العدد 68 - أردني
 

السجل - خاص

في ربيع العام الماضي كان مسرحاً لأعمال شغب، أودت بحياة ثلاثة نزلاء حرقاً. أما اليوم، فيضم مركز إصلاح وتأهيل الموقر مدرسة تتمتع بالاكتفاء الذاتي لجهة المدرسين والإداريين، وذلك بعد أن ساهم نزلاء في ترميم السجن مقابل أجر. وفي الصيف تتحول صفوف المدرسة - المقسمة بين محو أميّة وصفوف الثانوية العامة (التوجيهي)- إلى موسم ثقافي متجدّد، ضمن خطط إدارة السجون لتحسين معيشة النزلاء وصيانة حقوقهم بالتشارك مع الاتحاد الأوروبي.

العقيد هاني المجالي، مدير سجن الموقر، يؤكد أن الاستعانة بالنزلاء في ترميم السجن، الذي يبعد 45 كيلو متراً جنوب شرق عمان، تشكّل باكورة برامج لإعادة تأهيل النزلاء وصقل خبراتهم لدخول سوق العمل من جديد. يحصل المشاركون على حوافز مالية ومعنوية، بما فيها اختزال

مدة المحكومية على قاعدة حسن السلوك، حسبما يضيف العقيد المجالي.

يدرس في مدرسة «التوبة » في سجن الموقر عشرة نزلاء، وهي تضم 70 طالبا، أي واحد إلى عشرة من نزلائه. أربعة «طلاب » تقدموا لامتحان التوجيهي شتوية هذا العام، فنجح منهم واحد. هناك مدرسة موازية «المتنبي » في سجن السواقة (70 كيلو مترا جنوب عمان). تؤوي سجون الأردن العشرة قرابة 7000 نزيل، وبعضها مكتظ فوق سعته التصميمية.

ماهر موسى عايش، مدرس لغة عربية، يقضّي عقوبة بالسجن سبع سنوات. عايش يدرس طلاب من السابع ولغاية المرحلة الثانوية، ويتقاضى مقابل ذلك من وزارة التربية والتعليم ما معدله 200 دينار شهريا (280 دولاراً)، أي 50 ديناراً فوق الحد الأدنى للأجور. المدرس المؤقت، الذي كان يعمل في دائرة الأراضي والمساحة يقول: «وضعنا مثل أي معلم خارج السجون. وأفكر جديّا في متابعة التدريس بعد خروجي من السجن ». ويضيف «فكرة إنّه الواحد يدرّس جيدة .» عودة إلى مقاعد الدراسة.

حصول الطالب سمير محمد على شهادة التوجيهي سابقا، لم تثنه عن الجلوس على مقاعد الدراسة مجددا. ويقول محمد (48 عاما): «الدراسة كويسة وستساعدني في حياتي عقب انتهاء حكمي في قضية شيك بدون رصيد، بعد ستة أشهر .» فتاح حسن سعيد (43 عاما)، المسجون في قضية شيك ، يسعى لنيل شهادة أعلى، وهو الذي درس حتى الصف الثامن في صغره. يقول سعيد: «بعد أن أخرج سأعمل في أي شيء. والشهادة إذا ما نفعت ما رح تضر .»

السجين محمد عمر حراحشة (30 عاما)، المسجون ، يشكر إدارة السجون ويضيف: «كنا سابقا شبه أميين. واستفدنا من الدراسة كثير بحيث بس نطلع من السجن نكمل دراستنا حتى لو ما وصلنا إلى مراكز متفوقة راح تساعدنا في حياتنا وأعمالنا .» أحمد (48 عاما) «مصمم » على خوض امتحان التوجيهي لتغيير «مجرى حياته ». هذا المحكوم مؤبد في جريمة قتل، كان تدرج إلى صف الأول ثانوي في شبابه.

