العدد 67 - سينما وتلفزيون
 

عندما أُنتج فيلم "قصة لعبة" (Toy Story) العام 1995 ، وبعد نجاحه في إحراز مواقع متقدمة في شبّاك التذاكر الأميركي، وتحقيق أكثر من 200 مليون دولار، ما كان يُعدّ رقماً قياسياً وقتها، بدأت النظرة تتغير تجاه أفلام الرسوم المتحركة، التي لم تعد موجهة إلى الأطفال فقط، بل أصبحت فناً مستقلاً، يعمل فيه آلاف المصممين والرسامين، ضمن شركات جديدة قامت لتنتج هذا النوع من الأفلام، التي تحقق أرباحاً خيالية. وقد أُنجز جزء ثانٍ من الفيلم بعد أربع سنوات، حقق نجاحاً أكبر، وعزز مكانة أفلام ال( Animation) في السينما الأميركية، واستطاع تحقيق 250 مليون دولار في شباك التذاكر، ويعمل القائمون على الفيلم على إنتاج جزء ثالث منه ، يُتوقَّع صدوره العام المقبل. أفلام الرسوم المتحركة عُرفت منذ بدايات القرن الماضي، ففي شباط/فبراير 1914 ، أطلق الرسام الشهير «وينسور ماكاي »، فيلمه الكارتوني الأول، في شيكاغو، بعنوان «الديناصور غيرتي » الذي تكوّن من 100 رسمة، وكان يقوم هو نفسه بتغيير هذه الرسمات بين فترة وأخرى، وفي تشرين الثاني/نوفمبر من العام نفسه، جرى تحسين الفيلم وعرضه بشكل كامل، ليكون أول فيلم رسوم متحركة يُعرض في السينما. عُرفت شركة ديزني، بأنها من أقوى الشركات التي تشتهر بإنتاج مثل هذه الأفلام، وأنها تمتلك أكبر حصة في سوق «الرسوم المتحركة »، إذ كانت من أوائل الشركات التي قدمت هذه الرسوم، في أواسط القرن الماضي، ومن أشهر الأفلام التي أنتجتها: «سنووايت والأقزام السبعة » الذي كان أول فيلم رسوم متحركة كامل يتم إنتاجه، إضافة إلى أفلام مثل: «فانتازيا » الذي أُنتج العام 1940 ، وفيلم «بيتربان (1956)، وفيلم «كتاب الغابة (1967).

يتم صنع هذه الأفلام، بوساطة فنانين يقومون برسم أشخاص الفيلم يدوياً أو عن طريق الحاسوب، ثم يتم تحريكها عبر برنامج محاكاة الحركة، حيث تجري معادلات كثيرة لحركة الأجسام، ويتم رسم خلفيات المشاهد والبيئات، وإضافة التأثيرات والظلال،باستخدام برنامج «ريندر مان »، وفي النهاية يعالَج الفيلم دفعة واحدة، حيث يقوم حاسوب مركزي بمعالجة كل المعادلات الخاصة بالرسم والتحريك، وإضافة التأثيرات لإنتاج لقطة واحدة تساوى 1/ 24 من الثانية للفيلم بجودة عالية، وتستغرق العملية 6 ساعات لإنتاج هذه اللقطة. ولتنفيذ لقطة تستغرق ثانية واحدة يتم

معالجة 24 إطاراً لتكوين نسخة إلكترونية من الفيلم. وفي النهاية يتم تحويل النسخة الإلكترونية إلى فيلم سينمائي عادي يُعرض في دور السينما.

تُعد شركة (Pixar) من أفضل شركات الإنتاج التي تنتج أفلام الرسوم المتحركة. بدأت الشركة بوصفها فرعاً ل « لوكاس فيلم » التابعة للمخرج الشهير «جورج لوكاس »، في بداية الثمانينيات، وكانت (Pixar) زميلة ل « ديزني » لفترة طويلة، وفي العام 1986 قام «ستيف جوبس »، المدير التنفيذي لشركة «أبل »، بشراء هذه الشركة، مقابل 10 ملايين دولار. تمتلك «ديزني » الآن أستوديوهات (Pixar). وقد أنتجت هذه الشركة العديد من الأفلام الناجحة، مثل «العثور على نيمو » العام 2003 ، و «شركة المرعبين المحدودة » العام 2001 ، وقامت العام الماضي بإنتاج الفيلم الشهير » WALL-E « الذي نال جائزة الأوسكار لأفضل فيلم رسوم متحركة مؤخراً. وتم إدخال هذه الفئة على جوائز الأوسكار، للمرة الأولى، العام 2001 ، بعد انتشار هذا النوع من الأفلام، وتشجعت بعدها شركات الإنتاج الأخرى لصنع مثل هذه الأفلام، مثل شركة (DreamWorks) التي استطاعت إثبات نفسها في هذا المجال، عبر إنتاج أشهر سلسلة «شريك Shrek( » (، العمل الذي حقق إيرادات هائلة بأجزائه الثلاثة، ففي العام 2001 صدر جزؤه الأول وحقق أكثر من 250 مليون دولار في شباك التذاكر، وبعدها بثلاثة أعوام تم إنتاج جزئه الثاني الذي حصد أكثر من 400 مليون دولار، ليصبح أنجح أفلام الرسوم المتحركة على الإطلاق، أما جزؤه الثالث الذي أُطلق قبل عامين فقد حصد أكثر من 300 مليون دولار، ويخطط القائمون عليه لإنتاج الجزء الرابع العام المقبل. في الفترة الأخيرة، أصبحت أفلام الرسوم المتحركة، تقدَّم لغايات أخرى غير الغايات الترفيهية أو التثقيفية للأطفال، إذ تم مؤخراً إنتاج فيلم إسرائيلي «رقصة فالس مع بشير »، يتحدث عن مجازر صبرا وشاتيلا، بطريقة الرسوم المتحركة، إضافة إلى أفلام أخرى مثل »Perespolis« الإيراني، الذي نال الكثير من إعجاب النقاد العام الماضي، ورُشح لجائزة الأوسكار.

الرسوم المتحركة: الثورة الرقمية طورت صناعة الأفلام
 
12-Mar-2009
 
العدد 67