العدد 69 - أردني
 

ابراهيم قبيلات

تتجه علاقة الحكومة بجماعة الاخوان المسلمين إلى التأزم، وفق تقديرات إخوانية. الناطق الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين جميل أبو بكر في تصريح لـ«السجل»: «العلاقة بين الحكومة والإخوان المسلمين مرشحة للتأزم مجدداً، وذلك في ضوء اعتزام الحكومة إحالة ملف جمعية المركز الإسلامي إلى النيابة، بعد أربعة أشهر على تسريب وعود من مدير المخابرات العامة السابق الفريق أول محمد الذهبي بفك استعصاء هذه القضية، وإعادة إدارتها إلى الإسلاميين». يضيف أبو بكر «العلاقة المأزومة لا تشمل فقط الإخوان بل تمتد لتطال المجتمع نفسه».

كانت حكومة معروف البخيت ارتكزت إلى شبهة فساد، حين وضعت يدها قبل ثلاث سنوات على إدارة وملفات جمعية المركز الإسلامي، التي تشكّل الذراع المالية للإخوان، وبحجم استثمارات يناهز نصف مليار دينار.

يبدو من الواضح أن الحوار الذي بدأه محمد الذهبي، في تموز/يوليو الماضي مع جماعة الإخوان، بموازاة حوار أمني آخر مع حركة المقاومة الإسلامية حماس، حليفة الإخوان في قطاع غزة والضفة الغربية، والمحظورة رسمياً منذ 10 سنوات. كان الهدف منه احتواء جماعة الإخوان إبان فترة العدوان على غزة.

موسى الكيلاني، الخبير في الشأن الإسلامي، يرى أن حسم إحالة الملف إلى النيابة العامة، يعكس محاولات الجهات الرسمية لحسر انتشار الإسلاميين، بعد أن تمددوا في الشارع إبان العدوان الإسرائيلي على غزة قبل أربعة أشهر.

عقدت اللجنة المكلفة من الجماعة بمتابعة ملف الجمعية مؤتمراً صحفياً الأحد 8 آذار الجاري، في المركز العام لجماعة الإخوان المسلمين، موضحين أن المؤتمر كان «لاطلاع الرأي العام حول مسار الملف، وللمطالبة بإيجاد حل له، واجتماع الهيئة العامة لإجراء انتخابات الهيئة الإدارية».

حسين العموش، الناطق الإعلامي باسم وزارة التنمية الاجتماعية التي تقع الجمعية تحت مظلتها، اعتذر عن التعليق على هذه القضية «كون الملف أحيل للإدعاء العام».

زكي بني رشيد، أمين عام جبهة العمل الإسلامي ، يؤكد أن ملف الجمعية يشكّل «اختباراً حقيقياً لنوايا وتوجهات الحكومة في الإصلاح السياسي بشكل عام». وربط بني رشيد بين «تحمل الديمقراطية في مجتمع ضيق كما هي الحال في الجمعية، وتحمل الديمقراطية في المجتمع بشكل عام».

بني رشيد أبدى استغرابه من المفارقة بين حديث الحكومة عن «الإصلاح السياسي وفتح باب الحريات للناس»، بينما «تضع يدها على جمعية خيرية وتتغوّل على مؤسسات المجتمع المدني».واعتبر أن الحكومة ارتكبت «مخالفة صريحة لقانون الجمعيات» بسبب المدة الطويلة التي استغرقتها في دراسة الملف، لافتا إلى أن القانون يلزم الحكومة بإجراء انتخابات في الجمعية موضع التساؤل خلال 60 يوماً من تاريخ وضع اليد عليها.

وذكّر بني رشيد بتصريح لرئيس هيئة التحقيق في ملف الجمعية بسّام العموش «بعدم وجود مخالفة قانونية». بأذرعها الخيرية كانت الجمعية تشكل قبل وضع اليد عليها روافع انتخابية في مختلف مناطق المملكة، لاسيما في الأرياف ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين. حيث يدور في فلك الجمعية مستشفيان في عمان والعقبة، كلية مجتمع، زهاء 60 مدرسة وروضة وعشرات الاستثمارات الأخرى لاسيما في قطاعات النقل، التعليم والصحة.

