العدد 59 - اقتصادي
 

محمد علاونة

ما زال الذهب هو الملاذ الآمن بوصفه أداة للادخار من قبل المستهلكين أو المستثمرين أو حتى الدول، وذلك في ظل التقلبات الحادة التي عاشتها وتعيشها أسواق المال من أسهم وعملات عالمياً ومحلياً.

الإقبال على شراء المعدن الأصفر يتوقف على الهدف الذي يقوم به الأفراد، فهنالك من يبيعونه للحصول على سيولة، وهناك من يقبلون على شرائه كنوع من الادخار للمستقبل.

أمين سر نقابة تجار الحلي والمجوهرات ربحي علان، يستذكر بدايات سوق الذهب في الأردن، ليعود في ذاكرته إلى العام 1949 عندما كانت محلات «مجوهرات الشريف» و«سكجها» و«أبو سارة»، هي الأشهر في السوق الواقع في شارع الشابسوغ، حيث لم تتجاوز كمية الذهب التي يتم التعامل بها آنذاك الخمسة كيلوغرام لكل منها، وكان سعر الغرام 70 قرشا.

حاليا لا يقل رأسمال محل الذهب في الأردن عما يساوي 50 كيلوغراماً، بحسب علان، الذي أكد أن الطلب ارتفع على الذهب في الآونة الأخيرة. ورغم التذبذب الحاد في أسعاره، حيث إن معظم المستهلكين بلغوا قناعة مفادها أن الذهب يمكن الاستفادة منه في أي وقت، وتحديدا عند الحاجة الماسة وحدوث طارئ، مثل تكاليف العلاج أو التعليم.

وقد فسّر علان ارتباط الذهب بسعر صرف الدولار، بالقول إن سعر الذهب طالما ربط بشكل سلبي مع الدولار الأميركي، بينما يتحرك الذهب و النفط واليورو عادةً في الاتجاه نفسه. وعزا علان ذلك إلى اتفاقية بريتون وودز التي عقدت في العام 1944، التي توجت الدولار على رأس النقد العالمي، وأسلمته زمام المبادرة لقيادة العالم اقتصادياً، ووضعت الذهب في الخلفية بوصفه ركيزة داعمة، أو «احتياطاً»، بينما كان الذهب قبل ذلك هو الغطاء الحقيقي للدولار بنسبة 100 في المئة، وبقي الأمر كذلك حتى نهاية الحرب العالمية الثانية. وما زالت الدول حتى اليوم تحتفظ بالذهب كاحتياطي لعملتها، وهو ما يسمى بالغطاء الذهبي للعملة.

وتوقع علان استمرار أسعار الذهب في الصعود، ولكن بشكل بطيء، إلا إذا استمرت الأزمة الأميركية في المستقبل، فإن هذا «سيؤدي إلى زيادة أسعار الذهب عالمياً على المدى القصير». كما يقول.

الذهب يساهم في دعم العملة المحلية، كونه يحسب في مجموعة احتياطيات البنك المركزي، حيث استقر حجم هذه الاحتياطيات عند 6 بلايين دينار في تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي.

ويمثل احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية النقد والأرصدة والودائع الجاهزة بالعملات الأجنبية القابلة للتحويل وسندات وأذونات بعملات أجنبية، ونقد وأرصدة وودائع بعملات أجنبية غير قابلة للتحويل، مطروحا منه ودائع كل من البنوك المرخصة وودائع غير المقيمين بالعملات الأجنبية لدى «المركزي».

ويحتفظ «المركزي» حاليا بما قيمته 236.4 مليون دينار، من الذهب ارتفاعا من 121.5 مليون دينار في العام 2003. وبلغ معدل أسعار الذهب العام 1991 نحو 362.1 دولار للأونصة الواحدة قبل أن يتراجع إلى 343.8 دولار للأونصة في العام 1992، ولكنه ما لبث أن سجّل صعوداً في السنوات الأربع اللاحقة ليصبح 387.8 دولار في العام 1996.

