العدد 65 - اقتصادي
 

السجل - خاص

عادة ما يكون بيع الأراضي وتصفية محافظ أسهم استثمارية الخيار الأخير لشركات عقارية تعاني من نقص في السيولة أعاقها الاستمرار في تنفيذ مشاريعها، وهو ما تنوي القيام به شركة «تعمير » الأردنية القابضة، التي كانت تنوي بيع نحو 130 دونما من أراضيها في منطقة منجا «أم العمد .» لكن الصفقة التي لم تتم، أخذت بعدا غير عادي بعد تداخلات برلمانية، بسبب ما قيل من أن الصفقة ستعقد بين تعمير ومؤسسة الضمان الاجتماعي بكلفة إجمالية تقدر بنحو 20 مليون دينار ستدفعها «الضمان » لــ"تعمير" بيد أن الناطق الإعلامي باسم كتلة الإخاء النيابية عبد الرحيم البقاعي، يقول إن الصفقة مجرد أحاديث متداولة، ويضيف «نحن نؤيد فكرة بيع شركات لأراضٍ لتغطية نقص سيولة، كونها مؤسسات وطنية، ولأن مساهميها والعاملين فيها أردنيون .» لكنه يرى من الأهمية بمكان أن تكون هنالك شفافية في مثل هذه المسائل، في إشارة منه إلى غياب رئيس الوحدة الاستثمارية في الضمان الاجتماعي فارس شرف عن لقاء الكتلة لمؤسسة الضمان الاجتماعي التي كان ينوى فيها النواب الاستفسار عن الصفقة. بعكس ذلك، فإن تلك الشركات ستضطر إلى خفض رأس المال وتسريح موظفين، كما حدث مع شركة « أملاك للتمويل – الأردن » التي أوردت تعميما إلى بورصة عمان أفادت فيه بأنها قامت بخفض رأسمال الشركة إلى مليون دينار من 60 مليونا. خطوة «أملاك » عالجت جزءا من نقص السيولة وخرجت بنتائج إيجابية، أهمها حفاظها على حقوق المساهمين، وإعادة توزيع الفارق

في رأس المال على المستثمرين لديها، بحسب بيان صدر عنها الشهر الماضي. الشركة قامت بإخطار الموظفين جميعهم بإنهاء عقود عملهم، مقابل دفع رواتب ستة أشهر فقط، بعد وعد لم يتحقق من رئيس مجلس الإدارة السابق مفلح عقل بمنح الموظفين رواتب ثمانية عشر شهرا. نقص السيولة مرده تحوط البنوك المحلية في منح تسهيلات، تحديدا لقطاع العقار. وقد بيّن البنك المركزي في تقريره الأخير الصادر نهاية العام الماضي، أن من إجراءاته الاحترازية لمواجهة الأزمة المالية العالمية فرض حدود مشددة على القروض المقدمة لقطاع العقار.

