العدد 67 - ثقافي
 

معن البياري

طوال سبعة أيام، شهدت دبي مهرجاناً كبيراً للشعر، استحق وصفَه بأنّه دولي، وبأنه الأول من نوعه عربياً، بالنظر إلى أن أكثر من

مئة شاعر من دول عديدة شاركوا في أمسياته وأنشطته في أكثر من 12 موقعاً، بينها مراكز تجارية وأندية اجتماعية ومسارح وجامعات. المهرجان اختُتم بإطلاق جائزة دبي للشعر، التي ستُمنح لثلاثة، هم: «شاعر الإنسانية » الذي يخدم الإنسانية في شعره، و «الشاعر المترجَم »، الذي تتفوق نصوصه بلغات عدّة، على أن تكون العربية إحداها، و «الشاعر المبدع »، الذي يتميز منجزه الشعري.

أعلن عن ذلك رئيس المهرجان جمال حويرب، في كلمة في حفل الاختتام، من دون أن يوضح تفاصيل هذه الجوائز وقيمة كل منها، كما أعلن عن توجه إلى تشكيل «رابطة شعراء العالم » برعاية المهرجان، ستنشط في تفعيل الصلات بين الشعراء. شملت فعاليات المهرجان احتفاليات بعمر

الخيام، ومحمود درويش، وأبي القاسم الشابي، )بحضور نجله وحفيده(، وبشعراء رواد إماراتيين، في أجواء تحققت فيها حميمية خاصة، وأقيمت خلاله ندوات تناولت قضايا الشعر وترجمته ومستقبله وأنماطه، ومعارض للخط العربي وللوحات تشكيلية ولمقتنيات شعراء راحلين.

في اتساع المشاركة فيه، وطموحه المعلن بأن ينتظم سنوياً، وأن يستضيف ألف شاعر في سنواته الخمس الأولى، وفي أن تكون مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، المعنية بالمعرفة والتعليم والنشر والتخطيط الثقافي، المنظّمة له، وفي رعايته من نائب رئيس الإمارات رئيس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي شهد حفلَي الافتتاح والاختتام وأمسيتين فيه... لذلك كله، فإن «مهرجان دبي الدولي للشعر » يؤكد أن في

مقدور دبي أن تكون مدينة للنشاط الثقافي العربي والعالمي، إضافة إلى مكانتها المتقدمة كمدينة نشاط اقتصادي كبير.

فالمهرجان الجديد يُضاف إلى نظيره السينمائي الذي صار له موقعه بين مهرجانات الفن السابع العالمية. وهو يؤشر أيضا إلى صورة باتت تُعززها دبي لنفسها، لا تحشرها في نشاطات المال والعمران، حيث إن مدينة عالمية التجهيزات والبنيات قيد الإنجاز ستقام في دبي، تضم متاحف ومكتبات وأكاديميات فنية، وجرى تدشين العمل بها قبل نحو عام. وإذ يتوالى توقف مشاريع عمرانية مع تباطؤ اقتصادي وتسريحات لعمال وموظفين في بعض القطاعات في دبي، جراء الأزمة العالمية، فقد لوحظ أن إنفاقاً سخياً حظي به المهرجان، بالإعلانات اليومية عنه في الصحف،

والمصروفات الظاهرة على مطبوعاته ونشراته، فضلاً عن مكافأة كل مشارك بألفي دولار، والاستضافة في فنادق فخمة. والبادي أن دبي تسعى إلى أن يكون لها دور بارز في التنشيط الثقافي العربي، يكسر الشائع عن مدن عربية تُوصف بأنها مراكز ثقافية وأخرى تعدّ هوامش. وحظيت بثناء وفير من شعراء بارزين شاركوا في المهرجان، منهم الجنوب إفريقي برايتن برايتنباخ، المشهور بنضاله ضد العنصرية ومناصرته الشعب الفلسطيني، وصوته القوي عالمياً ضد إسرائيل، وقد ألقى كلمة في الافتتاح أشار فيها إلى خسارة كبيرة للشعر والإنسانية برحيل محمود درويش.

وفي كلمته في حفل الاختتام، قال الفائز بجائزة نوبل للآداب، الروائي والشاعر النيجيري وول سوينكا، إن دبي مركز ثقافي عريق ومدينة رائعة، وكان شارك في إحدى أمسيات اليوم الأخير، وقرأ نصاً نثرياً عن فلسطين بين نصوص شعرية له، وتوجه بتحية خاصة إلى درويش. وصرّح للصحافة أنه ينحاز إلى الشعر في مواجهة الظلم والتطرف، بوصفه ضرورة إنسانية، وإنه لا يستطيع أن يعزل معاناة الشعوب الإفريقية عن معاناة شعوب أخرى في العالم، كالفلسطينيين والجورجيين.

من بين مشاركين كثيرين في مهرجان دبي الدولي للشعر: الألماني يواخيم سارتوريوس، والفرنسية إريان دريفوس، والفنزويلي أنريكي مويا، والإيرانية ناهد كيري، وآخرون من الصين وألمانيا وإيرلندا ودول أخرى. ومع مشكلات في الترجمات الفورية وغير الفورية التي رافقت القراءات، إلا أن المستمعين تعرفوا، إلى حدّ ما، إلى الشعريات المستضافة في المهرجان. وتيسرت الترجمات أيضاً إلى الإنجليزية وغيرها لنصوص الشعراء العرب، ومنهم من الأردن: خيري منصور، وسعد الدين شاهين، ومن مصر: أحمد عبد المعطي حجازي، وسيد حجاب، ومن تونس: المنصف المزغني، ومن الإمارات: نجوم الغانم وحبيب الصايغ، ومن السعودية: عبد الله الصيخان، ومن لبنان: زاهي وهبي وشوقي بزيع وجمانة حداد. كانت ظاهرةً في دردشات الضيوف تساؤلاتٌ عن أسباب دعوة هذا الشاعر وغياب ذاك. وظلّ بلا إجابة سؤال بشأن غياب أدونيس، وهو الذي غاب اسمه من بين أعضاء اللجنة الاستشارية للمهرجان في الموقع الإلكتروني له قبل أيام قليلة. وقيل إنه آثر تلبية دعوة إلى الصين، أو إلى الولايات المتحدة، وشاع أن «شيئاً ما » وراء غيابه المفاجئ الذي تصادف مع نشر سعدي يوسف قصيدة يهجوه فيها بحدّة. والمعلوم أن سعدي من غير المرحب بهم في الإمارات. كان مثارَ انتقاد أن شعراء العامية والنبطي قدّموا قرءاتهم في أمسيات مشتركة مع شعراء الفصحى وقصيدة النثر والتفعيلة، وإن حظي الشاعران بالنبطي الشيخ حمدان بن محمد بن راشد وشقيقه الشيخ أحمد بأمسية خاصة بهما، شهدت حضورا واسعا، وتضمنت قصيدةٌ لأحدهما بعض المديح لصدام حسين.

سوينكا وبرايتنباخ يتذكّران درويش مهرجان عالمي للشعر يطلق 3 جوائز دولية
 
12-Mar-2009
 
العدد 67