العدد 9 - حريات
 

بتوقيف المدون السعودي فؤاد الفرحان، تطفو إلى السطح مجدداً، مسألة التضييق على أشهر طرق التعبير الإلكترونية، التي تتسم بالحرية الواسعة وتصعب السيطرة عليها، إذ يمكن نشرها في مواقع خارج الحدود.

ويقبع الفرحان، وهو ثاني مدون سعودي، في السجن بعد اعتقاله من مكتبه بمدينة جدة يوم 11/12/2007، دون توضيح الأسباب التي أدت إلى الاعتقال.

“لا أريد أن أنسى في السجن”، نداء أطلقه فؤاد قبل أيام قليلة على اعتقاله الذي كان متوقعاً.

تأخذ جهات رسمية على الفرحان (32) سنة، بحسب مدونين، مناصرته لـمن سموا بـ”العشرة”، وهم عشرة أكاديميين سعوديين اعتقلوا في وقت سابق من هذا العام بتهمة تمويل الإرهاب، دون أن تثبت عليهم التهمة حتى الآن.

صحيفة “أراب نيوز” السعودية التي تصدر بالإنجليزية أفادت أن السلطات تحقق مع الفرحان بشأن انتهاك “الضوابط غير الأمنية”. فيما أوحت مصادر سعودية أن توقيفه لن يطول.

يُذكر هنا أن وعوداً أو دعوات إصلاحية قد انطلقت في السعودية في الأعوام القليلة الماضية، ولاقت بعضها استجابة من القيادة السعودية، لكن وتيرة الإصلاح لدى السلطة التنفيذية بطيئة، وأحياناً غير ملحوظة.

اشتهر المدون الذي حاز لقب عميد المدونين السعوديين، بجرأته في طرح قضايا محلية وتوجيه نقد لاذع لسياسات ومسؤولين حكوميين، وقد تميز بكتاباته المناصرة للإصلاح في مدونته التي تحمل اسمه (www.alfarhan.org) في بلد محافظ لم يعتد مثل هذه الجرأة. واضعاً عنواناً لمدونته: بحثاً عن الحرية، الكرامة، العدالة، المساواة، الشورى، وباقي القيم الإسلامية المفقودة.. لأجل رغد وخطاب (ولداه).

قالت زوجته في تصريحات صحفية “إن اعتقاله مرتبط مباشرة بنشاطه التدويني، وإنه قد يبقى في السجن لمدة شهر على ذمة التحقيق”.

من مدوناته واحدة يعرض فيها لعشر شخصيات محلية عامة لا يرغب كما يقول بلقائها، من ضمنها أمير:«الوليد بن طلال»، ووزير: «وزير التجارة الدكتور هاشم يماني»، اضافة الى رجال دين وإعلاميين وشخصيات اخرى تحتل مناصب رفيعة.

في شباط/ فبراير 2007 استجوب عدد من ضباط الشرطة بملابس مدنية الفرحان وأجبر على إغلاق مدونته، و في حزيران/يونيو من العام نفسه عاد للتدوين مرة أخرى.

وبحسب الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، فإن السلطات دأبت على متابعة مدونين سعوديين بين وقت وآخر، والقبض على بعضهم مثل المدون «سرجون مطر» فضلاً عن حجب العديد من المدونات مثل مدونة «حواء السعودية» .

وأفاد جمال عيد، المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، على موقعها «أنه أمر محير في حقيقة الموقف من الإرهاب، فحين يعتقل شاب يكتب بشكل ناضج، ويناوئ الإرهاب ويطالب بالإصلاح ويصعب أن تجد في كتابته أي تجاوز، فهذا مؤشر خطير على سيطرة المتشددين والمعادين لحرية التعبير والإصلاح في السعودية».