أما العام 1997 فكان الأسوأ في تاريخ أسعار الذهب منذ أن أصبح سعر هذا المعدن الثمين يتأثر بفعل قوى السوق، فقد أقفل سعر أونصة الذهب في أواخر العام 1997 عند مستوى 289.9 دولار، أي ما دون 300 دولار للمرة الأولى منذ آذار/ مارس 1985، وسجل الذهب أعلى مستوى له في 26 عاماً بتجاوز سعر الأونصة 850 دولاراً الآن.

وإلى جانب الإقبال على الذهب كإدخار، فإنه مطلوب بشدة في الأفراح والمناسبات الاجتماعية مثل الزواج، حيث إن له أهمية خاصة عند الأفراد والمجتمعات بسبب ندرته ولخواصه الفيزيائية الفريدة، فهو مقاوم للتلف والصدأ، ويحتفظ ببريقه المميز على مدى الزمن لمئات وآلاف السنين.

ويشير علان إلى أن المستويات غير المسبوقة التي تشهدها أسعار الذهب حاليا لم تعد عائقا أمام تقديم كميات منه في صورة تجهيزات للزفاف، وذلك بعكس انحسار المبيعات في هذا الاتجاه قبل عامين، كون القناعة بأن الأسعار لن تعود للهبوط مجددا باتت راسخة لدى المتعاملين.

**

عن الذهب وعياراته

الذهب هو فلز ثمين جداً وعنصر كيميائي يرمز له بالرمز Au، وعدده الذري في الجدول الدوري 79. وهو معدن لين لامع أصفر اللون، استخدم كوحدة نقد عند العديد من الشعوب والحضارات والدول، كما إنه يستخدم في صناعة الحلي والجواهر.

يوجد في الطبيعة على هيئة حبيبات داخل الصخور وفي قيعان الأنهار، أو في شكل عروق في باطن الأرض، وغالباً ما يوجد الذهب مع معادن أخرى كالنحاس و الرصاص، وقد اكتشفت أكبر كتلة من الذهب في أستراليا العام 1896، وكان وزنها 2.280 أونصة. ويمتاز الذهب بقلة التآكل و النعومة كما أنه من أكثر العناصر الكيميائية كثافة.

الذهب استعمله الفراعنة بكثرة فهم كانوا يصنعون منه توابيت ملوكهم وعرباتهم، كما أنهم صنعوا منه قناعاً من أجمل الأقنعة التي عرفتها البشرية للفرعون توت عنخ أمون.

يشكل الذهب قاعدة نقدية مستخدمة من قبل صندوق النقد الدولي «IMF» وبنك التسويات الدولي «BIS»، كما أن للذهب استعمالات أخرى، فهو يستعمل في طب الأسنان والإلكترونيات.

الخصائص الفريدة للذهب متمثلة في ليونته وقابليته للسحب والتشكيل، ومقاومته للتآكل، جعلته مناسباً لكثير من الأغراض، فهو يخلط مع فلزات أخرى كالنحاس أو الفضة أو النيكل للحصول على سبائك أكثر متانة، ومع البلاتين يدخل في صنع الألياف الصناعية، نظراً لكونها مقاومة جداً لفصل المواد الكيميائية. والذهب هو المعدن المفضل في العديد من المجالات مثل: استخدامه في مجوهرات الزينة في ما يعرف بالذهب الأصفر، ويتم ذلك عن طريق خلط الذهب مع النحاس و الفضة والخارصين بنسب متفاوتة ما ينتج عيارات متعددة منه، ويتم قياس درجة نقاوة الذهب بالأجزاء؛ «جزء من الألف»، أو بالعيار بحسب المقياس الأميركي، فمثلاً درجة النقاوة 1000 تقابل العيار 24، ودرجة النقاوة 875 تقابل العيار 21، بينما 750 تقابل العيار 18. وعموماً، يميل لون الذهب إلى الشحوب كلما تم إنقاص رقم العيار، أي كلما نقصت كمية الذهب في السبيكة. أما الذهب الأبيض فهو ذهب ممزوج بالقصدير أو البلاديوم من أجل إكسابه اللون الأبيض، ويستخدم الذهب الأبيض عادة لأطقم المجوهرات.

1997 الأسوأ في تاريخ المعدن الأصفر.. الذهب: بدأت تجارته في شارع الشابسوغ بسعر 70 قرشاً للغرام
 
15-Jan-2009
 
العدد 59