العدد 60 - أردني
 

مهند صالح

بعد أن هدأت العمليات العسكرية في غزة، واستيقظ العالم على حجم الدمار الذي لحق بالقطاع، بدأت التساؤلات تثور عما إذا كانت إسرائيل ستبقى في منأى عن أي مساءلة قانونية عن المجازر التي ارتكبتها ونفذتها في إطار العدوان على قطاع غزة الذي استمر لمدة 22 يوما. السؤال طرحته هيئات ومنظمات حقوقية عربية ودولية في ظل إصرارها على ملاحقة تل أبيب بعد استهداف قوات الاحتلال المدنيين والمقرات التابعة للأمم المتحدة.

المحامي سعيد الكسواني، ذكر أنه قام بالتعاون مع عدد من المحامين الأردنيين، بالتحضير لرفع دعوى أمام المحاكم الأردنية، في حق قادة إسرائيل (تسيبي ليفني وزيرة الخارجية الإسرائيلية، إيهود باراك، وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود اولمرت، رئيس الوزراء، والرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريز)، وذلك لانتهاكهم حقوق الإنسان من خلال قتل الأطفال والنساء والشيوخ، وقصف مدارس الأونروا ومساجد في قطاع غزة خلال الهجوم الأخير.

وضمت بنود لائحة الدعوى التي أعدها الكسواني،وزملاؤه سجلا للمجازر التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي منذ عام 1948 وحتى الآن والاعتداءات التي قامت بها إسرائيل إثناء العدوان على غزة، وأضاف أن «إسرائيل قد تجاوزت الخط الأحمر بخرق القوانين والأحكام الدولية والاعتداء على الحقوق المدنية والإنسانية.» ويأمل الكسواني، المتخصص في القانون التجاري، ويعمل في سلك المحاماة منذ 9 سنوات من القضاء الأردني أن يأخذ الدعوى بعين الاعتبار، معربا عن ثقته بالقضاء الأردني.

في السياق نفسه، كشف نقيب المحامين الأردنيين، صالح العرموطي، أن النقابة ستوجه رسالة إلى الحكومة لحثها على مطالبة مجلس الأمن بتحريك ملف جرائم الحرب الإسرائيلية أمام المحكمة الجنائية الدولية، وذكر موقع الجزيرة نت، أن تحركات النقابة ستشمل أيضا مطالبة الدول الموقعة على اتفاقية مكافحة الإرهاب برفع دعوى مماثلة إضافة إلى تحريك دعاوى أخرى أمام محاكم هولندا وسويسرا وبلدان أوروبية أخرى.

وبحسب وزير العدل السابق طاهر حكمت، فإن رفع دعوى ضد إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية يمكن أن يتم بإحدى الطرق الآتية: أن يقوم مجلس الأمن بإحالة الملف إلى المحكمة، والثانية: أن تقوم إحدى الدول الموقعة على قانون روما ذي العلاقة برفع الدعوى، وهو ما يمكن لإحدى الدول العربية الثلاث الموقعة على ذلك القانون –الأردن وجيبوتي وجزر القمر- القيام به، أما الخيار الثالث فيتم من خلال تحرك المدعي العام للمحكمة الجنائية في ذلك الاتجاه تحت ضغط المنظمات الحقوقية الفلسطينية والدولية.

وطالب حكمت في حديث أجرته معه «ے» بدراسة القضايا والادعاءات من الجوانب القانونية والاستشارية كافة، وتنظيم حلقات للنقاش لبحث النصوص والملفات والأدلة المرفقة مع هذه القضايا، مؤكدا ضرورة فصل العاطفة عن القانون في ما يتعلق بأحداث غزة، واصفا الحرب على غزة بأنها تمثل التعريف القانوني لجرائم الحرب.

ودعا المستشار في المعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية سعد جبار،جزائري الجنسية، في تصريح للجزيرة نت، على ضرورة تكثيف الجهود مع الهيئات الحقوقية الدولية وإعداد ملفات قانونية متكاملة ترصد جرائم الحرب الإسرائيلية وتقدم المتهمين بها أمام المحاكم الأوروبية ذات الاختصاص، ولا يخفي جبار أن العائق كان، على الدوام، الخشية من أن إحالة دعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية قد تواجه عراقيل «قانونية وسياسية»، أو أن اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية في هذا الموضوع مستحيل في الوقت الراهن لاعتبارات قانونية متعددة، أهمها أن إسرائيل ليست بين الدول الموقعة على قانون روما المؤسس للمحكمة.

