العدد 64 - أردني
 

السجل - خاص

ضربة «العين » التي تعرض لها الطالب محمد الهويمل على يد أستاذه قبل أسبوعين، تكشف خللاً في منظومة الأخلاق، وقصوراً في تطبيق التعليمات المناهضة للضرب في المدارس، بحسب ما يرى مختصون في حقل التربية والتعليم. والأسوأ أن معالجة الحادثة أظهرت عقلية «الفزعة »، بعيداً عن مأسسة نبذ الضرب وإيذاء الطلاب.

ليلى شرف، زيرة الإعلام السابقة وعضو لجنة ملكية مكلفة ب »نفض » مناهج التعليم، تلوم وزارة التربية والتعليم على «قصورها في منع الضرب في المدارس ». تقول شرف، عضو مجلس الأعيان: «على الوزارة أن تمنع أي عنف كلامي أو جسدي ضد الأطفال، لا أن تركن فقط على التعميم بعدم إبداء أي سلوك عنيف أو إهانات جارحة ضد الطفل .» شرف تطالب أيضاً ب »تشديد العقوبة على المدرّسين الذين يتعرضون بالأذى للطلبة .» مع أنها ليست حالة منعزلة، أخذت مأساة الهويمل مساحة واسعة في الإعلام، بسبب حجم الأذى وأسلوب الضرب الذي أفقد الطفل

النظرَ في إحدى عينيه. في غمرة التهافت على مساعدة الطفل وأهله، تقاطعت الصلاحيات بين المؤسسات الرسمية ضمن هجمة إعلامية لتجديد رفض الضرب في المدارس. فبعد أن تعهدت الحكومة، مظلّة وزارة التربية والتعليم، بمعالجة الطفل ومتابعة قضيته، صدر خبر في اليوم التالي عن الديوان الملكي مفاده أن جلالة الملك أمر طبيبه الخاص بإنقاذ عين الطفل.

وذهبت وزارة التربية والتعليم إلى حد وضع سيارة وموظفين من كادر مديرية التربية في الأغوار تحت تصرف والد محمد، وليد المقيم في وادي الأردن. في الأثناء، أجريت الثلاثاء ) 18 شباط/ فبراير( عمليةٌ ثانية لعين الهويمل، بعد أسبوعين على تعرضه للإيذاء، بهدف سحب الماء ووقف النزيف نهائياً منها. على مدى ثلاثة أيام، سعت"السجل" للاتصال، لكن دون جدوى، بوزير التربية والتعليم تيسير النعيمي ومدير إدارة التعليم

محمد العكور. وبالتالي، لم يتسنَّ معرفة الإجراءات الاحترازية أو الرقابية التي تطبّقها الوزارة لضمان احترام المعلمين لتعميم حظر الضرب في المدارس. ليس هناك تشريع رسمي بحظر الضرب في المدارس. وتعتمد صمامات الأمان على «تعميم » يمنع الضرب وزّعته الوزارة على

جميع المدارس من وحي مصادقة المملكة على «اتفاقية حقوق الطفل » في العام 1991 ، و »اتفاقية مناهضة التعذيب غيره من ضروب

المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة .» أما الأستاذ الذي تسبّب في إيذاء عين هويمل، فلم يُعرف الكثير عن مصيره حتّى الآن. مصادر قضائية أكدت أن المدعي العام أنهى استجواب المعلم تمهيداً لعرض قضيته على المحكمة. صحيفة «الدستور » اليومية نقلت عن والد الطفل قوله إن المعلم خرج من السجن بكفالة، على خلفية «عطوة عشائرية تجدد شهرياً ». وبينما أقر والد الطفل بأن المعلم «لم يقصد إيذاء نجله »، إلا أنه أكد أنه «لن يُسقط حقّه الشخصي في القضية .»

والد محمد يؤكد أن الضرب الذي تعرض له نجله مألوف في مدارس الأغوار. وفسّر الاهتمام الزائد ب »عين » محمد، بحجم الضرر الذي أُحق بها، لافتاً إلى أن حالات سابقة تركت إيذاء غير منظور في جسم ثلاثة طلاب. وزارة التربية كانت أطلقت قبل ثلاث سنوات برنامجاً تأهيلياً تحت شعار «التعليم للمستقبل »، وذلك ضمن مبادرة «الإبداع في التعليم » الصادرة عن شركة «إنتل »، على أن يغطي البرنامج 45 ألف معلم ومعلمة في مختلف محافظات المملكة.

مصادر في وزارة التربية والتعليم تقول إن عقوبة الضرب تنقسم إلى «مسؤولية تأديبية )داخل أطر الوزارة(، ومسؤولية جزائية فيحال تعرض الطفل للإيذاء »، كما هي الحال في قضية هويمل. شرف تؤكد أن لجنة تطوير المناهج "ستضمّن تقريرها )الثاني قريباً( رفضَ التعامل مع الطلاب بأي نوع من العنف"، بل ستطالب بأن تحوّل العقوبة إلى "رافعة للعلم وتوسيع المدارك، بدل تحطيم معنويات الطالب وأحياناً جسمه". التحذير من الضرب في المدارس تكرر مراراً على لسان الملك عبد الله الثاني، والملكة رانيا التي وصفته أخيراً بأنه «خط أحمر »، وحثت وزارة التربية والتعليم «عدم الوقوف مكتوفة الأيدي أمام هذه الظاهرة .» ويتواصل نظام "الفزعة" لعلاج حالات الطوارئ في غالبية القطاعات، بعيداً عن المأسسة ومبدأ الثواب والعقاب.

الخلل الذي كشفته “عين” هويمل
 
19-Feb-2009
 
العدد 64