العدد 69 - ثقافي
 

ترجمة: عودة القضاة

الناشر: دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع، بدعم من أمانة عمان الكبرى.

سنة النشر: 2009

عدد الصفحات: 196 صفحة

«مكبث» من أعظم أعمال شكسبير، ورغم أنها من أقصر المسرحيات التراجيدية التي أبدعها شكسبير، غير أنها من أكثرها إيحاء وتركيزاً وتكثيفاً. وإذا كانت «هاملت» تتناول مأساة رجل يتمسك بالأخلاق في مجتمع لا أخلاقي، فإن «مكبث» تعبّر عن مأساة رجل خارج على القيم والأخلاق في عالم أخلاقي، وفيها يقدم شكسبير المأساة التي هي نتاج حتمي للشر، سواء ذلك القابع في عقل المجرم المحترف، أو في نفس الإنسان العادي الذي يحاول أن يحقق طموحاته بالطرق المتاحة؛ فاسدة كانت أو صالحة، ما قاد النقاد لوصف هذه المسرحية بأنها من أعظم المسرحيات الأخلاقية في تاريخ الأدب.

تدور المسرحية حول حكاية «مكبث» الرجل النبيل الموهوب والقائد الباسل المحنك الذي تؤدي به طموحاته إلى الخيانة والجريمة، دون أن يسعى إلى تبرير أفعاله، مع إدراكه لبشاعة ما يفعل.

يتضمن الكتاب مقدمة بقلم برنارد لوت يلقي الضوء فيها على مميزات مسرح شكسبير الذي كان يستعيض عن المؤثرات السمعية والبصرية والسينوغرافية بالتعبيرات المؤثرة والأشعار الرائعة التي تجسد المشاهد وتصفها بأسلوب شيق، حيث تنتزع هذه الأشعار والتعبيرات صورة المشهد من الواقع وتغرسها في عقل المتلقي، من ذلك وصفه موقع قصر «مكبث» بشكل دقيق حتى يكاد يجسد هذا المشهد أمام أعين المشاهدين.

بُنيت المسرحية وفق تسلسل الأحداث وتتابعها، وتتمحور الأحداث فيها حول فكرة رئيسية تتلخص في ارتقاء «مكبث» موقع السلطة، ثم سقوطه المفاجئ، فهو يظهر في بداية المسرحية جندياً شجاعاً ونبيلاً تكالبت عليه مؤثرات طبيعية (شهرته كمقاتل، ونفوذه كقائد للجيش) ومؤثرات خارقة (اجتماعه بالساحرات الثلاث في الخلاء بعد عودته من المعركة)، ما قاده بالاتفاق مع زوجته إلى قتل ابن خالته «دنكن» ملك البلاد.

تبلغ المسرحية ذروتها عندما يكمن ثلاثة من عتاة المجرمين لـ«بانكو» (المقرب من الملك، والذي كان متوجساً من تصرفات «مكبث»)، وابنه «فيلنس»، بالقرب من قصر «مكبث» فيقتلون الأب، غير أنهم لا يتمكنون من النيل من الابن الذي يفر هارباً، مما يعني أن «مكبث» سيكون آمناً لأجل محدود، ليعود «فيلنس» ويسير على خطى والده المغدور، وبذلك يبقى الخطر الذي يتهدد «مكبث» قائماً.

بعد ذلك تصبح القوى المعارضة لـ«مكبث» أكثر خطوة، يتلقى «مالكوم» ابن الملك السابق «دنكن» وعداً من قادتها بإمداده بالمساعدة اللازمة لقتال «مكبث». أما بالنسبة لعائلة «مكبث»، فتصاب زوجته بالجنون، ويتمكن «مكدف» الذي كان أول من اكتشف جريمة اغتيال الملك، من التغلب على «مكبث» وقتله، ويتوج «مالكوم» الوريث الحقيقي لـ«دنكن» ملكاً على أسكتلندا.

يشير برنارد لوت إلى أن المسرحية تضمنت مشاهد لم يكتبها شكسبير، وإنما أضيفت إليها بأيدٍ خارجية، كما تم حذف أجزاء من النص الأصلي للمسرحية، وهو ما يفسر بعض الأمور الغامضة فيها، وبعض القفزات غير المدروسة، مثال ذلك خطة اغتيال الملك «دنكن»، إلا أن ذلك لا يُنقص من قيمة هذه المسرحية الخالدة التي ظلت شاهداً على أروع ما أنتجه العقل الأدبي العالمي.

مكبث
 
26-Mar-2009
 
العدد 69