تأسيس بنك كهذا، وأيضاً لا يوجد في قانون البنوك، وقانون البنك المركزي ما يمنعها من ذلك، اللهم إلاّ معارضة قوية غير مفاجئة أو مستغربة من فعّاليات مصرفية ورأسمالية وجدت وتجد في وجود بنك كهذا منافساً صعباً لها في حجم أعمالها وأرباحها.

وقد كان لبنك كهذا أن يتحقق للضمان في ثمانينيات القرن الماضي عندما شارف «المصرف السوري الأردني» المملوك مناصفة بين البنكين المركزيين الأردني والسوري، على التوقف عن الدفع والنشاط، إذ بدلاً من تحويل ملكية هذا البنك إلى مؤسسة الضمان الاجتماعي الأردنية، جرى تحميل خسارة الحصة الأردنية فيه بالكامل عليها عند تصفية هذا البنك وإنهاء أعماله!! وبلغت خسارة الضمان وقتها ما يقارب (600) ستماية ألف دينار دون أن يكون له أي دور أو مسؤولية مباشرة أو غير مباشرة في تعثر هذا المصرف وتصفيته. ولعل هذه الحقيقة تشكل إحدى الموجبات أو الأسباب القوية التي تبرر مطالبة البنك المركزي الآن بمنح ترخيص للضمان أو لشركته المساهمة لتأسيس بنك تجاري شامل جديد.

أحمد النمري: نحو بنك للضمان يُشكّل ذراعاً استثمارية وخدمية له
 
02-Apr-2009
 
العدد 70