العدد 61 - أردني
 

مهند صالح

أثار تعميم أخير صادر عن رئاسة الوزراء يتعلق بتوحيد المرجعية في الشؤون المسيحية الدينية في الأردن، وعدّ تلك المرجعية وسيطاً مع أجهزة الدولة، ارتياحاً في بعض الأوساط المسيحية، وحذراً لدى أوساط مسيحية أخرى.

التعميم الذي أصدره رئيس الوزراء نادر الذهبي أخيراً، عدّ «مجلس رؤساء الكنائس» المرجعيةَ الوحيدة لكل ما يتعلق بالشؤون المسيحية الدينية في الأردن، وطالب بتنظيم علاقته مع مؤسسات الدولة المختلفة. أما السبب في صدور هذا التعميم، فهو «الحد من التجاوزات التي يمكن أن تنشأ في غياب المرجعية المعتمدة أمام مختلف الجهات»، بحسب التعميم.

التعميم دعا جميع الوزارات والدوائر الرسمية والمؤسسات العامة، اعتمادَ مجلس رؤساء الكنائس في الأردن مرجعية وحيدة لكل ما يتعلق بالشؤون المسيحية في الأردن، والتنسيق مع أمين عام المجلس، المطران حنا نور بكل الإجراءات. وعدّ المجلسَ غير مسؤول عن أي مؤسسات مسيحية موجودة في الأردن وغير تابعة لسلطة المجلس الدينية.

مجلس رؤساء الكنائس المشار إليه، تأسس في تموز/يوليو 1999، ويتضمن: مطران الروم الأرثوذكس بندكتوس، مطران الروم الكاثوليك ياسر عياش، مطران اللاتين سليم الصائغ، مطران الأرمن الأرثوذكس فاهان طوبوليان، والأمين العام للمجلس المطران حنا نور. أما أبرز الكنائس غير التابعة للمجلس فهي: الكنيسة المعمدانية، جماعات الله، كنيسة المسيح، الأقباط، والمارونيون.

أمين عام المجلس المطران حنا نور، رحب بإصدار القرار قائلاً: «اعتماد المجلس من الحكومة، كان مطلباً للكنائس. وبذلك أصبح هنالك مظلة لجميع الكنائس الرسمية في المملكة، ليتم التنسيق بين المجلس والجهات الرسمية كافة».

في حديثه مع «السجل» أكد نور أن التجاوزات التي أشار إليها التعميم، لم يحدث أي منها حتى الآن، واستدرك أن القرار «جاء لوضع حد للتجاوزات التي يمكن أن تحدث».

أمين عام المجلس وصف القرار الذي اتخذته الحكومة بـ»القرار السليم»، مضيفاً أنه «يمكن للحكومة الآن، مخاطبة جهة واحدة تمثل الكنائس كافة، وتجسير العلاقات بين المجتمع المسيحي الأردني والجهات الرسمية المختلفة». وكشف أن «الكنائس كافة مسجلة حسب قانون الأحوال الشخصية الأردني لسنة 1976».

الصحفي ثمين الخيطان، قال في حديث مع «ے»، إن التجاوزات التي يمكن أن تحدث، هي «تفاقم المد التبشيري للحركات الإنجيلية المتجددة»، والتي يرى الخيطان أنها «أصبحت تتحرك اليوم تحت أقنعة خفية عديدة ومختلفة، أهمها ستار الجمعيات الخيرية، والخدمة الاجتماعية، والتعليم، والثقافة، والإعلام”.

فيليب مدانات، ناشط في الكنيسة المعمدانية غير الممثلة في مجلس رؤساء الكنائس، أوضح أن من التجاوزات التي يمكن أن تحدث: “قيام بعض المؤسسات المسيحية غير المصرح بها رسمياً وغير التابعة لمجلس رؤساء الكنائس، بأنشطة لا تمثل المسيحيين الأردنيين كافة”.

