العدد 69 - اقتصادي
 

محمد علاونة

عكّر اختلافُ النظرة لعملية السلام والعلاقات مع إسرائيل، الروابط الاقتصادية بين الأردن وسورية، بما يتناقض مع مصالحهما المشتركة التي ارتبطت بمجالات الصناعة والتجارة والاستثمار، وانعكست على انسياب السلع والأفراد.

لكن تشكيل حكومة يمينية متطرفة في إسرائيل، ووجود إدارة أميركية منفتحة برئاسة أوباما، قد يمنح البلدين الجارَين فسحةً لمزيد من التقارب، بخاصة في العلاقات الاقتصادية، بحسب الخبير الاقتصادي إبراهيم سيف.

رئيس تحرير «العرب اليوم» طاهر العدوان، يعتقد أن «الظروف تفرض التعاون على الجيران، بصرف النظر عما إذا كانوا عربا أو لا». يقول: «إن صدقت نوايا البلدين نحو التعاون، فإن هنالك فرص تعاون اقتصادية غير مسبوقة يمكن أن تولد تبادل خبرات وسلعاً مع تجربة الأردن في الخصخصة والاستثمار، في ظل إقدام سورية على الانفتاح على دول العالم».

الخبير الاقتصادي أحمد النمّري يفترض بأن يكون الاقتصادان الأردني والسوري مكمِّلَين لبعضهما بعضاً من دون العوامل السابقة، بحكم التقارب، وطول الحدود بين البلدين، فضلاًَ عن الموارد المشتركة، «طاقات فنية وبشرية من جانب الأردن، وثروات طبيعية من سورية» وفقاً للنمّري.

في تشرين الأول/أكتوبر 2007، وبعد انتهاء أعمال اللجنتين الفنية والتحضيرية بنجاح، بحسب تصريحات أدلى بها وزير الصناعة والتجارة السابق سالم الخزاعلة ونظيره السوري، وصياغة البيان الختامي للّجنة التحضيرية المتضمن 12 اتفاقية، فوجئ المجتمعون بتأجيل اجتماعات اللجنة العليا السورية - الأردنية المشتركة التي كان من المقرر أن تلتئم بعد الاجتماعات الفنية بيوم، إلى منتصف الشهر الذي يليه، وهو ما عكسَ وجود خلافات حالت دون توقيع الاتفاقيات.

الملك عبد الله الثاني قام بزيارة خاطفة إلى دمشق في تشرين الثاني/نوفمبر 2007، عُقد خلالها ما عُرف بالقمة السورية الأردنية، التي خرجت ببيان أفاد بأن البلدين «اتفقا على حلول جادّة وفاعلة للمسائل العالقة، بخاصة تلك المتعلقة بالتعاون الاقتصادي والمياه والحدود والمعتقلين والقضايا الأمنية».

في كانون الأول/ديسمبر 2007، وصل رئيس الوزراء السوري محمد ناجي العطري في زيارة رسمية إلى عمّان، والتقى الملك، ثم تم توقيع الاتفاقيات التي تم تأجيلها.

زيارة الرئيس السوري بشار الأسد الأسبوع الفائت، ومباحثاته مع الملك، قرأها محللون في اتجاه تشكُّل انفراجة في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، التي لا تقتصر على التجارة، بل تتعداها كون دمشق بدأت تتحول من الاقتصاد المركزي إلى نقيضه الليبرالي، ويمكن الأردن أن يستفيد من هذا التحول، بحسب سيف الذي يقول: «البنكان الأردنيان: (الإسكان)، و(العربي) من أوائل البنوك التي افتتحت فروعا في سورية، وهو مؤشر على توسيع دور العمل المصرفي الأردني في سورية، بعد أن اقتصر في وقت سابق على البنوك اللبنانية».

بنك الإسكان للتجارة والتمويل، أَسَّس العام 2003 المصرفَ الدولي للتجارة والتمويل في سورية. يبلغ رأس المال الاسمي للمصرف 30 مليون دولار، أي ما يعادل 1.5 بليون ليرة سورية، مدفوعاً بالكامل.

يمتلك البنك ما مجموعه 49 في المئة من أسهم المصرف الدولي للتجارة والتمويل، أما بقية الأسهم (51 في المئة) فهي مملوكة للقطاع الخاص في سورية، بما في ذلك شركات مساهمة ورجال أعمال.

البنك العربي أعلن العام 2006 افتتاحه فرعاً في سورية، ليصبح خامس بنك خاص يباشر أعماله المصرفية في سورية منذ تحرير القطاع. يبلغ رأسمال البنك 29 مليون دولار، ويمتلك مستثمرون سوريون نسبة 51 في المئة من رأس المال.

العدوان يستشعر بأن ما يظهر للعيان من خلافات سياسية بين البلدين لا يعكس واقع الحال مع وجود مصلحة مشتركة. «الأردن يتفهم موقف سورية من قضية لبنان وعملية السلام، ويسعى لمساعدة دمشق في تقريبها من الولايات المتحدة، هدفاً للاستقرار في المنطقة، يقابله فهم سوري للمواقف الأردنية في السياسة والقضايا العربية».

سيف يرى أن التعاون الاقتصادي لا يرتقي إلى مستوى التقارب بين البلدين، بخاصة أن الأردن «يمكن أن يستفيد من العمالة السورية، وإقامة مشاريع صناعية مشتركة، ونقل تجربته في مجال الأسواق المالية إلى دمشق، التي تخطو خطوات مسارعة في هذا الاتجاه».

الأردن ينظر إلى سورية بوصفها بوابته إلى تركيا وأوروبا، فيما تنظر سورية إلى الأردن بوصفه بوابتها إلى الخليج العربي، وهو ما تبينه حركة يومية عبر المنافذ الحدودية للبلدين، بشكل كبير وكثيف، وبمعدل 30 ألف مسافر و600-800 شاحنة، بحسب بيانات صادرة عن البنك المركزي الأردني.

اتفاقية التجارة الحرة بين الأردن وسورية، دخلت حيز التنفيذ العام 2002، عندما سجلت الصادرات الأردنية إلى سورية، مستوى 25.6 مليون دينار، بينما بلغت قيمة المستوردات منها 26.5 مليون دينار، بحسب الأرقام الصادرة عن وزارة الصناعة والتجارة. ويصل حجم التبادل التجاري بين البلدين الآن إلى نحو 600 مليون دينار، منها 288 مليونا صادرات أردنية.

«تسهيل انسياب السلع بين البلدين يجب أن لا يكون العامل الوحيد في رفد التعاون الاقتصادي، هنالك ضرورة لتسهيل عبور الأفراد أيضاً، وصولاً لتعاون حقيقي»، بحسب العدوان.

معلومات وزارة النقل، تشير إلى وجود شراكة نقل من خلال الشركة الأردنية السورية للنقل البري التي تأسست العام 1975 برأسمال قدره 8 ملايين دينار على أساس المناصفة بين الحكومتين، وتتمتع بالشخصية القانونية والاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، وهي شركة حكومية مساهمة محدودة المسؤولية. وقد ارتفع أسطول الشركة إلى 324 شاحنة.

الأردن وسورية: فُسحة انفراج في العلاقات الاقتصادية
 
26-Mar-2009
 
العدد 69