العدد 57 - اقتصادي
 

السّجل- خاص

هبط معدل البطالة خلال التسعة شهور الأولى من العام الجاري ليصل إلى  9.12 في المئة مقارنة بنحو 14.3في المئة خلال الفترة نفسها من العام الماضي، إذ تراجع مؤشر البطالة بنسبة 2 نقطة مئوية.

لكن بعض الخبراء اعتبروا معدل انخفاض البطالة المعلن وهميا وخاليا من الدقة ويهدف إلى تخفيف الضغط عن الحكومة لتوفير فرص العمل. 

وفي الربع الأول من العام الجاري تراجع معدل البطالة بنسبة طفيفة، إذ بلغ معدله في الفترة المذكورة 14.1 مقارنة بنحو 14.3 في الفترة نفسها من العام الماضي.

  وواصل معدل البطاله هبوطه عن 14.1في المئة  ليصل إلى 12.5 في المئة  في الربع الثاني من العام الجاري مقارنة بنحو 10.8 في المئة عن الفترة نفسها من العام الماضي.

  وشهد معدل البطالة في الربع الثالث من العام الجاري هبوطا آخر إذ وصل إلى 12 في المئة مقارنة بنحو 13 في المئة من العام الماضي.

ويؤكد وزير التخطيط الأسبق تيسير الصمادي، أن أكثر القطاعات التي ساهمت في توفير فرص العمل كان قطاعا التعليم والصحة. وأشار إلى أن معدل انخفاض البطالة حقيقي مدعما ذلك بتحسن مستوى السياسات الحكومية المتعاقبة في توفير فرص العمل غير انه اعتبر المعدل «متواضع».

ويرى الصمادي أن القطاع الحكومي هو المشغل الرئيسي للمتعطلين عن العمل، مؤكدا ضرورة تعزيز القطاع الخاص من توفير فرص العمل في السوق المحلية.

  ولفت إلى أهمية تنظيم مؤسسات التدريب المهني في تدريب المتعطلين وتأهيلهم عن العمل وفق احتياجات السوق، دون أن يكون تدريبهم بشكل منعزل عن فرص العمل المتوافرة.  

وحول توقعاته للسنوات المقبلة، يرى الصمادي أن الأزمة العالمية لن تؤثر بشكل كبير على فرص العمل، كون أكثر القطاعات المتضررة من تلك الأزمة هي قطاع العقار الذي يعتمد، بشكل أساسي، على العمالة الوافدة.

وأكد على الدور الذي قامت به المؤسسات الحكومية في دعم المشاريع الصغيرة والفردية لتوفير فرص العمل.

  ويرى المحلل الاقتصادي عبد الخرابشة أن مؤشر تراجع البطالة يوحي بالتفاؤل نوعا ما رغم اعتباره أن ذلك المؤشر ما زال مرتفعا مقارنة بالدول الأخرى، مشيرا إلى أن بعض الدول تصل فيها نسبة البطالة إلى 4في المئة ، بمعنى أن 96 في المئة هي نسبة التشغيل لمواطنيها، وهو ما يسمى بعلم الاقتصاد بـ«التشغيل الكامل».

 وأشار الخرابشة إلى الدور الذي تقوم به الحكومة في تنفيذ الخطط والأنظمة التي تشجع الاستثمارات الأجنبية والهادفة إلى تحقيق «التنمية الخلاقة» لتوفير فرص العمل لافتا إلى «العلاقة العكسية» بين النمو الاقتصادي وانخفاض معدل البطالة.

واستعرض أمين عام وزارة العمل غازي شبيكات، الإجراءات التي قامت بها الوزارة بهدف تخفيض مستويات البطالة لحدها الأدنى من خلال تدريب الأردنيين وتشغيلهم، مشيرا إلى أن وزارة العمل نفذت عددا من المشاريع والبرامج الهادفة إلى زيادة تشغيل المتعطلين عن العمل عن طريق استحداث مديريات متخصصة في التشغيل من  مختلف مناطق المملكة، وربطها إلكترونياً مع الوزارة، إضافة إلى توفير قاعدة بيانات لفرص العمل المتاحة والباحثين عن العمل في الوقت ذاته.

وتطرق شبيكات إلى الدور الذي تقوم به الشركة الوطنية للتشغيل والتدريب ومشروع الفروع الإنتاجية إضافة إلى مشروع التشغيل والتدريب والذي يهدف إلى تدريب الأفراد في موقع العمل ومن ثم تشغيلهم في الموقع نفسه. كما لفت إلى مشروع «سياحة» لتدريب المتعطلين عن العمل ومن ثم تشغيلهم في القطاع السياحي.

وذكر شبيكات أن عدد المستفيدين من تلك المشاريع وصل إلى 8831 مستفيدا خلال الشهور السبعة الأولى من العام الجاري مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وبين شبيكات أن وزارة العمل قامت برفع أجور الأيدي العاملة منذ العام 2006 إضافة إلى منح أصحاب العمل «الملتزمين» حوافز تشجيعية وإعفاءات ما دفع المتعطلين عن العمل اللجوء إلى مراكز التدريب والتأهيل.

  وأشار إلى ارتفاع معدل البطالة رغم تراجعه التدريجي العام الجاري لافتا إلى أن التراجع الحاصل في معدل البطالة يدل على أن معدلات البطالة بدأت تستجيب إلى معدلات النمو المرتفعة، وأن سياسات التشغيل بدأت تعطي ثمارها.

