العدد 62 - أردني
 

السجل - خاص

شهد مجلس النواب في دورته الثانية التي تنتهي الخميس (5 شباط/فبراير 2009)، وقائع غير مسبوقة لم تشهدها المجالس النيابية المختلفة.

المجلس النيابي الخامس عشر، كان الأول الذي يقوم نواب فيه بإحراق علَم دولة تحت قبة المجلس، إذ أقدم النائب خليل عطية ونواب آخرون على حرق العلم الإسرائيلي احتجاجاً على العدوان على غزة. كما كان المجلسَ الأولَ الذي تُرفَع تحت قبته يافطة مطلبية تدعو لطرد السفير الإسرائيلي من عمان، من خلال النواب: طارق خوري، رسمي الملاح، وجعفر العبد اللات.

هذا المجلس كان الأولَ أيضاً الذي يقف "احتراماً وإجلالاً" بمشاركة وزراء من الحكومة، لمنتظر الزيدي "رامي الحذاء" في وجه الرئيس الأميركي السابق جورج بوش.

مواقف المجلس النيابي "غير المسبوقة" تواصلت، فقد شهدت الجلسة التي عقدها الأحد، 1 شباط/فبراير الجاري، ألفاظاً "نابية" و"جنسية" لم تشهدها قبة المجلس من قبل.

النائب نضال الحديد أمين عمان السابق، أمطر مجلس النواب بجملة من الشتائم، "غير المسبوقة" مستخدما ألفاظاً، تقال للمرة الأولى تحت قبة المجلس، من مثل: "... أخت هيك مجلس"، إضافة إلى "يلعن أبوكو كلاب".

"هيجان" غضب النائب الحديد، اندلع في أثناء مناقشة مذكرة نيابية، وقفت خلف التوقيع عليها النائبة ناريمان الروسان، وتدعو إلى تشكيل لجنة تحقيق في بيع شركة توليد الكهرباء الأردنية إلى شركة (دبي كابيتال) بـ"ثمن أقل من ثمنها الحقيقي"، حسب المذكرة، بالإضافة إلى المطالبة بالتحقيق في صفقة بيع بنك الإنماء الصناعي.

الروسان أضافت على المذكرة فقرة جديدة من خلف ظهر النواب، كما أكد النائب ممدوح العبادي، الذي كان وقّع على المذكرة. يقول العبادي: "لا يجوز إضافة فقرة جديدة من خلف ظهورنا، وأنا أرفض أن يجري الضحك عليّ في هذا الموضوع". الفقرة التي أثارت حفيظة العبادي، هي المتعلقة بصفقة بيع بنك الإنماء الصناعي، التي أضيفت دون علم نواب وقّعوا على المذكرة. العبادي أعلن عن سحب توقيعه عن المذكرة إثر ذلك، فيما طعن النائب رسمي الملاح بصحة التواقيع.

تواتر الخلاف والطعن بصحة ما ورد في المذكرة، دفع النائب بسام حدادين لرفضها "شكلاً"، ما أدى إلى إثارة النائب الروسان، وجعلها في حالة توتر أوصلتها إلى اتهام النواب.

الروسان استفزها وجود فريق نيابي يرفض المذكرة ويدفع ببطلانها، ما حدا بها لمخاطبة النواب بنبرة مرتفعة بالقول: "إنتو بتخضعوا لضغوط ونواب ألو"، في إشارة واضحة إلى أن هنالك من يدير عمل النواب بـ"الهاتف" من خارج المجلس.

اتهامات الروسان لزملائها وبوتيرة مرتفعة، تواصلت إلى حد قولها: "فيه نواب اشتغلوا طوال الجلسة لحشد الزملاء ضد المذكرة وإفشالها".

كلام الروسان واتهاماتها غير المحددة التي طالت جميع النواب المتواجدين، في ظل عدم تحديد النواب المعنيين بالاسم، استفز النواب: بسام المناصير، إنصاف الخوالدة، وإبراهيم العموش، الذين كانوا يجلسون في أماكن مختلفة، ما ينفي صفة التنسيق في ما بينهم، بيد أن النواب الثلاثة تجمعهم كتلة التيار الوطني.

أول المستفَزين كان النائب بسام المناصير الذي قال بنبرة مرتفعة جداً: "إحنا مش نواب ألو، ولا نباع ولا نشترى". النائب إبراهيم العموش قال أيضاً: "إحنا نواب وطن، وما بيقدر حدا يبيعنا"، فيما قالت النائب إنصاف الخوالدة: "هذا كلام مرفوض وإحنا ما ننباع ولا نشترى".

المناصير وجه كلامه بعد ذلك للجازي قائلا: "أوقف هذا الكلام"، فيما ظهرت أصوات نيابية من أماكن متفرقة لم يتسنَّ تحديدها تطالب الجازي بالتصويت على تأجيل البحث في المذكرة.