في معرض انتقاده لأداء الحكومة، شدّد بني رشيد على أن الجمعية «ليست لحم أضاحي يوزع بين عائلات المجتمع أو كوتا يتم اقتسامها بين الأحزاب»، وطالب بإعادة الاعتبار للهيئة الإدارية السابقة واحترام حقها في إجراء انتخابات. ورأى في قرار الحكومة الأخير محاولة «لوضع منظور سياسي لحزب معين في الهيئة الإدارية المقبلة، ورشوة تقدمها الحكومة لحزب مناكف للحركة الإسلامية»، في إشارة إلى حزب الوسط الإسلامي.

بسام العموش، الوزير والسفير السابق والناشط الإسلامي المنشق عن الإخوان، الذي قاد هيئة التحقيق سبعة أشهر، بتعيين من حكومة معروف البخيت، وكلف بإدارة أول لجنة رسمية مؤقتة لإدارة أعمال جمعية المركز الإسلامي لحين التأكد من شبهة الفساد. يؤكد لـ«السجل» لم ألمس شيئاً مخالفاً على تلك الجمعية خلال مرحلة التدقيق الأولية، باستثناء حالة واحدة في مخيم البقعة، تمت محاسبة المتسبب بها. تلك الحالة كانت تتعلق بتزوير دفاتر ووصولات غير حقيقية بقيمة 1500 دينار، بحسب العموش، مؤكدا أن النائب العام حقق مع «أعضاء الهيئة الإدارية ولم يظهر شيء». ونقل العموش قوله لمن كان يراجعه من أعضاء الهيئة حسب ما صرح لـ«السجل»: «روحوا تفاهموا مع الحكومة».

رئيس هيئة الإدارة السابقة سعد الدين الزميلي كان أكد أن التجاوزات لا تتعدى كونها «اجتهادات إدارية خاطئة قابلة للتصويب».

يضيف العموش: «أنا لا أؤمن بسيطرة جماعة الإخوان المسلمين على زمام الجمعية، وقد فتحنا باب العضوية حتى قاربت 220 عضواً، عن طريق التطعيم بأعضاء جدد». ويستذكر كيف كانت نية الحكومة مبيتة لإغراق الجمعية بأعضاء جدد لتسهيل السيطرة عليها؛ ما دفع العموش للحديث مع رئيس الحكومة في حينه لكن دون جدوى.

حكمت الرواشدة، محامي جبهة العمل الإسلامي من جهته يعتقد أن «القضية سياسية أمنية وقد حولت قبل عامين للإدعاء العــــام، وهي متابعة من قبل القاضي حســـن العـــبداللات، وتـــم استـــدعاء 23 شخــصا

وجــرى التحـــقيق معهم، إلا أنه لم يظهر شيء على الإطلاق، ما دفعنا الآن لمخاطبة رئيس الوزراء ووزارة التنمية بكتب رسمية، نطلب فيها اجتماع الهيئة العامة لإجراء انتخابات الهيئة الإدارية، ولغاية الآن لم يأتِ رد».

"السجل" اتصلت بمدير دائرة الادعاء العام بالإنابة محمد الصوراني، حيت أبدى عدم إلمامه بالموضوع، يقول الصوراني في معرض رده لـ «السجل»: القضية متابعة من القاضي حسن العبد اللات وهو خارج الأردن الآن، ولا توجد عندي خلفية لهذا الموضوع إطلاقا».ً

تعود نشأت جمعية المركز الإسلامي إلى بدايات تأسيس الجماعة في الأردن قبل 60 عاما. وهي تشغل 3500 موظف، موزعين على أنحاء المملكة الأردنية.

إحالة ملف المركز الإسلامي للنيابة العامة: تأزم جديد ينتظر علاقات الحكومة بالإخوان
 
26-Mar-2009
 
العدد 69