مدانات أثنى على القرار، مشدداً على “ضرورة هذه الخطوة، لتوحيد المرجعية في الشؤون المسيحية في التعامل مع الجهات الرسمية والحكومة، وعدّ المجلس الجهة الوحيدة لتنظيم العلاقات بين المجتمع المسيحي والدولة”.

غير أن شخصية مسيحية رفضت ذكر اسمها لحساسية الموضوع، قدمت فهماً آخر للقرار، ورأت أن في التعميم المشار إليه تضييقاً من الكنائس الكبيرة على الكنائس الصغيرة. وأشارت إلى أن هنالك من يعدّ الكنائس الصغيرة ليست كنائس أصلاً. هذه الشخصية ترى أن في ذلك إقصاء لهذه الكنائس من جانب الكنائس التقليدية التي باتت تخشى تسرب أتباعها إلى تلك الكنائس. ونظرت إلى التعميم بوصفه تأييداً من الدولة للكنائس التقليدية على حساب الكنائس الصغيرة.

الشخصية المذكورة، وضعت قيام السلطات الأردنية في مطلع العام الماضي، بترحيل أو رفض تجديد أذون إقامة 27 ناشطاً مسيحياً من طوائف غير مرخصة رسمياً، في هذا الإطار. وبحسب تقرير لوكالة «كومباس دايركت نيوز» الأميركية، صدر في أوائل فبراير/شباط 2008، فقد طاول هذا الإجراء ثلاثة مصريين مقترنين بأردنيات، وأميركيين، وأوروبيين، وعراقيين، وسودانيين، وكوريين جنوبيين.

«السجل»، كانت رصدت في عددها 58، سجالات دارت بين ممثلين عن الكنائس التقليدية وممثلين في مجلس رؤساء الكنائس الذين أيدوا قرار الترحيل وأصدروا بياناً في هذا الشأن، في حين عارضه ممثلون عن الكنائس الجديدة، بمن فيهم رئيس الهيئة الإنجيلية الثقافية عماد شحادة، الذي أعرب عن ألمه لأن «فئة من المجتمع المسيحي تتقول ضد فئة أخرى من هذا المجتمع» بحسب تعبيره. فيما تحدث فيليب مدانات عن تجاوزات في عمليات إبعاد غير الأردنيين، مشيراً إلى أن زوجة أحد المرحلين، وهو مصري، أبلغته أن زوجها «وقّع على ورقة تفيد بأنه لا يمتلك شيئاً في الأردن، رغم أنه يمتلك سيارة وخاضع للضمان الاجتماعي».

وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال ناصر جودة، نفى في تصريح له في مجلس النواب الأردني عقب قرار الترحيل «أن يكون الإبعاد متعلقاً بخلافات دينية مسيحية». وأضاف أن «الحكومة الأردنية رصدت عدداً من الأشخاص والهيئات الذين دخلوا الأردن تحت ذريعة العمل التطوعي في التنمية الاجتماعية وقطاعات التعليم والثقافة، ثم سرعان ما كشفت عن نفسها مدعية أنها كنائس”.

عماد شحادة، رئيس الهيئة الإنجيلية الثقافية التي تدير المركز الأكاديمي، أكد أنه «مع أي قرار يخدم مصلحة الوطن ووحدته، بصرف النظر عن الجهة التي يشملها القرار، أو الطريقة المتبعة لتنفيذه».

يُذكر أن المركز الأكاديمي ليس ممثلاً في المجلس، رغم أنه قدم طلباً للانضمام إليه، إذ أكد شحادة أن كنيسته الإنجيلية «قدمت طلباً للانضمام لمجلس الكنائس، إلا أن هذا الطلب لم يُردّ عليه حتى الآن».

“رؤساء الكنائس” مرجعية وحيدة للمسيحيين: التقليدي يحكم سيطرته على الجديد
 
29-Jan-2009
 
العدد 61