«من دهنه قلّيله .» أستاذ الرياضيات عبد الله أبو حمد يتساوى مع طلبته، في أنهم يعودون إلى المهاجع ذاتها بعد مهمة التدريس. أبو حمد، يقضّي

عقوبة سبع سنوات ونصف السنة في قضية شروع بالقتل، لكنها اختزلت إلى النصف لحسن السيرة والسلوك، علما أنه يدرس للسنة الثالثة. لا يستبعد أبو حمد احتراف التدريس بعد خروجه، مع أنه في الأصل مهندس معماري. الغوث من خلف القضبان.

أجور هذا النزيل الشهرية تساعده على إعالة عائلته في الخارج. عبد القادر (29 عاما) يؤكد أن الدراسة حسّنت مستوى تعليمه، ويزيد: «السجن ساعدني. حتى لو طلعت قبل مدة خروجي، تلقيت خدمة كبيرة في السجن ». قبل أن يقضّي عقوبته التي تنتهي بعد أربعة أشهر، كان مستوى تحصيل عبد القادر أول ثانوي. مستوى تحصيل أحمد ) 30 عاما(، كان لا يتجاوز الصف العاشر. وبعد أن دخل السجن لثلاث سنوات في قضية تزوير، انخرط أحمد في فصل التوجيهي، وهو يتطلع لدخول الجامعة لاحقا. نزار العمور (24 عاما)، المحكوم عامين ونصف العام في قضية سلب، يأمل في أن تشكّل دراسته «إن شاء الله نقطة بداية في الحياة خارج السجن ». دراسة العمور توقفت في صباه عند العاشر. أحمد يدرس لغّة انكليزية في صف «محو الأميّة » لكنّه سيعود إلى مهنته الأصلية في الترجمة حين يخلى سبيله مطلع نيسان/ إبريل بعد أن يقضّي عقوبة في قضية احتيال. أكبر طلاب «محو الأمية » سنا في حصة الإنكليزي سائق شاحنة براد في الثامنة والخمسين من عمره. يقول محمد: «بدّي أتعلم أقرأ وأكتب لأني بنزل على أوروبا كثير. بدّي أتعلم قراءة إشارات الطرق وشو بدي أحكي، لما أروح هناك، في لغّة مختلفة .» مدير المدرسة عمر سعيفان (50 عاما) يقول إن مهمته تكمن في «إدارة جناح التعليم بشكل عام تنظيم وإشراف ومراقبة العمل .» سعيفان، الذي كان يعمل في أحد البنوك، مسجون في قضية شيك. وعن العقبات في الصفوف، يشير سعيفان، ، إلى أن المشاكل تكمن حصرا في وجود «فوارق بين التلاميذ في العمر، الفكر ومستوى التحصيل العلمي » بخلاف التعليم المعتاد خارج السجون. بجوار المدرسة، ثمّة مكتبة تضم 2000 كتاب، بحسب مدير السجن، تبرعت بها وزارات ومؤسسات عامة وجمعيات غير حكومية. ويخضع المدرسون لدورات في الفقه وتجويد القرآن واللغة الإنكليزية. يقول العقيد المجالي إن السجن بصدد تجهيز مختبر

حاسوب من 15 جهازاً. ووزعت إدارة السجون بدعم مؤسسات حكومية وأهلية 6000 كتيب بعنوان: «حقوق وواجبات السجين ،» بحسب العقيد المجالي. مصادر أمنية تفيد بأن الموقوفين والسجناء على خلفية خلايا توصف بالإرهاب، في سجني سواقة والجويدة، يرفضون التعاون مع

إدارة السجون، ويطالبون بالحصول على كتب فقه وشريعة، التي تؤمنها إدارة السجون بعد أن تضمن خلوها من لغّة تحريضية. رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان (فرع الأردن) المحامي هاني الدحلة، يطالب بتجهيز مدرسة في كل من مراكز الإصلاح. ويرى الدحلة أن «أوضاع السجون في الأردن ليست بالوضع المناسب، بعضها قديم جدا يحتاج إلى إصلاح وصيانة، بعضها مكتظ وبعضها غير مريح.

تدريس وخريجون في مراكز الإصلاح
 
19-Mar-2009
 
العدد 68