ترأس الجلسة وقت ذاك النائب عبد الله الجازي بوصفه رئيس مجلس النواب بالإنابة، بسبب سفر الرئيس عبد الهادي المجالي إلى بروكسل للمشاركة في مؤتمر أورومتوسطي.

الخوالدة والمناصير والعموش، واصلوا تصدّيهم للروسان، ورفْضهم أن يوصَفوا "نواب ألو"، ورددوا بصوت عال إنهم لا يُباعون ولا يُشترون.

وبينما كان النواب الثلاثة الذين احتجّوا أولاً، يجلسون في أماكن مختلفة، ومتباعدة، بعيداً عن مكان جلوس الروسان، فإن النائب إبراهيم العموش كان يجلس على بعد مقعدين فقط من مقعد الروسان.

هذا لم يمنع الروسان من مواصلة الاتهامات للنواب، في محاولة لإحراجهم ودفعهم إلى تشكيل لجنة التحقيق، بقولها إن تشكيل اللجنة "مسألة أخلاقية وضميرية لا يجوز للنواب تجاوزها".

النائب بسام المناصير الذي كان يجلس في الصف المقابل للروسان، استمر في مقاطعاتها، وكان يكرر: "هذا لا يجوز"، فيما كان النائب جعفر العبداللات يضرب على الطاولة براحة يده احتجاجا على كلامها.

تواصل مقاطعة الروسان، استفز النائب نضال الحديد الذي كان يجلس بجانبها، فتدخل موجها حديثه للمناصير بالقول: "خلّي المرأة تكمل كلامها"، فأجابه المناصير: "إنت شو دخلك؟"، واستمر في المقاطعة.

هنا ثارت ثائرة الحديد وأخذ يكيل الشتائم للمجلس النيابي، مثل: "... أخت هيك مجلس"، و"يلعن أبو هيك نواب"، وتابع قائلاً: "فعلاً مجلس ألو"، ويدار من الخارج.

حالة "هيجان" الحديد استمرت بالتفاعل، فقام من مقعده بالقفز على المقعد الخلفي له، بنيّة الخروج من تحت القبة، وسيل الكلمات الجارحة ما زال يتدفق منه، ومنها فضلا عن تكرار "العبارات" السابقة: "فعلاً هذه مسخرة"، و"استحوا على حالكوا خلّيها تحكي".

النائبان منير صوبر وعبد الرؤوف الروابدة اللذان كانا يجلسان خلف الحديد، أمسكاه وقاما بتهدئته ومنعاه من الخروج من تحت القبة، وأجلساه لبرهة في مقعده، قبل أن يخرج من تحت القبة.

النائب إبراهيم العموش الذي كان من أقرب النواب إلى الروسان والحديد من حيث المقاعد، عبّر عن غضبه مما جرى، بالقول: "هذا كلام لا يجوز"، فيما لم يحرك آخرون ساكنا، ولم يطلب أي منهم شطب ما ورد من كلمات وألفاظ من محضر الجلسة، ولم يتنبه رئيس مجلس النواب بالإنابة، عبد الله الجازي لذلك.

من المعلوم أن مذكرة الروسان موضع الخلاف الذي تم تأجيل بحثها لوقت لاحق، وقّع عليها 30 نائبا، وهي تطالب بتشكيل لجنة تحقيق نيابية في بيع شركتي توليد وتوزيع الكهرباء، إضافة إلى التحقيق في صفقة بيع بنك الإنماء الصناعي.

جاء في المذكرة: "نحن النواب الموقعون أدناه، نطالب بإحالة ملف بيع شركة التوليد والتوزيع (الكهرباء) إلى لجنة تحقيق للتحقق من أن الصفقة التي بيعت بها الشركة إلى (دبي كابيتال) هي صفقة حقيقية وعادلة وتتناسب مع موجودات الشركة التي تقدر بسعر أعلى بكثير من الذي بيعت به بالإضافة لصفقة بيع بنك الإنماء الصناعي".

وقّع على المذكرة النواب: ناريمان الروسان، سعد هايل السرور، سميح بينو، ممدوح العبادي، موسى الزواهرة، أحمد العدوان، يوسف البستنجي، محمد السعودي، هاشم الشبول، صوان الشرفات، محمد الحاج، طارق خوري، عواد الزوايدة، هاني النوافلة، محمد الزناتي، حسن صافي، عبد الرحيم البقاعي، رسمي الملاح، عزام الهنيدي، حمزة منصور، محمد عقل، لطفي الديرباني، محمد سلمي الكوز، ناجح المومني، محمد القضاة، سليمان السعد، وصفي الرواشدة، خلف الرقاد، أحمد البشابشة، عبد الكريم الدغمي.

مجلس النواب في دورته الثانية: انفعالات هائجة ومذكّرة “أضيف عليها”
 
05-Feb-2009
 
العدد 62