العدد 70 - الملف
 

ابراهيم قبيلات

من بيادر القمح والعدس والحواكير الصيفية أدخل فرسان الحاسوب والإنترنت هذه المدينة موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، لتنضم التكنولوجيا الرقمية إلى مزايا إربد النسبية من زراعة وصناعة ومواقع سياحية.

«شارع اليرموك»، المحاذي لثاني أكبر جامعات الوطن، يقف الآن مؤشرا على التحولات الجذرية في المدينة، هو الذي يحوي أكبر تجمع لمقاهي الإنترنت في العالم في مساحة بهذا الحجم.

أخصب المدن الأردنية وثانيها من حيث عدد السكان، تقع وسط سهل حوران في واسطة العقد من بلاد الشام وعلى خط عرضي بين بغداد وحيفا، عروس الساحل الفلسطيني.

كانت غلال إربد تشكل الجزء الأكبر من «بيدر البلاد»، لاسيما القمح والعدس والحمص، الذي كان يصدر إلى حيفا وبيروت وعبرهما إلى أوروبا، بحسب وليد المصري رئيس بلدية إربد الكبرى الأسبق، فهذه المدينة تشرف على سهول حوران الخصبة، وفيها جامعتا اليرموك والعلوم والتكنولوجيا إلى جانب مدينة الحسن الصناعية. في «الحسن الصناعية» نمت أبرز جوانب الشراكة الاقتصادية الأردنية الإسرائيلية بعد اتفاقية السلام العام 1994.

كان لسهل حوران خصومة مع الأشجار، في بدايات نشوء الأردن الحديث العام 1921، لأن «موارس» الأرض تتبدل كل عام، فلا أحد يجرؤ على زراعة أشجار في أرض ليست محسومة ضمن أملاكه، حسبما يستذكر شيخ المؤرخين الأردنيين عبد الكريم الغرايبة.

على أن «أشجار الزيتون غزت موارسها لغايات الإنتاج والتصدير مع أربعينيات القرن الماضي»، كما يستذكر المصري. وهو يرى «أن طريقي حيفا-بغداد والشام-الحجاز والتنوع السكاني في المدينة، من أهم ميزاتها منذ مطلع القرن الماضي».

في ظل هذا التجانس عرفت المدينة مناخا من التسامح، وفي هذا المناخ جلب تجار الشام معهم «عبق الياسمين الدمشقي لبيت الفلاح الإربدي الذي التصق برائحة الغلال والمواشي»، بحسب توصيف الكاتب زياد أبو غنيمة.

يقول الستيني طلال محمد جرادات لـ«ے»: «من أهم السمات الجاذبة لإربد، المناخ المعتدل واستواء السطح، وتربتها الخصبة، بالإضافة إلى الموقع المتوسط والقريب من فلسطين ومن جنوب سورية «الجولان». كما أن قربها من نهري الأردن واليرموك، جعل منها موطناً لكثير من العائلات السورية والمصرية». ويستطرد جرادات: «ينظر لإربد كمجتمع زراعي منذ العصر البرونزي الأول، فقد اشتهرت بمنتجاتها من الحبوب مثل القمح والبقوليات، وكانت تصدر منتجاتها على «الدواب» إلى حيفا، ومنها إلى دول أوروبا حتى ثلاثينيات القرن الماضي». يعود بعض أشجار الزيتون إلى العهد الروماني (القرن السادس قبل الميلاد) وهي فترة دخول قورش الفارسي منطقة الشرق العربي واستيلائه على القدس.

أما قصبة المدينة فلم تتجاوز مساحتها في العهد العثماني 10 هكتارات (0,10 كم)، وظلت كذلك حتى قُبيل نهاية الحرب العالمية الأولى. لكنّها بدأت في الازدهار تدريجياً والتوسع منذ عشرينيات القرن الماضي عندما أصبحت مقرا لمتصرفية لواء عجلون، ومركزاً تجارياً مهماً. ويعزو الغرايبة توسع حدود المدينة في منتصف القرن الماضي إلى تدفق اللاجئين الفلسطينيين، لتصل مساحتها إلى 131 هكتاراً (1,32 كم).

يتفق محمد دواغرة، أحد سكان إربد منذ مطلع القرن العشرين، مع الغرايبة على أن تزايد سكان إربد، بشكل سريع، يعود إلى «قدوم الفلسطينيين والسكن بها بعد نكبة العام 1948، ويضيف إلى ذلك نكسة العام 1967، وحرب الخليج الثانية العام 1991».

كما ساهم في ذلك ضم قرية البارحة إلى إربد العام 1962، والهجرة من الريف إلى المدينة – علما بأن قرى إربد تزيد على الألف.

إربد: أرض خصبة، مدينة صناعية وآثار
 
02-Apr-2009
 
العدد 70