العدد 62 - الملف
 

محمد علاونة

"لننثر الرمال ذهبا" شعار تطلقه منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة في حملاتها الترويجية، بعد أن استقطبت المنطقة خلال السنوات الثماني الماضية استثمارات تتجاوز قيمتها الإجمالية 8 بلايين دولار، متخطية حاجز الستة بلايين دولار المنشودة بحلول العام 2020 في إطار استراتيجية المنطقة، كما وفرت نحو 33 ألف فرصة عمل.

الاستثمارات التي استقطبتها المنطقة تخطت ما توقعه المسؤولون لدى إطلاقها على أيدي الملك عبد الله الثاني في العام 2001 ، ومن بينها مشاريع ضخمة من المقرر أن ينتهي العمل بها في غضون سنوات قليلة، من أبرزها: "سرايا العقبة" الذي تناهز كلفته بليون دولار، وينتهي العمل به في نهاية 2009 ، ومشروع "إيلة" لتطوير جنوب مدينة العقبة في محاذاة الحدود مع المملكة العربية السعودية بتكلفة 1.4 بليون دولار. منطقة العقبة أصبحت قصة نجاح عالجت نواحي اجتماعية واقتصادية والمالية، بعد أن برزت مخاوف عند بداية الفكرة بإنشائها، بداية من قاطنيها الذين اعتقدوا بأنهاستتدخل في النسيج الاجتماعي وتحدث تغيرات جذرية في حياتهم اليومية.

الذين شككوا بالمشروع أيضا حذروا من أن تصبح العقبة منطقة استقطاب استثماري على حساب مناطق أخرى، تعاني من مشاكل أسبابها الفقر والبطالة. فكرة إنشائها لاقت اعتراضات شديدة من شخصيات متنفذة، من بينهم رئيس الوزراء الأسبق عبد الرؤوف الروابدة، ومن نواب ونقابيين، لكن قرار الملك آنذاك كان حاسما في المباشرة في تنفيذ المشروع. تحقيق منطقة العقبة مكاسب مالية وإحداث تحولات جذرية في مسألة تنميتها وانعكاس ذلك على قاطنيها بعد مرور 8 سنوات جاءت فكرة إنشاء مناطق أخرى في نواحٍ عديدة من المملكة لإحداث توازن.

الملك أطلق منذ العام 2001 أربع مناطق تنموية على أسس تكاملية تركز على الاستغلال الأمثل لمميزات التفاضلية التي تتمتع بها منطقة دون أخرى حيث أعلن عن إنشاء منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة العام 2001 ، تلتها منطقة الملك الحسين بن طلال الاقتصادية في محافظة المفرق العام 2006 ، ثم منطقة إربد الاقتصادية التنموية، ومنطقة معان الاقتصادية التنموية العام 2007

ووسط مخاوف من أن تعيش المناطق التنموية الأخرى نقصا في التمويل، فإن متابعة الملك بنفسه لسير العمل بتلك المناطق التي تستعد لإكمال بنيتها التحتية تتجه تلك المناطق إلى تنفيذ الخطوات الكفيلة بتحقيق الفوائد المرجوة من المشاريع وبحسب الجداول الزمنية التي كانت حددت لها.

رئيس مجلس مفوضية المناطق التنموية صالح الكيلاني، يؤكد أهمية المناطق التنموية التي قال إنها تحرز تقدماً ملموساً وتسهم في العملية التنموية في مختلف محافظات المملكة، في إشارة منه إلى أن العمل يسير بحسب الخطة الموضوعة فيما يتعلق بالبنية التحتية.

منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة تمتعت بقانون خاص بها يعفيها من الرسوم الجمركية وبضرائب مخفضة، حيث إن ضريبة المبيعات في العقبة لا تزيد على 7 في المئة، بينما هي في بقية أنحاء المملكة 16 المئة، كما أن ضريبة الدخل في العقبة 5 المئة فقط، بينما هي أعلى من ذلك في المناطق الأخرى داخل الأردن. كما تتمتع المناطق التنموية الأخرى بمزايا عديدة تنبثق من كونها منطقة تنموية تخضع لقانون المناطق التنموية لسنة 2008 . وينص قانون المناطق التنموية على تأسيس مناطق اقتصادية في الأردن تتمتع بميزات تشريعية وإدارية ومالية خاصة بهدف تهيئة مناخ استثماري ملائم يعمل على النهوض بالمستوى الاقتصادي في المملكة وتعزيز التنمية الاقتصادية فيها.

ويضع هذا القانون بمواده الأربعة والثلاثين الأطر التشريعية لتأسيس المناطق التنموية في الأردن وإدارتها، كما تحدد الحوافز المقدمة للمستثمرين داخل هذه المناطق وأبرزها: - منطقة الحسين بن طلال التنموية في المفرق البالغة مساحتها 21 كيلو مترا مربعاً، تعتبر أول منطقة تنموية تم إعلانها في المملكة. وتتميز المنطقة بموقعها المتوسط والمناسب للاستثمارات الصناعية واللوجستية والتخزينية والنقل. ومشروع المطار بالمنطقة يتضمن تطوير القاعدة الجوية وتحويله إلى مطار شحن متخصص.

