العدد 70 - الملف
 

هاشم غرايبة

على الرغم من أن الساحة الأردنية كانت شبه مغيبة عن نشاطات الجمعيات العربية السرية، فإن الشمال الأردني شهد العام 1916، حضورا لجمعية العربية الفتاة، وذلك بسبب الحدود المشتركة مع حوران، والعلاقات الجيدة بين زعماء ووجهاء الشمال الأردني وزعماء ومشايخ ووجهاء الجنوب السوري، ويعود الفضل إلى نشر أفكار وتوجهات «العربية الفتاة» إلى مجموعة من الضباط الذين شاركوا في تأسيس «جمعية العهد» ورفيقتها «الجمعية القحطانية» ومن بعدهما «العربية الفتاة» وفي مقدمة هؤلاء الضباط: علي خلقي الشرايري، وخلف محمد التل، ومحمد جلال القطب، وفواز بركات الزعبي، ومحمود ابو غنيمة، واحمد التل «أبو صعب»، وجميعهم من قضاء إربد، آنذاك.

بعد انتصار الحلفاء، وتحرير الحجاز وبلاد الشام، ورفع العلم العربي في سماء دمشق، وموقف الحلفاء من طموحات الأمير فيصل، تأكد أن القوى الغربية ستنقلب على العرب، فتداعت الزعامات الوطنية في الشمال الأردني لعقد مؤتمر يقررون فيه الهجوم على المعسكرات البريطانية والمستوطنات اليهودية في الشمال الفلسطيني، فتحقق ذلك بعقد مؤتمر «قم» يوم 6 نيسان/إبريل 1920، في ديوان الشيخ ناجي العزام.

كانت الأفكار التحررية مختمرة في عقول النخبة الأردنية، وأول تجل واضح للحراك السياسي في البلاد تبلور في مؤتمر أم قيس، شمال الأردن العام 1920 الذي طالب البريطانيين، بإنشاء «حكومة عربية وطنية مستقلة» مشروطة بالحكم الحديث من حيث وجود مجلس عام للتشريع والإدارة، والتأكيد على الحريات والحق في امتلاك السلاح. ولنا أن نلاحظ أن نجمة العلم الأردني تقررت في «أم قيس»، وليس في مكان آخر. وهي نجمة الوطنية الأردنية وثقافة الدولة والمساواة والحرية، في إطار اتحاد الأقطار الشامية.

وترجم أهالي إربد وجوارها حماسهم لتشكيل دولة أردنية عربية تضم كل مناطق شرقي الأردن بالإعلان عن حلِّ الحكومة المحليَّة التي كانوا قد شكلوها برئاسة القائمقام علي خلقي باشا الشرايري بعد إسقاط المستعمرين الفرنسيين للدولة العربية الفيصلية في دمشق، وكانوا وراء إطلاق اسم «حكومة الشرق العربي» على الإمارة الأردنية.

وعندما كلف الأمير المؤسِّس عبدالله بن الحسين الرئيس رشيد طليع، وهو الدرزي اللبناني الأصل، لم يُثِر هذا التكليف أي حساسيات لدى أهالي شرق الأردن. وضمت حكومة رشيد طليع وزيرا أردنيا واحدا فقط من بين وزرائها الثمانية، هو علي خلقي باشا الشرايري، ما أثار استياء سلطات الانتداب البريطاني في شرقي الأردن وفلسطين بسبب مواقفه المعادية للسياسة البريطانية.

ومن رجالات إربد الذين شغلوا المنصب الوزاري في حكومات الإمارة المحامي عبدالرحمن الرشيدات الذي تولى منصبَ وزير المواصلات في حكومة الرئيس توفيق أبو الهدى المشكَّلة في 19/5/1943 وأُقيل منها في 13/7/1944، والقائدُ خلف محمد التـل الذي شغل منصبَ مدير الإدارة (وزير الداخلية) في حكومة الإمارة الثانية عشرة برئاسة توفيق أبو الهدى المشكلة في 28/9/1938. وكان قد شغل مناصبَ عسكرية ومدنية قبل ذلك، وكان من قادةِ ثورة الجولان ضدَّ الفرنسيين المحتلين.

ويُشيرُ الأستاذ محمود سعد العبيدات، في كتابه «المجاهد خلف محمد التـل» إلى أنَّ خلف التـل حصل على إجازةٍ رسميةٍ من وظيفته بوزارة الداخلية في العام 1937 لينضمَّ إلى وفدٍ مؤلفٍ من 39 من رجالات الحركة الوطنيَّة الأردنيَّة، معظمها محسوب على حزب الاستقلال، للمشاركة في «المؤتمر القومي العربي لنصرة فلسطين»، الذي انعقد في بلودان بلبنان في 8/9/1937 لنصرةِ القضية الفلسطينية، واختتم جلساته في 10/9/1937 بإصدار بيانه الختامي، مؤكداً فيه عروبةِ فلسطين، رفضِ التقسيم، والمطالبة بإلغاءِ وعد بلفور، وبوقفِ الهجرة اليهودية إلى فلسطين.

وإلى جانب خلف التل شارك في حكومة توفيق أبو الهدى أحد رجالات جوار إربد نقولا غنما (الحصن) الذي شغل منصب النائب العام الذي كان بمثابة وزارة العدل ثم شغل أكثر من منصب وزاري بين العامين 1940 و1946.

كما شارك الشيخُ عبد الله كليب اليوسف الشريدة في حكومتي توفيق أبو الهدى المشكـلتين في 29/7/1941 ثم في 4/5/1954. و قد تولى منصبه وزيراً للدولةِ اعتباراً من 8/5/1954 حيث أُضيف للحكومة بعد أن تبيَّن أنها كانت تخلو من ممثلٍ لشمال الأردن.

إربد: الحراك السياسي في عهد الإمارة
 
02-Apr-2009
 
العدد 70