العدد 60 - أردني
 

نور العمد

بعد خلافات عاصفة كادت تطيح بمجلس بلدي الفحيص، تراجع أربعة من أعضائه العشرة عن استقالات قدموها قبل نحو أسبوعين، على خلفية تراشق بالاتهامات داخل المجلس.

عاطف الداوود، وعماد الداوود، وفيصل حتّر، وسلام جريسات، كانوا أرجعوا استقالاتهم إلى وجود ملفات تتسم بـ«الغموض» لم يطلعوا على فحواها، حسبما جاء في كتب الاستقالة التي صدرت قبل ثلاثة أسابيع. من أبرز تلك الملفات «علاقة المجلس مع أمانة عمان الكبرى، ومصنع الإسمنت، والوكالة الأميركية للإنماء الدولي (USAID)»، على ما يشرح الأعضاء الأربعة.

عاطف الداوود يرى أن «قضية مصنع الإسمنت من القضايا الأساسية التي تواجهنا في الفحيص». ويضيف أن رئيس البلدية «لا يضع المجلس البلدي بصورة ما يحدث كاملا بخصوص المصنع». ويقول الداوود حول ملف الأمانة: «يرفض الكثير من أبناء المنطقة الانضمام إلى الأمانة. هذا ملف حساس ودقيق في ظل تصميم أبناء المنطقة على خصوصيتهم واستقلاليتهم الإدارية والتنظيمية، بما يضمن اتخاذ قرارات والمشاركة بها».

يتابع الداوود أن USAID مرتبطة بالسياسات الخارجية الأميركية. «هذا ملف يتطلب حذراً»، يقول داوود، مضيفاً: «إنه يحتاج إلى مشاركة الجمهور به حتى يكون دور الرئيس والمجلس قوياً».

كان أعضاء المجلس البلدي اشترطوا أن تقام الاحتفالات الأخيرة بعيد الميلاد، كما يريد سكان المنطقة، وليس كما تريد «الوكالة»، بحسب الداوود الذي انتقد «عدم دعوة رئيس بلدية ماحص (المجاورة) للمشاركة في مظاهر الاحتفال بعيد الميلاد».

يوضح الداوود بخصوص USAID: «نظمت الوكالة الأميركية للإنماء الدولي، بالتعاون مع هيئة تنشيط السياحة، احتفال عيد الميلاد ونصب الشجرة، بعد أن قدم المجلس البلدي برنامج الاحتفال لها. تضمن البرنامج تقاليد تنبع من روح المدينة. لكن ما نُفذ في الاحتفال، بحسب تأكيدات الداوود، هو مشروع الوكالة، الذي «كان بعيد كل البعد عن قيم التآخي».

«كنا نريد أن يحمل الاحتفال دعوة للتآخي المسيحي الإسلامي، وأن يتضمن رسالة مدينة الفحيص العروبية. هذا ما لم يحدث. تحول الاحتفال إلى تراتيل دينية في الشوارع. لا نريد أن نقول إن بلدتنا مسيحية، بل نريد أن نقدم الفحيص على أنها ذات رسالة منفتحة على المجتمع الأردني»، يقول الداوود، مضيفاً: «هذا ما أدى إلى خلاف داخل المجلس، رغم عدم المعارضة على المنح التي تقدمها الوكالة، لتحسين مدينة الفحيص وتطويرها».

وزير الشؤون البلدية شحادة أبو هديب، اجتمع بالأعضاء المستقيلين، ونظر في مطالبهم، وتعهد بـ«فتح الملفات ومراقبة القضايا»، وفق الداوود الذي نقل عن الوزير قوله: «إذا احتاج الأمر إلى تعيين عضوين جديدين، فسوف يتم تعيينهم لرفد المجلس بروح جديدة». كما تعهد أبو هديب بإعطاء فرصة للمجلس البلدي مدتها شهران لتصويب أوضاعه، بينما «تدقق الوزارة كل الملفات المطروحة».

رئيس بلدية الفحيص جريس صويص، نفى في تصريحات صحفية، اتهامات الأربعة المستقيلين، مؤكداً «جاهزية البلدية لدحض تلك الادعاءات عبر الوثائق والملفات الرسمية». وشدّد على حق البلدية في «رفع قضايا قانونية في حال ثبوت الإساءة ضدها»، مؤكداً أنه أوكل محامياً للسير في إجراءات دعوى قضائية ضد من وجهوا إليه «اتهامات شخصية خطيرة، لا أساس لها من الصحة، بل تحاول لي عنق الحقيقة وتشويه المواقف والسمعة»، بحسب تعبيره.

صويص، قال إن تلك الاتهامات «مردودة عليهم. فلو أرادوا العمل لغيّروا أي قرار في المجلس، لكن يبدو أن المهم هو الإساءة أكثر من الحل».

رئيس البلدية تحدّى الأعضاء المستقيلين حينها بأن «يأتوا بدليل واحد على ما ذكروه من تجاوزات في علاقة البلدية مع مصنع الإسمنت، أو أمانة عمان، أو الوكالة الأميركية».

وأوضح أن آليات التعاون بين البلدية و«الوكالة»، تتم «من خلال وزارة التخطيط والتعاون الدولي»، مؤكداً أن دعمها ينحصر في الاستشارات الفنية، وأنها «لا تقدم أموالاً مباشرة للبلدية، كما أن حسابات البلدية تخضع لتدقيق ديوان المحاسبة».

ناطق باسم «الوكالة» صرح لـ«ے» بأن الوكالة قدمت من خلال مشروع تطوير السياحة في الأردن الممول منها، مساعدات فنية على شكل منحة صغيرة للجمعية الخيرية الأرثوذكسية، وأنها عملت عن كثب -بحسب تعبيره- مع مجلس بلدية الفحيص لدعم مشارع السياحة في المنطقة.

صويص أعرب عن دهشته من الاتهام بـ«الغموض» حول ملف علاقة البلدية بمصنع الإسمنت، لأن اثنين من المستقيلين عضوان في «لجنة المفاوضات مع مصنع الإسمنت».

الأعضاء الأربعة، نفوا أن تكون «الخلافات الشخصية» وراء استقالاتهم، لكنهم اتهموا رئيس البلدية، بعدم إشراكهم، وإخفاء أهم القرارات المتعلقة بهذه الملفات عنهم، وعدم إشراك المجتمع الفحيصي بفحوى هذه الملفات.

وقد أوضحوا بعد عدولهم عن الاستقالة، في رسالة إلى أهالي بلدية الفحيص، أن «التشارك في الحوار وصياغة القرارات الخدمية والتنموية للبلدية، يأتي ضمن منظومة العمل البلدي المنظم الذي يمنح أفضل النتائج في تقدم أعمال البلدية».

وعبروا في رسالتهم عن «تفهمهم» للاقتراحات التي قدمها الوزير وعدد من أعيان المدينة ونوابها، لإنهاء الخلاف داخل البلدية.

خلاف حول الانضمام لـ“الأمانة” والموقف من “الإسمنت”: أربعة أعضاء في بلدية الفحيص يعدلون عن استقالاتهم
 
22-Jan-2009
 
العدد 60