العدد 69 - كاتب / قارئ
 

لاحقاً لما ورد في «السجل» ( العدد 68)، 19 آذار/مارس 2009) حول مادبا ومنطقة ذيبان، أود أن أتحدث عن ذيبان عبر التاريخ.

كثرت شواهد عصور ما قبل التاريخ، في منطقة ذيبان وما حولها. يقول عالم الآثار هاردنج في كتابه «آثار الأردن»: «ذيبان المكان النموذجي الذي تمت فيها الحفريات للاستدلال على ما يشير إلى هذا العصر».

ويضيف هاردنج أن أول موقع تم فحصه للتعرف على العصر البرونزي الأول في هذه المنطقة هو «خربة الإسكندر» في وادي الوالة. أما العصر البرونزي الأخير، فلم يُستدل على شواهد في منطقة ذيبان تشير إلى أنها كانت آهلة بالسكان، عدا ضريح كبير الحجم وُجد في مادبا.

وقعت منطقة ذيبان وضواحيها تحت حكم العمالقة الذين حكموا المنطقة من نهر بيوق (الزرقاء) حتى وادي الموجب (أرنون). حيث كانوا يمتازون بطول القامة وشدة البأس وكثرة العدد، ومن آثارهم «قصر الرياشي» قرب مصب وادي الهيدان.

وظل الأمر كذلك حتى جاء ملك عيلام «كدر لعومى»، وقضى عليهم عند سهل قريتام (القريات)، وهي قرية تقع في جبل بني حميدة، مما سهل الطريق لإقامة مؤاب. والمؤابيون شعوب سامية سيطروا على المنطقة بأكملها من الكرك حتى حسبان، واتخذوا من ذيبان عاصمةً لهم.

أما العصر الحديدي (1200-330 ق.م)، فإن الأبحاث في هذه الفترة نادرة، إلا أنه تم العثور في وادي الموجب على حجر ناري كبير عليه رسومات وكتابات تعود إلى هذا العصر.

وقعت المنطقة بأسرها تحت حكم المؤابيين والأشوريين، والبابليين، وكذلك الفرس، في الفترة ما بين 549 و331 ق.م.

في العام 334 ق.م استطاع اليونانيون بقيادة الإسكندر، فرض سيطرتهم المطلقة على المنطقة قاطبة. ثم بدأ حكم الأنباط في العام 170 ق.م، واستمر حكمهم على المنطقة لثلاثة قرون. وفي ذيبان بعض الآثار التي تعود إلى زمن الأنباط. تلا ذلك العهد الروماني الذي فرض سيطرة الإمبراطورية بشكل كامل على المنطقة بأسرها، وقلعة مكاور من أكبر الشواهد على حكم الرومان. وقد استمر حكم الرومان على المنطقة حتى جاء الإسلام، وأنهت الفتوحات الإسلامية حكمهم.

أصبحت ذيبان تابعة في العهد العثماني إلى لواء الكرك، وضمت ناحية ذيبان آنذاك: وادي الموجب جنوبا، حتى لب شمالا، ومن البحر الميت غربا حتى أم الرصاص شرقا، وكانت تسكنها عشائر بني حميدة. أما الآن فتبلغ مساحة لواء ذيبان حوالي 536 كم مربعاً، ويصل عدد سكانه إلى 36 ألف نسمة.

شارك سكان اللواء بثورة الكرك العام 1910، وعلى إثرها أُعدم الشيخ علي اللوانسة العام 1911، مع مجموعة من شيوخ المنطقة في الشام آنذاك.

وشارك سكان المنطقة بالمعركة التي وقعت بين الجند الأتراك والعشائر (بنو حميدة والسلايطة) في أم الرصاص.

وقد عبّر أهالي المنطقة كغيرهم من أهالي شرقي الأردن، عن احتجاجهم على المشاريع البريطانية والفرنسية لتجزئة سورية، وإعطاء فلسطين إلى اليهود. فقد قامت مجموعة من شيوخ شرق الأردن، ومنهم الشيخ حمد بن حاتم، والشيخ سليمان بن طريف، في 20 شباط/فبراير 1920، بتوقيع وثيقة مضمونها مناهضة فصل فلسطين وإعطائها إلى اليهود، وضرورة وقف الهجرة. وأكدوا فيها أنهم مستعدون للتضحية مقابل أن تعود المياه لمجاريها.

وصل الأمير عبدالله بن الحسين إلى المنطقة في آذار/مارس 1921، واستقبلته في منطقة زيزيا جماهير من بني حميدة وبني صخر.

في العام 1929 بدأت الضائقة الاقتصادية في الإمارة لأسباب عدة، حيث شكلت الحكومة لجنةً لتوزيع القروض، وبلغت حصة أهالي ذيبان وضواحيها 725 جنيها فلسطينيا.

أما أبرز المناطق السياحية والأثرية في اللواء فهي:

- تل ذيبان : تل أثري يعود إلى الفترة المؤابية، وعُثر فيه على مسلّة ميشع.

- مكاور: وفيها بقايا قلعة رومانية (أو قصر)، وكنائس وأرضيات فسيفسائية.

- عراعر.

- خربة إسكندر.

- وادي الهيدان.

- وادي الموجب.

- حمام قصيب وبرتا.

وتم مؤخرا إنشاء سد الموجب، وتصل سعته إلى 32 مليون متر مكعب، وسد الوالة الذي تصل سعته إلى حوالي 9.3 مليون متر مكعب.

هشام اللوانسة

ذيبان عبر التاريخ
 
26-Mar-2009
 
العدد 69