ويتفق مراقبون كثر على أن للمتشددين نفوذاً واسعاً في مختلف المرافق والهيئات الحكومية، وتساندهم قوى اجتماعية متزمتة، مقابل تيار إصلاحي ظهر في السنوات الأخيرة وفتح خطوط اتصال مع السلطات التي لا يخلو خطابها من روح إصلاحية، لكن هذا التيار لم يشتد عوده بعد، ويخشى بعض رموزه من التعبير عن أنفسهم بوضوح، مخافة نقمة اجتماعية عليهم.

وفي تطور لافت للنظر، دخلت واشنطن على الخط، فقد طالبت الخارجية الأميركية بإطلاق سراح الفرحان «فوراً».

«الإدارة الأميركية منافقة وموقفها للاستهلاك الإعلامي» تصف المدونة الأردنية لينا عجيلات التدخل الأميركي في قضية الفرحان.

وتدلل صاحبة مدونة «في الريح»، باللغة الإنجليزية، على نفاق الإدارة الأميركية بأنها «تسكت عن قضايا حقوق إنسان كبيرة، وتنتقي القضايا التي تتحدث فيها، فضلاً عن أن سياسة دعم الديمقراطية وحرية الرأي في الوطن العربي غير جادة وليست هدفاً أساسيا بالنسبة لها».

وترى عجيلات «24» عاماً، «أن من المثير للاهتمام أن الصحافة الأجنبية أبرزت خبر اعتقال فؤاد الفرحان، وربما كان ذلك السبب في ركوب الإدارة الأميركية الموجة عبر المطالبة بتحرير المدون السعودي».

الإنجاز الأبرز للفرحان، بحسب عجيلات، أنه كان يدون باسمه الصريح، مشيرة إلى أن من النادر العثور على مدونين سعوديين يكتبون بأسمائهم الحقيقية.

«عندما بدأت التدوين قبل 3 سنوات كانت هناك مدونة سعودية اسمها فرح، تكتب أشياء جريئة ورائعة، فجأة اختفت وأوقفت مدونتها. تستذكر عجيلات: «ما تميز به الفرحان انه كتب بجرأة وباسمه الحقيقي، وساهم بتغيير الصورة النمطية عن المجتمع السعودي».

سبق الفرحان في الاعتقال، عدد من المدونين العرب، أبرزهم المصريان عبد الكريم نبيل الذي اعتقل بسبب أرائه وحكم عليه بالسجن أربع سنوات، واحمد محسن الذي اعتقل على خلفية تدويناته المناهضة للتعذيب. تشرح عجيلات أن فضاءات الحرية في الوطن العربي متفاوتة، «فمثلا نسمع الكثير عن التضييق على المدونين في مصر، وفي الوقت نفسه نجد أن المدونين المصريين موجودون بقوة، أي أن هناك ممارسة للحريات في التدوين وضغوطاً أكبر للمطالبة بالحرية».

في الأردن تختلف المسألة كثيراً، صحيح أن معظم المدونين الأردنيين يكتبون بأسمائهم الصريحة، لكننا لا نجد أن هؤلاء يحاولون أن يرفعوا سقف الحرية أو يختبروا ذلك السقف؟! تضيف عجيلات.

وقد وضعت دائرة المطبوعات والنشر المواقع الإلكترونية منذ تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي في عداد وسائل الإعلام التي تخضع للمتابعة والمساءلة، وتطبق عليها أحكام قانون المطبوعات .غير ان قضايا لم تسجل خلال الشهرين الماضيين ضد مدونين أردنيين .

مدونون وناشطون بدأوا بتنظيم حملة للإفراج عن الفرحان على موقع freefouad.com وتم إنشاء مجموعة دعم على فايسبوك للمناشدة بإطلاق سراحه، كما وقع المئات منهم على رسالة وجهت الى السلطات السعودية والحكومة الأميركية». السؤال الذي يبقى: هل سيأتي كل هذا (الحكي) بنتيجة أم لا؟ تتساءل عجيلات..

ينادي بالإصلاح تماشياً مع الخطاب الرسمي: مناشدات للإفراج عن "عميد المدونين السعوديين" – خالد أبو الخير
 
10-Jan-2008
 
العدد 9