العدد 67 - اقتصادي
 

السجل - خاص

البيانات الصادرة عن سلطة المصادر الطبيعية، وتفيد بوجود 13 مليون طن احتياطي من مادة «رمال السليكا »، أساسية لصناعة الزجاج، تتناقض مع حقيقة وجود مصنع وحيد في الأردن في هذا المجال، وهو مصنع متوقف منذ العام 1987 بانتظار إحيائه بعد أن اشتراه مستثمر كويتي، العام .2007

في منطقة تزخر بكميات وفيرة من المادة الأساسية، ومحافظة سجلت مستويات بطالة مرتفعة ) 27.1 في المئة بحسب الإحصاءات العامة(، ضاعت آمال أهل المنطقة بإعادة تشغيل المصنع الوحيد في الأردن في مجال صناعة الزجاج، الذي دعا لإنشائه الملك الراحل الحسين العام 1981 . في محافظة معان، وبالقرب من الطريق الدولية المؤدية إلى السعودية والعراق، وبالجوار من منشآت مؤسسة سكة حديد العقبة، يقبع مصنع الزجاج بانتظار إعادة تشغيله، بحسب رئيس غرفة تجارة معان عبدالله صلاح. يقول: «أهل المنطقة قلقون بعد أن علمنا أن المستثمر ينوي بيع أراضي المصنع وبيع معداته، وهناك من يقول إن مستثمرين آخرين من قطر سيقيمون مصنعاً آخر .»

الشركة الخليجية باعت مواد المصنع، من هناجر وحديد، وفككت أجزاء المصنع وهياكله، ورحّلتها لعرضها للبيع في السوق المحلية على

أنها خردة. كما جرى تقسيم الأراضي العائدة إلى المصنع القديم، التي تبلغ مساحتها 478 دونما، إلى قطع كل منها عشر دونمات، ما دفع

أبناء المنطقة إلى الاعتقاد أنها في طريقها للبيع، كون الشركة المالكة للأرض تعمل في مجال العقارات، بحسب صالح أبو طويلة، أحد

أبناء المنطقة.

صلاح يرى أن معان «مُهْمَلَة »، رغم ما تمتلكه من مكونات تتعلق بالموارد الطبيعية أو الخدمات اللوجسية، ويضيف أن المحافظة تقع في مثلث «ذهبي »، يتيح نقل المواد الخام أو المصنعة إلى كل من السعودية والعراق، وإلى بقية دول العالم عبر ميناء العقبة. مستشار شركة المشروعات العقارية الكويتية، الشريف أيمن المدني، قال خلال اجتماع عقد في بلدية معان مؤخراً، إن «الأزمة الاقتصادية العالمية، والظروف الاستثنائية التي مرت بها الشركة، حالت دون إقامة مشروع مصنع للزجاج في معان بتكلفة تصل إلى 170 مليون دولار .»

بيد أن صلاح أبدى تفاؤلا حذرا عقب الاجتماع المذكور، وأضاف أن أي مشروع سيكون مردوده إيجابيا على أهالي المنطقة والاقتصاد الوطني بمجمله. المدني أكد لأهالي المدينة أن «الشركة جادّة بالعمل والالتزام بوعودها مع الحكومة لإقامة مصنع مصغر للعبوات الزجاجية تصل

تكلفته ما بين 30 و 50 مليون دينار، بدلا من مصنع الزجاج القديم الذي قامت الشركة بشرائه .»

أهالي مدينة معان الفقيرة التي تبعد 220 كيلو متراً جنوب عمّان، عاشوا التحولات التي شهدتها إعادة إحياء المصنع، وكثير منهم أملوا بالحصول على فرص عمل في هذا المشروع. كانت الحكومة باشرت العام 1981 ، بتشكيل مجلس إدارة شركة مصانع الزجاج الأردنية. وفي ذلك الوقت كانت معان، المدينة والمحافظة، تعاني من فقر شديد، ونسبة بطالة عالية، وكانت تحتاج إلى تنمية حقيقية وفعّالة.

وبدا أن هناك مقومات عديدة كان من شأنها ديمومة هذا المشروع، منها توافر العمالة الوافدة والبنية التحتية، لكن توقف هذا المشروع طرح علامات استفهام كبيرة، بحسب صلاح. «هنالك مقومات جديدة يمكن أن تدعم المشروع »، يقول صلاح، ويضيف: «المشاريع العقارية الكبرى في كلّ من العاصمة عمّان والعقبة تحتاج لمود بناء مكملة، مثل الزجاج. من هنا يمكن تسويق المنتجات المرتقبة .» المصنع عانى من انخفاض في قيمة معداته بسبب الاستهلاك، ما دعا لإصلاحه بين فترة وأخرى، واستيراد قطع الغيار من الخارج وبأسعار مرتفعة.

تعثر المصنع في العام 1987 ، وبدأت أسهمه تتهاوى في سوق عمّان المالية، إلى أن وصلت الأمور إلى تصفيته، وشُكِّلَت لجنة تصفية له صُرفت لها وعليها مبالغ مالية كبيرة، ما حرمَ المساهمين من استرداد حقوقهم بالكامل، بل تكبدوا خسائر مالية كبيرة، إضافة إلى تشريد زهاء 400 عائلة كانت تعتمد في معيشتها على عمل أبنائها في المصنع.

المدني خلال لقائه الفعاليات الشعبية والاقتصادية في بلدية معان، أكد انه لا نية لدى الشركة لبيع الأراضي المقام عليها المصنع القديم، وأن الهدف من تجزئة الأرض تخصيص 70 دونما لإقامة المصنع الذي تنوي الشركة إنشاءه، على أن تُستَغلّ البقية لإقامة صناعات متنوعة تتواءم وطبيعة المنطقةواحتياجات السوق، بالتعاون مع شركات صناعية ولوجستية عربية ودولية.

صناعة الزجاج تبقى بانتظار إحياء المصنع الوحيد في الأردن، وبانتظار تشغيل نحو 400 عامل من المتعطلين عن العمل في المحافظة، بحسب صلاح، في حال تم إنشاء المصنع الذي كشف عنه المدني، في الوقت الذي كان فيه مصنع الزجاج الموقوف يشغل أكثر من 2000 عامل.

صناعة الزجاج: مواد خام وافرة ومصنع وحيد ينتظر إحياءه
 
12-Mar-2009
 
العدد 67