- منطقة إربد التنموية أنشئت بهدف استقطاب الاستثمارات الأجنبية في المجالات الطبية وتقنية المعلومات والاتصالات من أجل إيجاد مدينة عصرية قادرة على خدمة الجامعات المحيطة في المشروع. وتتوقع الحكومة الأردنية أن تجذب منطقة المفرق استثمارات أجنبية تقدر بحوالي بليون دولار، وتوفر 35 ألف فرصة عمل للشباب الأردني. بينما تتوقع الحكومة أن تجذب منطقة إربد استثمارات بقيمة 400 مليون دولار وتوفر 15 ألف فرصة عمل. - منطقة معان التنموية: ويتوقع أن تساهم هذه المنطقة في توفير ما يقارب 20 ألف فرصة عمل بحلول العام 2025 ، بحسب بيانات صادرة عن المنطقة. «المفهوم الذي يتم إتباعه في المناطق التنموية في الأردن هو صياغة تشريع خاص لتسهيل إجراءات الاستثمار فيها، وهو ما نجح فيه الأردن في منطقة العقبة الخاصة عندما أفردت لها قانونا خاصا وأنا كنت من الفريق الذي أعد القوانين لتلك المنطقة ». يقول الخبير الاقتصادي خالد الوزني. ويضيف الوزني: «استطاعت العقبة بفعل تلك القوانين أن تكون جاذبة للمستثمرين، فقد بات من الممكن اتخاذ جميع القرارات داخل منطقة العقبة من دون الرجوع إلى السلطة المركزية، وهو ما سهل الكثير على المستثمرين ووفر عليهم الوقت. وما أعرفه أن المناطق الأخرى ستتمتع بالمميزات نفسها، والحكومة جادة في هذه المسألة كونها اختبرت أثرها الإيجابي في العقبة .» الملك أكد في اجتماع عقد في شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي بهدف تقويم سير العمل في هذه المناطق، ضرورة الاستمرار في تنفيذ الخطوات الكفيلة بتحقيق الفوائد المرجوة من المشاريع وبحسب الجداول الزمنية التي كانت حددت لها. الكيلاني أوضح أن الملك أبدى ارتياحه لحجم الإنجاز الذي شهدته المناطق التنموية، التي كان أوعز بإنشائها في معان والمفرق واربد بهدف جذب الاستثمارات الخارجية وتوفير فرص العمل لأبناء هذه المحافظات.

مدير شركة تطوير معان محمد الترك بيّن أن قيمة الاستثمارات التي تم جذبها إلى منطقة معان التنموية نحو 165 مليون دينار وتم إنجاز الطرح النهائي للمنطقة بالتعاون مع الشركة الاستشارية لغاية استقطاب شريك استراتيجي لها. وقد بدأت مفاوضات مع ثلاث جهات عربية وجهتين محليتين ضمن هذا السياق. وتم، بحسب الترك الانتهاء من المخطط الشمولي المبدئي للمنطقة للمباشرة باجتذاب الاستثمارات. وأوضح الترك أن العمل يجري مع جامعة الحسين بن طلال باعتبارها شريكا استراتيجيا لتوأمة مركز تدريب الكفاءات ووضعه على الخارطة الإقليمية بوصفه مركزا متخصصا للبحث والتطوير، إضافة إلى تدريب الكفاءات ليكون متخصصاً في مجال مصادر الطاقة البديلة.

أما مدير منطقتي إربد والمفرق التنمويتين، رامي القسوس، فقد أعلن عن إبرام اتفاقية التطوير في منطقة المفرق، والانتهاء من تنفيذ البنية التحتية لنحو ألف دونم فيها. وبين أنه تم الانتهاء من التصاميم التفصيلية لسوق مركزي لخدمة المبادرة والمجتمع المحلي، إضافة إلى تخصيص 15 مليون دينار لإنشاء المركز الجمركي الخاص بها. وأوضح القسوس أنه تم تخصيص 300 دونم لوزارة النقل لتأسيس محطة قطار رئيسية، إضافة إلى تخصيص 500 دونم لمبادرة سكن كريم لعيش كريم، مشيرا إلى أنه تم الانتهاء من التصاميم التفصيلية لإنشاء مبان صناعية لتخصيصها للمشاريع الصغيرة بمبادرات محلية، بالإضافة إلى طرح المشروع بوصفه فرصة استثمارية في أيلول/ سبتمبر العام الماضي، مؤكدا أن المفاوضات لاختيار الشريك الاستراتيجي ستبدأ نهاية الربع الأول من العام 2009 . وفيما يتعلق بالقاعدة الجوية، أشار إلى أن النموذج المالي قيد الدراسة مع المستثمرين المهتمين لتحديد قيم الدعم المطلوبة. وقال القسوس إن التوجه لطرح المشروع كفرصة استثمارية يعتمد على قيمة الدعم المطلوب، مشيرا إلى أنه تم توقيع اتفاقيات تطوير مع شركات صناعية ولوجستية للاستثمار في منطقة الملك حسين بن طلال التنموية وسيتم توقيع اتفاقيات أخرى حتى نهاية العام الجاري، لتكون نسبة الأشغال في المرحلة الأولى من المشروع 50 في المئة. أما منطقة إربد التنموية، فقد، أوضح أنه تم الانتهاء من التصاميم التفصيلية وطرح عطاء تنفيذ العمارات المكتبية الذكية، مشيرا إلى انه تم توقيع اتفاقية مع شركة استثمارية عربية لتطوير 50 في المئة من المنطقة كمرحلة أولى.

المناطق التنموية: قصة نجاح بدأت في العقبة وامتدت إلى إربد
 
05-Feb-2009
 
العدد 62