  وأكد أن تخفيض معدل البطالة إلى حدها الأدنى سيكون على سلم أولويات الحكومة و«الأجندة الوطنية».  

ولفت إلى أن النسبة التي وصلت إليها البطالة العام الجاري هي الأدنى منذ ثماني سنوات، مدللا بذلك على الزيادة الكبيرة في فرص العمل المستحدثة العام الماضي التي وصلت 70 ألف فرصة عمل بزيادة نسبتها 100 في المئة عن العام الذي سبقه.

وحول توجهات وزارة العمل مستقبلا لزيادة معدلات تشغيل الأردنيين، أشار شبيكات إلى أن الوزارة بالتعاون مع شركائها بصدد إطلاق استراتيجية وطنية للتشغيل سيتم من خلالها وللمرة الأولى تنسيق السياسات الاقتصادية والاستثمارية كافة.

يشار إلى أن الشركة الوطنية للتشغيل والتدريب تأسست كشركة مساهمة خاصة غير ربحية مملوكة للقوات المسلحة في 25 تموز (يوليو) 2007 وتعني بتشغيل وتدريب العمالة الأردنية للعمل في قطاع الإنشاءات لرفد الاقتصاد الوطني بالكوادر المهنية المحترفة في قطاع الإنشاءات كمرحلة أولى على أن تتبعها قطاعات الاقتصاد الأخرى في الصناعة والتعدين والخدمات والزراعة بما يكفل دفع النمو الاقتصادي الوطني بصورة متسارعة ومتوازنة.

وما يدل على تحسن معدلات تشغيل المتعطلين عن العمل ازدياد فرص العمل التي وفرتها مشاريع الإقراض الممولة من صندوق التنمية والتشغيل والتي بلغت 30في المئة  مقارنة بالعام الماضي  بحسب شبيكات.

وأكد الخرابشة أهمية الدور الذي قام به القطاع الخاص في توفير فرص العمل فضلا عن دور مؤسسات الإقراض في توفير القروض للمتعطلين عن العمل ليقوموا بإنشاء مشاريع خاصة.  

وأشار إلى أن بعض المواطنين المتعطلين عن العمل غادروا إلى دول أخرى كدول الخليج لإيجاد فرص العمل المناسبة واستقروا في تلك الدول، الأمر الذي قلص من حدة ارتفاع البطالة.

  لكن الخرابشة توقع ارتفاع مؤشر البطالة خلال السنوات المقبلة إثر الأزمات العالمية والانهيارات الاقتصادية، الأمر الذي ينعكس على تقليص الدول الأخرى من حجم مساعداتها للمملكة.

واعتبر بعض خبراء الاقتصاد أن انخفاض معدل البطالة إلى نسبة 12في المئة مؤشر ايجابي غير أن آخرين وجدوه وهميا، إضافة إلى كونه يخلو من الدقة، وأن هدفه فقط إعطاء انطباع بتقلص معدل البطالة لتخفيف الضغط عن الحكومة لتوفير فرص العمل للمواطنين. 

وشكك  المحلل الاقتصادي مازن مرجي، في دقة نسبة تراجع البطالة، لافتا إلى أن نسبة التراجع لا تعكس الواقع الحقيقي فضلا عن كونها هامشية ولا تؤشر بتغير حقيقي.

وأشار مرجي إلى أن الرقم المعلن من قبل دائرة الإحصاءات العامة هدفه الإيحاء للمواطنين للتخفيف عنهم ودفعهم للتفاؤل من خلال إبراز إيحاءات وهمية.

  وأضاف مرجي: «لا يعتبر مؤشر البطالة ذا قيمة إلا إذا تم الكشف عن القطاعات التي وفرت فرص العمل لتوجيه الاستثمارات الاقتصادية نحوها وتعزيز الاستثمارات بها».

وبيّن أن الرقم المعلن ليس هدفاً بحد ذاته، وإنما مؤشر ودلالة لا بد أن ينعكس على ارض الواقع  مشيرا إلى ضرورة وضع بيان إحصائي في أعداد الأيدي العاملة والمؤهلة التي انخرطت في سوق العمل للحصول على رقم حقيقي.

  المحلل الاقتصادي هاني الخليلي يرى أن معدل تراجع البطالة مؤشر ايجابي إذا كان الرقم المعلن حقيقيا.

  وعزا الخليلي تراجع معدل البطالة إلى زيادة الوعي لدى المواطنين تجاه أهمية المهن الحرفية ودورها في توفير العيش الكريم للمواطنين في الوقت الذي تقوم فيه وسائل الإعلام كافة في توجيه المواطنين إلى مراكز التدريب والتأهيل.

  بيد أن الخليلي أشار إلى «البطالة المقنعة» مبينا أن العديد من المتعطلين عن العمل لم يتقدموا بطلب وظيفة من ديوان الخدمة المدنية ما يشكك في حقيقة تراجع معدل البطالة العام الجاري.  

 وكون المؤشر وهميا بيّن الخليلي أن ذلك يعود إلى آلية التعداد الإحصائي، مؤكدا على ضرورة أن يشمل جهات مختلفة دون التركيز على وجهة واحدة.

  وتوقع الخليلي وصول البطالة إلى أدنى مستوياتها في السنوات المقبلة إثر تقلص «ثقافة العيب» وارتفاع أجور الأيدي العاملة.

البطالة: واقع صعب يشير إلى ضعف صدقية الأرقام
 
01-Jan-2009
 
العدد 57