العدد 65 - الملف
 

دلال سلامة

"الإنجاز الأكبر لهذه المؤسسة هو أنها تقدر جهود الباحثين بشكل حقيقي، لأن التقييم لا يكون لاعتبارات عشائرية ولا سياسية" . هذا ما قاله كامل العجلوني، رئيس المركز الوطني للسكري والغدد الصم، الذي كان مُنح قبل ستة وعشرين عاماً، جائزة عبد الحميد شومان للباحثين العرب الشبان عن فئة العلوم الطبية. العجلوني، هو أحد أبرز الأطباء الأردنيين في مجاله، وهو ما زال إلى الآن ممتناً للمؤسسة التي يصفها بالرائدة، ويقول إنها تسد في ساحة البحث العلمي فراغا كبيرا، فمن "لا يُقدَّر على المستوى الرسمي، يُقدَّر على المستوى المؤسسي".

مؤسسة عبد الحميد شومان التي تأسست العام 1978 ، بتمويل من البنك العربي، تشكّل بحق ومنذ إنشائها ظاهرة ثقافية وعلمية في الوطن العربي، وقد تطورت المؤسسة التي حملت اسم مؤسس البنك عبد الحميد شومان، وتتلقى سنويا 3 في المئة من أرباح البنك السنوية، لتغدو مؤشرا على الدور الذي يمكن للقطاع الخاص القيام به في مجال دعم الثقافة والعلوم والفنون، وإشاعة الفكر العلمي، عندما لا تعود المهمة الوحيدة للمؤسسة الاقتصادية دعم الاقتصاد الوطني، بل تتعداه إلى المساهمة المباشرة في التنوير الفكري للمجتمع. أحمد طمليه، مسؤول الإعلام في المؤسسة، يقول إن عمل المؤسسة يقوم على ثلاثة محاور: المكتبة، ودعم البحث العلمي، والمنتدى الثقافي. طمليه الذي يعمل أيضا مشرفاً على المنتدى، ينوه بالدور التنويري الذي لعبه المنتدى في السنوات الماضية، فالمنتدى الذي تأسس في العام 1986 ، يقوم بتنظيم محاضرات أسبوعية، وحلقات بحث شهرية، إضافة إلى ندوات فصلية يدعى إليها مفكرون وباحثون من الأردن والوطن العربي. لجنة السينما في المنتدى واحدة من اللجان الفاعلة، فالمؤسسة التي كانت تقوم بعرض أفلام عربية وعالمية، من الكلاسيكيات إلى الأفلام التجريبية الحديثة، ابتداء من العام 1989 ، قامت العام 1995 بإنشاء قاعة للسينما قدمت في الأعوام الماضية، وبالتعاون مع مراكز ثقافية عربية وأجنبية، بإقامة أسابيع للسينما الصينية والتونسية والإيرانية والفرنسية وغيرها. دعم البحث العلمي مهمة أخرى للمؤسسة، ففي العام 1999 ، أنشئ صندوق عبد الحميد شومان لدعم البحث العلمي في الجامعات والمؤسسات والمراكز العلمية الأردنية.

علاء المصري، مدير دائرة البحث العلمي، وأمين سر الجوائز، قال إن المؤسسة تمنح خمس جوائز، للترجمة وأدب الأطفال، وللباحثين العرب الشبان، ولمدرسي العلوم ي المدارس الأردنية، إضافة إلى جائزة عبد المجيد شومان العالمية للقدس. المكتبة، هي العمود الثالث الذي تقوم عليه المؤسسة، فالمكتبة التي افتتحت العام 1986 ، وتتيح الإعارة للأردنيين و المقيمين في الأردن من عرب وأجانب، مقابل رسم اشتراك رمزي مسترد، تقوم أيضا بالتعاون ع البلديات، بدعم المكتبات الناشئة في مختلف أرجاء المملكة. البنك الأهلي كانت له تجربة مميزة في دعم الثقافة، ففي العام 2002 ، أنشأ البنك، وبمناسبة إعلان عمان عاصمة للثقافة العربية، دائرة ثقافية خصصت لها ميزانية مستقلة، لكنها انتهت في العام الماضي بإغلاق الدائرة. خلال السنوات الست من عمرها، نشرت الدائرة الأعمال الكاملة لمؤلفين برزوا في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من خلال طبع أعمالهم الكاملة، ودراسات تتعلق بالتاريخ الاجتماعي والاقتصادي في الأردن. بحسب مسؤولة في إدارة البنك، رفضت الإفصاح عن اسمها، فإن الميزانية المرصودة للأنشطة الثقافية كانت تتفاوت كل سنة بحسب الأنشطة المنوى رعايتها، ولكن الميزانية الأعلى كانت العام 2002 ، حيث بلغت نحو نصف مليون دينار، أي بحصيلة تقارب المليوني دينار خلال ست سنوات هي عمر الدائرة، إلى حين إغلاقها العام 2008 . النشاط الثقافي لبنك القاهرة عمان، الذي بدأ العام 2008 ، يقتصر على رعاية غاليري للفن التشكيلي. الغاليري الذي افتتح العام 2008 ، ويرأسه الفنان محمد الجالوس، أقام معارض لسبعة فنانين أردنيين من أجيال مختلفة، وبتجارب مختلفة، بحسب الجالوس. الرؤية التي يعتمدها البنك هي: «نحرص على ألا ننغلق على توجه معين، فنحاول استقطاب تجارب متنوعة، ورؤى مختلفة، من فنانين مؤسسين إلى تجارب شبابية جديدة .» المعرض الذي أقام حتى الآن ثلاثة معارض تشكيلية، يوفر القاعة مجانا، كما أنه يتحمل تكاليف طباعة الكتيبات وبطاقات الدعوة، وحفل الاستقبال، دون أن يتقاضى أي نسبة من المبيعات.

الجالوس يؤكد أن المعرض هو نواة لعمل ثقافي أوسع، فهناك خطة لإقامة ندوات لمناقشة قضايا الفن التشكيلي، إضافة إلى عروض فيديو لتجارب فنانين عرباً وأجانب.بنك الإسكان له إسهام في المشهد الثقافي المحلي. فبحسب مدير العلاقات العامة في البنك ماهر حبوش، يقول إن البنك قام برعاية بعض المسرحيات المحلية، أما نشاطه الأبرز فهو رعايته لجائزة محمد أمين للصحفيين الاقتصاديين الشبان.

النبوك والثقافة: نسبة من الأرباح لدعم الإبداع
 
26-Feb-2009
 
العدد 65