«المركزي » فسر ذلك بأن الاقتصادات الصاعدة، ومنها الاقتصاد الأردني، تواجه التضخم بمزيد من التشدد في السياسات المالية والنقدية، بينما تواجه الاقتصادات المتقدمة خطر النمو الاقتصادي والاستقرار المالي بسياسات نقدية توسعية. العديد من المؤسسات المالية قامت بإعادة بناء أسهمها، وعززت من جهود إصلاح ميزانياتها العمومية، وحسنت من نماذج إدارة المخاطر ونماذج آجال الاستحقاق لديها، غير أن ذلك لم يهدئ من مخاوف أسواق الائتمان الدولية، بحسب الخبير الاقتصادي غسان معمر. ويقول خبير قانوني لشركة تعتبر أكبر مطور عقاري في الأردن، طلب عدم ذكر اسمه، إن الشركة لجأت أخيرا لبيع قطع أراض تمتلكها، في خطوة منها لتوفير سيولة تكفي لإتمام مشاريع كانت بدأتها في الأردن قبل عامين. «الضائقة المالية التي تعاني منها الشركة ليست بالخطيرة »، كما يقول، «كون الشركة أخذت تحوطات مسبقة قبل أزمة الائتمان الحالية .» من تلك التحوطات، بحسب الخبير القانوني، أن الشركة المذكورة تعاملت بذكاء لدى البدء في إنجاز مشاريعها، عندما أسست شركات تابعة لها لتكون مكملة لمشاريع الشركة الأم، مثل تأسيس مصانع لإنتاج الوحدات الخرسانية، وأخرى للحديد والأبواب الخشبية والنوافذ، في خطوة منها إلى التكامل على أساس توفير ما لا يتم تصنيعه محليا بالعمل على تأسيس شركات لتخدم الشركة الأم والسوق المحلية ومن ثم التصدير للخارج. موضوع شراء أصول تلك الشركات، وتحديدا الأراضي، أثار تساؤلات حول هوية المستفيد في حال حصول المشتري على أسعار بخسة في ظل تراجع الأسعار حاليا، ليحقق أرباحا في ما بعد، وسط توقعات بارتداد أسعار الأراضي صعودا، أم إن المشتري سيتكبد عناء تحمل أصول إضافية متغيرة السعر في ظل حالة انكماش يعيشها العالم أجمع بسبب الأزمة المالية العالمية، التي بدأت تزحف من الولايات المتحدة الأميركية باتجاه المنطقة والبلاد.

يشار إلى أن عددا من تلك الشركات حصل على تلك الأراضي مقابل أسعار منخفضة في صورة دعم حكومي هدف إلى تشجيع الاستثمار وإحياء أعمال العمران والأشغال. ولطالما ارتبط شراء الأصول والأراضي بمؤسسة الضمان الاج تماعي، كونها المؤسسة التي تمتلك وحدة مستقلة تعنى بتوظيف الأموال في استثمارات الأسهم والعقار، بحسب معمر. وكان هذا ما حدث عندما أعلنت الحكومة في شهر أبريل / نيسان من العام الماضي عن نيتها الاتفاق مع المؤسسة لتأسيس شركة عقارية تشتري أراضي مبنى القيادة العامة والمدينة الطبية المقدرة بنحو 600 دونم، وتتولى هذه الشركة بعد ذلك بيعها لمستثمرين محليين أو أجانب. لكن الملك عبدالله الثاني قرر مؤخراً إبقاء مباني مدينة الحسين الطبية والحفاظ عليها وتطوير مرافقها ودعمها وتحديثها . تبلغ موجودات الوحدة الاستثمارية في مؤسسة الضمان الاجتماعي نحو 5,6 بليون دينار، بحسب الأرقام الصادرة عنها في نهاية أيلول/ سبتمبر العام الماضي. الوحدة رفعت إجمالي استثماراتها العقارية من 105,6 مليون دينار في العام 2005 إلى 162,2 مليون دينار في العام 2006 ، لتصل 386 مليون دينار في نهاية أيلول/ سبتمبر العام الماضي، أي ما نسبته 6,8 في المئة من إجمالي حجم موجودات الوحدة الاستثمارية.

في العام 2006 وحده، حققت تلك الوحدة 281 مليون دينار أرباحا صافية من استثماراتها في العقار. لكن أرقام الوحدة تبين أن إيرادات محفظة الاستثمارات العقارية بلغت 6,7 مليون دينار مع نهاية أيلول/ سبتمبر العام الماضي، وشكلت حوالي 3,5 في المئة من إجمالي إيرادات الوحدة، وهو ما يشير إلى زيادة المخاطر في شراء الأراضي في الوقت الحالي، بحسب معمر، الذي يقول إن امتدادات الأزمة المالية العالمية مازالت قائمة، وبالتالي فإن أسعار الأراضي مرشحة لمزيد من الانخفاض.

الخيار الأخير للشركات العقارية بيع الأراضي وتصفية المحافظ الاستثمارية لا يحل مشاكل نقص السيولة
 
26-Feb-2009
 
العدد 65