العدد 61 - أردني
 

نهاد الجريري ومنصور المعلا

في غداء عمل الأسبوع الماضي على شرف الملك عبدالله الثاني في منزل رئيس الوزراء الأسبق علي أبو الراغب، اشتكى رجل أعمال عراقي إلى الملك من الآثار السلبية للإجراءات الأمنية التي تُطبق على حركة العراقيين إلى الأردن، وفيه، بعد تفجيرات عمّان في تشرين الثاني/نوفمبر 2005.

صحفي مطلع على مجريات غداء العمل فضّل عدم نشر اسمه، قال إن الملك «تفاجأ» من التقارير والشكاوى التي رفعها رجل الأعمال العراقي، ووعد بأن يتم التحرك باتجاه تسهيل قدوم العراقيين إلى المملكة والإقامة فيها.

الشكاوى تركزت على أن الإجراءات المشددة في منح التأشيرات تمنع المستثمرين من تمديد إقاماتهم؛ فيما ترفض الجهات الأمنية أحياناً دخول مستثمرين من دون مبررات مقنعة. كل هذا، بحسب رجل الأعمال العراقي، أدى بالمستثمرين تحديداً إلى الهجرة مجدداً من الأردن إلى سورية، ودول أخرى.

في اليوم التالي مباشرة، تشكلت لجنة في وزارة الداخلية لوضع إجراءات تسهّل دخول العراقيين وإقامتهم في الأردن. في الأيام التالية أُعلن عن تمديد العمل بالجواز العراقي القديم من فئة «S”، بعد أن توقف العمل به منتصف العام الماضي، لسهولة تزويره.

كما أُعلن عن السماح فوراً بدخول العراقي الذي يحمل تأشيرة من بلد ثالث، دون انتظار تأشيرة أردنية.

منذ أيار/مايو 2008، كان على العراقي الحصول على تأشيرة مسبقة من خلال 13 مكتبا لشركة TNT، في العراق، صالحة لمدة شهر. وبالنظر إلى الأحوال الأمنية في العراق، كثيراً ما كان ينقضي الشهر دون أن يتمكن المواطن العراقي من دخول المملكة.

من الإجراءات التي أُعلن عنها في الأيام القليلة الماضية، تخصيص “كاونتر” للمستثمرين والصناعيين العراقيين في مطار الملكة علياء الدولي، لتسهيل معاملات دخولهم إلى المملكة.

كان تقرير مؤسسة الأبحاث النرويجية (فافو) أشار في نهاية العام 2007، إلى أن أعداد العراقيين الذين اتخذوا مسكناً في الأردن انخفض في ذلك العام. التقرير يرى أن هذا مؤشر على انخفاض عدد العراقيين الذين دخلوا الأردن في ذلك العام. التقرير الذي نُشرت نسخة منه في الموقع الإلكتروني لدائرة الإحصاءات العامة، يقدّر عدد العراقيين في الأردن بـ500 ألف شخص.

مصدر في وزارة الداخلية، فضّل عدم نشر اسمه لعدم اكتمال الإجراءات التي سيتم اتخاذها بشأن منح التسهيلات المرورية للعراقيين، قال إن الإجراءات ستفيد كل العراقيين، بصرف النظر عن غايات دخولهم إلى الأردن، وعن تصنيفهم كمستثمرين أو غير ذلك.

تحتل الجنسية العراقية المرتبة الأولى من حيث قيمة الاستثمارات العربية في قطاع العقار الأردني، إذ بلغت 85.5 مليون دينار بحسب آخر إحصائيات دائرة الأراضي والمساحة للعام 2008. العراقيون احتلوا المرتبة الثانية بعد الجنسية الكويتية من حيث عدد المستثمرين في هذا القطاع؛ إذ بلغ عددهم 651 مستثمرا مقابل 1450 مستثمراً كويتياً.

أما في مجال الاستثمارات العربية في قطاع الشركات، فتحتل الجنسية العراقية المركز الثاني بحجم استثمار مسجل خلال العام الفائت بلغ 36.7 مليون دينار، بعد الإمارات التي بلغت استثماراتها في الشركات 41.6 مليون دينار.

إلا أن العراق لا يظهر في بيانات مركز إيداع الأوراق المالية، في حين تظهر الجنسيات السعودية والكويتية واللبنانية بين الجنسيات المتقدمة في هذا المجال. في هذا السياق، استحوذ على اهتمام الصحافة المحلية في الأيام الأخيرة، خبر أشار إلى أن عائلة «كبّة» العراقية استملكت 49 في المئة من رأسمال بنك كابيتال الأردني.

بخصوص التجارة البينية بين الأردن والعراق، يشير السفير العراقي في عمّان سعد جاسم الحياني، في حديث لإذاعة محلية، إلى أن حجم هذه التجارة وصل العام الفائت إلى بليون دينار، متوقعاً زيادة هذا الرقم مع دخول التسهيلات الأردنية حيز التنفيذ.

لكن بين العراقيين من يرى أن قرارات الحكومة الأردنية جاءت «متأخرة»، على أساس أن العديد من دول العالم، وبخاصة الدول الأوروبية وكندا وأميركا، استقطبت العديد من العراقيين الهاربين من «جحيم» الاحتلال.

أبو حازم، عراقي من بغداد، يقول إن «القرار الأردني السابق بتشديد القبضة الأمنية على العراقيين لـ»ذنب لم يقترفوه» جاء بنتائج عكسية على حركة العراقيين في الأردن.

في السياق نفسه، يصف «مشتاق» ذو الثلاثين عاماً، أحوال العراقيين من غير الأغنياء في الأردن، بأنها «متهالكة»، بسبب «القيود الأمنية وحالة الفقر التي يعيشونها».

في هذا الإطار، لفت السفير العراقي في عمّان، إلى أن التسهيلات مدار البحث لن تشمل التخفيف من القيود على تصاريح العمل لمصلحة العراقيين ،الذين يعتاشون على أجرة يوم بيوم أو على مدخرات تكاد تنفد.

حتى تاريخ إعداد هذا التقرير مساء الأربعاء 28 الجاري، لم تتضح آلية التسهيلات هذه. لكن وزير الداخلية عيد الفايز في مقابلة مع صحيفة «العرب اليوم» (الأحد 25/1/2009)، أشار إلى أنه حتى بوجود التسهيلات، سيظل دخول العراقيين «منضبطاً»، مع تحديد عدد العراقيين القادمين إلى المملكة. تصريحات تثير علامات استفهام حول الجدوى من التسهيلات إن كان العدد سيظل محدوداً. مصادر في وزارة الداخلية قالت لـ»السجل» إن فحوى هذه التصريحات ستتضح بمجرد الإعلان النهائي عن إجراءات التسهيل.

بعد أن بلغت الشكاوي مسامع الملك تسهيلات “منضبطة” للعراقيين .. للمستثمرين خصوصاً
 
29-Jan-2009
 
العدد 61