العدد 9 - ويأتيك بالاخبار
 

حرق أعصاب

رفع أسعار المحروقات صار يعلن بشفافية وبشكل مسبق..

بالطبع يجري نقاش وتُطرح توقعات حول قيمة الرفع، وهل سيشمل كل أصناف المحروقات بالنسبة نفسها أم سيختلف الرفع بين صنف وآخر وبأي صنف سيبدأ.

بالنتيجة، هناك، كما يبدو، تبديل في أشكال المتع الشعبية التي ترافق مثل هذه الأمور.

ففي السابق كان رفع سعر المحروقات يبقى سراً من الأسرار الكبرى التي يتفاجأ الناس بها بعد إقرارها، وينقسمون إثر ذلك إلى عدة حالات، ولنأخذ البنزين مثلاً..

من الناس من يكون قد «طرم السيارة» ليلة الرفع، وهؤلاء هم المحظوظون الذين سيمضون أياماً وهم يقودون سياراتهم على السعر القديم، ويرافقهم شعور بأنهم يضحكون على الحكومة.

ومنهم من كان ينوي «التفليل» لكن الشيطان زين له أن يؤجل ذلك إلى اليوم، وهؤلاء سينشغلون بلعن الشيطان، لأنه حرمهم من التمتع بما يتمتع به أفراد الفئة السابقة ممن «طرموها».

هذا بالنسبة لمالكي السيارات، أما غيرهم من المواطنين الركاب، فينقسمون بين من يكتفي بالتعليق أنها «مش جاية من قرش أو قرشين» أو ممن يفاجأ بالأجرة الجديدة عند الدفع، فيعتبر تضاحكه مع باقي الركاب حصته من المتعة المتحققة.. «الله يجازي الحكومة»!

بعد الشفافية اختفت المتعة نهائياً وحلت محلها عملية حرق أعصاب واسعة.

التدفئة المقارنة

حرب إعلانية تدور بين تجار أجهزة التدفئة الكهربائية وبين شركة الكهرباء، فالتجار يلحون على المواطنين بأن الكهرباء أوفر بكثير من باقي وسائل التدفئة، بينما تقول الشركة للمواطن إن فاتورته ستقفز عالياً وتحذره من ذلك.

في المشهد العام لسوق وسائل التدفئة، تراجعت صوبة الكاز الى داخل المحلات وانخفض سعرها كثيرا، وهذا العام شهدت صوبات الغاز تراجعاً مماثلاً لصالح صوبات الكهرباء التي انتشرت منها عشرات الأصناف والأشكال والأحجام.

يدل تاريخ التدفئة الأردنية أن صوبة الكهرباء لم تكن مقنعة رغم انخفاض سعرها النسبي، ولكن الوضع الجديد اضطر الناس لتطوير خبراتهم في التدفئة المقارنة.

نجوم الظهر

تبحث الحكومة عن بدائل للطاقة، ومن آخر الإجراءات التفكير بتحويل إنارة الشوارع الى الطاقة الشمسية.

هذا يعني أن الناس سيرون “شمس نص الليل” مما يدفع للتفكير في الاستفادة من “نجوم الظهر” التي سيراها المواطنون في الأيام المقبلة.

بدائل الطاقة لا تتوقف هنا..

يمكن تشجيع رياضات مثل “حاصر باصر” حيث يجري تحويل الطاقة الحركية الى طاقة حرارية، ويتذكر كثيرون أن هذه الرياضة كانت تقليداً أردنياً للتدفئة في المدارس حيث كان المعلم عندما يرى التلاميذ يشكون من البرد يدعوهم الى “دك حاصر باصر” كبديل جماعي أكثر فعالية من مجرد “الصكصكة” التي ينبغي مع ذلك المحافظة عليها على المستوى الفردي.

توزيع “الفروة” الوطنية

في الواقع لقد بذلت الحكومات الأخيرة جهوداً كبيرة لتأجيل رفع أسعار المحروقات الى أطول زمن ممكن، وكانت على الدوام تراعي ظروف الفقراء..

بصورة عامة، يؤثر توزيع الثروة الوطنية على مستويات توزيع “الدفء الوطني”، ولكن توزيع تلك الثروة بعدالة أمر يصعب التحكم به، وبالنتيجة يصعب التحكم بالعدالة في توزيع الدفء.

وما دمنا في سياق البحث عن بدائل، لماذا لا تبادر الحكومة الى رفع شعار تدفئة جديد عنوانه “فروة لكل مواطن”؟

قلنا إنه من الصعب تحقيق العدالة في توزيع “الثروة” الوطنية، لكن يمكن بسهولة تحقيق العدالة في توزيع “الفروة” الوطنية.

سيفتح بوجهة "طاقة" .. كمصدر بديل للطاقة – أحمد أبو خليل
 
10-Jan-2008
 
العدد 9