وكانت الأمانة العامة للرئاسة الفلسطينية قد ذكرت في وقت سابق أن فريقا من القانونيين يضم وزير العدل علي الخشان في حكومة سلام فياض ونقيب المحامين الفلسطينيين علي مهنا يستعد لرفع دعاوى قضائية في المحاكم الدولية ضد إسرائيل لارتكابها جرائم حرب في قطاع غزة.

منظمة التحالف الدولي لمكافحة الإفلات من العقاب، المسجلة دولياً، والعضو بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، رفعت بالتعاون مع حقوقيين ومحامين من دول عدّة من بينهم ثلاثة محامين من إسبانيا، مع وفد يمثل أميركا الشمالية وأوروبا والشرق الأوسط وأميركا الجنوبية، دعاوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، ضد الحكومة الإسرائيلية وكبار القادة السياسيين والعسكريين بتهمة «ارتكاب جرائم ضد الإنسانية»، و«جرائم الحرب والإبادة الجماعية الناجمة عن استمرار الحصار المفروض على قطاع غزة».

وأوضحت رئيسة المنظمة المحامية مي الخنساء، وهي لبنانية ناشطة بمجال حقوق الإنسان، أنّ الوفد اجتمع مع مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية، للمطالبة بإصدار مذكرات توقيف بحق المدعى عليهم وكذلك «وقف حمام الدم في غزة». ويرأس لجنة صياغة الدعوى عضو مجلس إدارة المنظمة فرانكلين لامب من واشنطن.

وكانت صحيفة لوموند الفرنسية قد ذكرت أن تسعين منظمة معظمها فرنسية، قررت رفع دعوى أمام محكمة الجزاء الدولية في لاهاي ضد إسرائيل، بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين في غزة، وذكرت الصحيفة أن معظم المنظمات التي ستقاضي إسرائيل أمام المحكمة الدولية مؤيدة للشعب الفلسطيني.

وتتيح أحكام الاختصاص الجنائي العالمي، نظرياً على الأقل في 47 دولة من دول أوروبا، التقدم أمام محاكمها بدعاوى حتى ولو لم يحمل الجاني جنسية البلد، وتأتي في مقدمها إسبانيا التي تبدو قوانينها الأكثر صلاحية في هذا الموضوع.

في الجانب الإسرائيلي، أمر وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك بتشكيل فريق من خبراء الاستخبارات والقانون لجمع الأدلة فيما يتعلق بالعمليات العسكرية التي شنها جيش الاحتلال على قطاع غزة بحيث يتم استخدامها للدفاع عن القادة العسكريين في أي مقاضاة محتملة في المستقبل.

وبحسب موقع الجزيرة نت، فإن قرار تشكيل الفريق أتى في إطار الإعداد لمواجهة موجة من الاتهامات الدولية بسبب عملية «الرصاص المصبوب»، وذلك بعد أن حذر المدعي العام الإسرائيلي مناحيم مزوز من احتمال رفع دعاوى ضد الجنود بعد انتهاء العملية. ونسب الموقع إلى مصدر عسكري إسرائيلي قوله: «إننا في حاجة للاستعداد لأي مقاضاة محتملة ضد كبار الضباط». وأوضح أن «الفريق سيتولى مراجعة الأفلام والمعلومات الاستخبارية وسيقوم بصياغة الأدلة التي يمكن استخدامها لدفع الاتهام بأن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب في غزة».

يذكر أن إسرائيل والولايات المتحدة ليستا بين 108 دول وقعت على قانون روما لتشكيل المحكمة الجنائية الدولية، لكن هذا لا يمنع المحكمة من التحقيق معهما.

جرائم إسرائيل: أردنيون لجأوا للقضاء المحلي وأجانب للمحكمة الدولية
 
22-Jan-2009
 
العدد 60