العدد 57 - أردني
 

سامر خير أحمد

لا يمكن إطلاق حكم عام دقيق حول تراجع أو تقدم حالة الحريات العامة في الأردن خلال العام 2008، ليس فقط لأن مثل هذا التغيّر لم يكن ملموساً، بل أيضاً لأن حدثاً كبيراً لم يقع، على هذا الصعيد، فكان العام 2008، تقريباً، كالأعوام التي سبقته.

يمكن رصد بعض الأوضاع المتعلقة بالحريات العامة في الأردن، خلال 2008، التي تبين تقدما طفيفاً في بعض المجالات، وتراجعاً، طفيفاً أيضاً، في مجالات أخرى:

· المركز الوطني لحقوق الإنسان: شهد العام 2008 إقالة أحمد عبيدات، رئيس الوزراء الأسبق، من موقعه كرئيس لمجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان، في 2 تموز/ يوليو. كان عبيدات أول من شغل هذا المنصب منذ تشكيل المركز، الذي يُعد مؤسسة شبه رسمية، بإرادة ملكية، في العام 2002، وقد عُهد لرئيس الوزراء الأسبق عدنان بدران بالمنصب بعده. صدرت آراء اعتبرت أن السبب الحقيقي لإقالة عبيدات يكمن في سلسلة التقارير السنوية التي عمد المركز لإصدارها عن أوضاع حقوق الإنسان في الأردن، نظراً لأنها احتوت دائماً انتقادات حادة للأداء الحكومي في هذا الملف.

· الاجتماعات العامة: اقترحت الحكومة تعديلات على قانون الاجتماعات العامة رقم 7 لسنة 2004، الذي واجه انتقادات واسعة بسبب وضعه قيوداً على عقد الاجتماعات العامة. لكن هذه التعديلات لاقت انتقادات كونها اعتُبرت "شكلية"، ولا تمس جوهر قانون العام 2004، بخاصة من حيث اشتراط الحصول على مواقفات مسبقة، وآليات الحصول على تلك الموافقات، إذ قلّصت التعديلات الفترة الزمنية التي يجب أن تسبق موعد طلب عقد اجتماع أو تنظيم مسيرة من ثلاثة أيام إلى يومين، وقلّصت الفترة التي يتعين على الحاكم الإداري الموافقة خلالها على الطلب أو رفضه من يومين إلى يوم واحد، من دون أن تلغيها، كما كان الحال في قانون الاجتماعات العامة الذي ظل معمولاً به منذ العام 1953، والذي كان يكتفي بطلب إشعار الحكومة بتنظيم المسيرة أو المظاهرة قبل 48 ساعة من موعدها، من دون انتظار موافقتها، وكذلك عدم اشتراط إعلام الحكومة بأنواع أخرى من الاجتماعات، كتلك التي تنظمها مؤسسات وهيئات مرخصة. وقد أقر مجلس النواب التعديلات الجديدة في شهر حزيران/ يونيو.

· الاعتداء على الصحفيين وتوقيفهم: بدأ العام بحادثة اعتداء على الإعلامي جميل النمري، في 24 كانون الثاني/ يناير، حين حضر شاب يحمل سكيناً إلى بيته، وطلب مقابلته، وما أن وصل النمري إلى باب البيت حتى هاجمه الشاب بضربة أصابت خدّه، ثم لاذ بالفرار إلى سيارة كانت تنتظره عند باب البناية. تدخل الملك عبدالله الثاني، واتصل بالنمري مهنئاً بالسلامة، ووجه الجهات الأمنية للاهتمام بالموضوع، وملاحقة الفاعلين. في سياق آخر، صرح الملك في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر أن توقيف الصحفيين على خلفية قضايا النشر هو بمثابة "خط أحمر"، لن يتكرر، وذلك بعد أيام من الإفراج بالكفالة عن الصحفي "فايز الأجراشي"، رئيس تحرير أسبوعية "الإخبارية"، الذي كان تعرّض للتوقيف لكتابته مقالاً وجّه نقداً لمحافظ العاصمة سعد الوادي المناصير.

· قضايا المطبوعات: شهد العام 2008 ملاحقة عدد من الكتاب والناشرين على خلفية ما ورد في مؤلفاتهم من آراء أو تعبيرات، لكن هذه الملاحقات انحصرت في تهم تتعلق بالمسائل الدينية، لا السياسية. من ذلك، إحالة الشاعر إسلام سمحان للمحاكمة على خلفية ديوانه "برشاقة ظل"، منع توزيع كل من ديوان "ينطق عن الهوى" للشاعر طاهر رياض، والمجموعة النثرية "فانيليا سمراء" للمغربية منى وفيق، وديوان "حصة آدم" للسعودي زياد السالم، ديوان "إليك سيدتي بغداد" لوداد الجوراني، وكتاب "انثيال الذاكرة" لفتحي البس الذي سمح بدخوله في وقت لاحق.

قراءة حالة الحريات في عام
 
01-Jan-2009
 
العدد 57