العدد 62 - اقتصادي
 

محمد علاونة

لم تصل الحكومة بعد إلى قرار نهائي فيما يتعلق بدعم قطاع العقار من خلال إنشاء صندوق لتعزيز السيولة النقدية للشركات العقارية التي تعاني من أزمة في استكمال مشاريعها، بسبب التشدد في منح التسهيلات الائتمانية من قبل البنوك، بحسب رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان

زهير العمري. العمري أكد أنه حتى الآن لم يتم إبلاغ الجمعية رسميا بوجود مثل هذا الصندوق أولا، وبين أن الحكومة قامت بالاتصال بنحو

30 شركة تعمل في قطاع العقار وأبلغتها عن حاجاتها لإتمام مشاريعها أو إنشاء أخرى جديدة.

تردد الحكومة في دعم قطاع العقار يضع الحكومة في حيرة مما إذا كانت تنوي المحافظة على استمرارية مشاريع استثمارية لشركات كبرى، في إطار تشجيع الاستثمار، أو دعم قطاع الإسكان في ظل احتياج قدرته جمعية المستثمرين في القطاع بنحو 30 ألف وحدة سكنية سنويا. بحث المسؤولين في المنتدى الاقتصادي العالمي الأخير الذي عقد في دافوس، في دور الدولة للخروج من الأزمة المالية العالمية، مؤشر جديد على تحول جذري اقتصادي عالمي، يتمثل في بروز نظريات وممارسات اقتصادية بتحجيم دور المشرع والمراقب المتمثل في الدولة ومؤسساتها مقابل إطلاق يد القطاع الخاص والعاملين فيه، وهو ما ألمحت إليه الحكومة بالتدخل في أسعار السلع في حال عدم التزام التجار، بخفض أسعارها استجابة للتراجع الملحوظ ال ذي شهدته عالميا، بعد موجة غلاء اجتاحت العالم خلال العام الماضي.

الحكومة تدخلت ايضا في مسألة أسعار الألبان عندما لوحت بتحديد الأسعار، ليستجيب أصحاب مصانع الألبان ويخفضوا أسعار منتجاتهم، فمثلا ما زالت الحكومة الكويتية تتلكأ في تقديم دعم مالي لشركات العقار، تزامنا مع نفي وزير المالية الكويتي مصطفى الشمالي، الأسبوع الماضي، أنباء تحدثت عن حزمة إنقاذ بقيمة 5 بلايين دينار كويتي من خلال إقامة صندوق إنقاذ لمساعدة الشركات المتعثرة في ظل الأزمة المالية العالمية.

في الأردن شركات العقار متنوعة، فهنالك شركات الإسكان، التي ستخدم الطلب السنوي، وهنالك مشاريع كبرى، معظمها لغايات السياحة والترفيه، وهو ما انعكس على أسعار الشقق التي تنوي بيعها وبلغت أسعارها في بعض الأحيان 250 ألف دينار.

الحكومة تواجه معضلة دعم تلك الشركات، من خلال البنوك المحلية، بدفعها إلى تقديم تسهيلات تضمن المشروع، لكن السؤال هو: ماذا سيحدث لو لم تستطع تلك الشركات بيع منتجاتها؟ لكن العمري يعتقد بأن معظم الشركات الكبرى لديها عقود مسبقة وأنها فعلا باعت شققا ومرافق، لكنها تحتاج الآن سيولة، وهي بقيت في وسط الطريق، بحسب تعبيره. واقترح بأن يشمل الدعم الطرفين؛ البائع والمشتري، من خلال تقديم قروض طويلة

الأجل للمواطنين ولمدة تصل إلى 30 عاما، في الوقت الذي توجد هنالك ضرورة لخفض أسعار الفائدة على القروض الإسكانية من 10.5 إلى

6 في المئة كما كانت عليه قبل العام 2005 . واتفق المستثمر في قطاع الإسكان خالد الحسن مع ما ذهب إليه العمري من أن المواطنين أصبحوا غير قادرين على الاستفادة من الانخفاض الذي شهدته أسعار الشقق أخيرا. البيانات الصادرة عن البنك المركزي تشير إلى أن حجم التسهيلات التي حصل عليها قطاع الإنشاءات قفز من 1.94 بليون دينار العام 2007 إلى 2.27 بليون دينار مع نهاية العام الماضي.

وزير سابق قال إن الحكومة بانتظار حركة نشاط تشهدها السوق استجابة للتسهيلات التي أعلنتها الحكومة تجاه العراقيين. وبيّن الوزير الذي طلب عدم نشر اسمه، أن دائرة الأراضي والمساحة بدأت بالفعل في تقديم تسهيلات للمستثمرين العرب والأجانب، خصوصا العراقيين الراغبين بتملك العقار في البلاد تشجيعا للتداول في هذا القطاع، الذي تأثر بتداعيات الأزمة المالية العالمية ومن خلال تطبيق خدمة النافذة الواحدة. وقال إن عمل النافذة يقتصر على دراسة طلبات الشراء التي يقدمها المستثمرون الأجانب وتحويلها مباشرة إلى وزارة الداخلية، وأن الوقت الذي يستغرقه إصدار القرار في الموافقة لا يأخذ وقتا طويلا. وتشترط إجراءات تملك الأجنبي للعقار في المملكة الاحتفاظ به لمدة ثلاث سنوات قبل أن يحق له بيعه لضمان أن تكون الغاية من امتلاك العقار للاستثمار لا للمتاجرة. وكان حجم التداول في سوق العقار في الأردن ارتفع خلال العام 2008 بنسبة 7 بالمئة وبقيمة 5.9 مليون دينار، مقابل 5.6 مليون دينار للعام 2007 ، بحسب بيانات دائرة الأراضي والمساحة. واستحوذت محافظة العاصمة على 69 في المئة من حجم التداول العقاري، بقيمة 4.1 مليون دينار، فيما استحوذت باقي محافظات المملكة على 31 في المئة من حجم التداول

بقيمة 1.8 مليون دينار. وأشارت بيانات الدائرة إلى أن التداول العقاري في المحافظات نما بنسبة 18 بالمئة مقابل نمو نسبته 2 في المئة في محافظة العاصمة. وبلغت الاستثمارات الأجنبية في سوق العقار 216.8 مليون دينار، واحتلت الجنسية

العراقية المرتبة الأولى بحجم استثمار 85.5 مليون دينار، تلتها الجنسية الكويتية بنحو 21.1 مليون دينار ثم الجنسية السعودية بنحو 18.4 مليون دينار. مستشار قانوني لشركة تقيم مشاريع تقدر ببلايين الدنانير أكد تردد الحكومة في منح الدعم للقطاع. ولا يخفي القانوني الذي طلب عدم

نشر اسمه، تعرض الشركة لتغييرات في مشاريعها، لكنه أكد أن ذلك لن يؤثر على عملها في الأردن، وهي ماضية في تنفيذ مشاريعها، لكن بحذر مواز للحذر الذي تبديه البنوك تجاه التسهيلات، ولدى الشركة خيارات مفتوحة مثل بيع قطع الأراضي لصندوق يدعمها في إكمال مشاريعها.

ويؤكد أن الحال في الأردن شبيه، إلى حد كبير، بما يحدث في الخليج، في إشارة منه إلى تحفظ الحكومات في تقديم الدعم في ظل حالة الركود التي ستقلص عمليات البيع، وذلك على رغم عدم تفاؤله بأداء الشركات في المرحلة القريبة المقبلة. وحتى إن قدمت الحكومة الدعم المالي لقطاع العقار لغايات السكن، فهل يستطيع القطاع بيع منتجاته النهائية في ظل موجة ركود تخيم على القطاعات الأخرى بشكل عام؟ وسط توقعات العمري بأن يتم الانتهاء من بناء نحو 2000 شقة سكنية ضمن المبادرة الملكية لإسكان؛ سكن كريم لعيش كريم، مع نهاية النصف الأول من العام الجاري، ما يعزز تراجع الطلب على الشقق من قبل المشترين. وأوضح العمري أنه، وقبل نهاية العام الجاري، سيتم تسليم جميع المشاريع التي يصل عدد الشقق فيها إلى 11 ألف شقة، وذلك بحسب الاتفاقية التي وقعتها الحكومة مع جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان. سجلات دائرة الأراضي والمساحة، تشير إلى وجود عمليات شراء، فقد تم شراء ما يزيد على 18 ألف شقة في الأردن بين كانون الثاني/ يناير وأيلول/ سبتمبر 2008 ، مقارنة مع 14498 شقة في الفترة نفسها من العام 2007 ، ففي عمان وحدها التي يسكنها 2.2 مليون نسمة من أصل عدد السكان البالغ نحو

ستة ملايين نسمة، بيعت أكثر من 13.5 الف شقة العام الماضي. واشترى غير الأردنيين، والقسم الأكبر منهم من العراقيين، أكثر من 970 شقة في 2008 في المملكة التي تسجل نموا بمعدل 3.5 في المئة سنوياً.

دعم قطاع العقار: مخاطر ركود مرتقب أم توفير وحدات سكنية ؟
 
05-Feb-2009
 
العدد 62