العدد 57 - أردني
 

محمد علاونة

محطات مهمة مر بها الملف الاقتصادي خلال العام 2008، فقد كانت مرتبطة ارتباطا مباشرا بتعاملات المواطنين وحياتهم اليومية، ومست الحاجات الأساسية والمدخرات، ولا يقلل من أهمية ذلك أن التطورات الاقتصادية، لها جذور سابقة في أعوام خلت، كما إن لها امتدادات للعام 2009.

تحرير قطاع الطاقة

بين العامين 2004 و2008 رفعت الحكومات المتعاقبة أسعار المحروقات ست مرات، وكان ذلك في جزء منه استجابة لارتفاع أسعار النفط عالميا، والذي اقترب من مستوى 147 دولارا قبل شهور، قبل أن يتراجع خلال الشهرين الماضيين إلى ما دون الخمسين دولارا.

أسعار المشتقات النفطية، محليا، تأثرت بقرار تحرير أسعار المشتقات النفطية في شباط/ فبراير ورفع الدعم عنها في الموازنة العامة للدولة وربطها بالأسعار العالمية. وقد أتت خطوة إزالة الدعم نهائيا في شهر آذار/مارس من العام الجاري، في إطار خطة بدأت بتنفيذها الحكومة حين أصدرت قرارها في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2004 بتحرير قطاع الطاقة تحريرا كاملا. وقد بررت الحكومة أسباب قرارها بأنها تنوي التخلص من سياسة دعم السلع الذي يسبب تشوها اقتصاديا، ويتماشى مع تنفيذ اتفاقيات دولية وقعها الأردن وأبرزها الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، من جهة، واتباع سياسة السوق الحر من جهة أخرى.

كما بررت ذلك برغبتها في التخلص من عبء الفاتورة النفطية الذي أثقل كاهل الموازنة مع زيادة العجز، فيما أبقت الدعم على أسطوانة الغاز.

بيد أن ارتداد أسعار النفط لمستويات متدنية لتهبط خلال الشهرين الماضيين بأكثر من 60 في المئة وتحوم عالميا حول 40 دولارا دفع الحكومة لخفض أسعار المشتقات النفطية ثماني مرات خلال العام، وهو ما انعكس على أسعار النقل وخدمات أخرى، رغم أن عددا من السلع بقي عند مستويات مرتفعة.

وكان آخر خفض لأسعار المشتقات النفطية في كانون الأول/ديسمبر 2008 حين خفضت الأسعار بنسبة راوحت بين 5 و17 في المئة، ليكون هذا التخفيض هو الأكبر الذي تشهده أسعار الوقود خلال العام.

سكن كريم لعيش كريم

في نهاية شهر شباط / فبراير 2008 أطلق الملك عبد الله الثاني مبادرة سكن كريم لعيش كريم، الهادفة لبناء 40 ألف وحدة سكنية خلال خمسة أعوام. وفي 27 آب / أغسطس، تم توقيع اتفاقات ما بين الحكومة وعدد من الشركات لتنفيذ المشروع، حيث أعلنت وزارة الأشغال العامة والإسكان إطلاق آليات تنفيذ المرحلة الأولى من مشاريع المبادرة.

تقوم استراتيجية العمل في المبادرة على ثلاثة محاور: توفير المسكن المناسب لذوي الدخل المحدود والمتدني ممن يصعب امتلاكهم لشقق مناسبة في عمان والزرقاء وإربد والسلط والعقبة.

يتمثل المحور الثاني بتلبية متطلبات السكن للمواطنين في المحافظات الأخرى من المملكة مثل: المفرق، وجرش، وعجلون، ومادبا، والطفيلة، والكرك، ومعان، والشوبك من خلال منح قطع أراضٍ مزودة بشبكة متكاملة من خدمات البنية التحتية المناسبة من طرق، وكهرباء، ومياه، وصرف صحي.

فيما يتمثل المحور الأخير بتوفير قروض مالية ميسرة لمن يملكون الأراضي ولا يملكون المال للبناء عليها، لإقراضهم بأقساط لا تزيد على ثلث دخل الفرد.

وتنوي الشركات التي تنضوي تحت مظلة جمعة المستثمرين في الإسكان بناء ما يزيد على 11 ألف وحدة سكنية في عمان والزرقاء وإربد والعقبة خلال 12-15 شهرا.

وستكون آلية الدفع بأقساط ثابتة لا تتجاوز ثلث الراتب لمدة 20-25 سنة، وقد أعطيت الأولوية في الحصول على سكن في المشروع لرب الأسرة المتزوج، الذي يتجاوز عمره 35 سنة، على أن يكون دخل الأسرة أقل من 500 دينار، وألا يكون أحد أفراد الأسرة مالكا لعقار.

البورصات العالمية

مازالت الأوساط الاقتصادية مشغولة بقضية «البورصات العالمية» التي برزت إلى السطح في شهر أيلول/ سبتمبر 2008، مع ظهور مؤشرات بفقد الكثير من المدخرين لأموالهم التي أودعوها لدى شركات وهمية ادعت أنها تتعامل مع البورصات العالمية.

الحكومة تمكنت من معالجة جزء من القضية، لكن معالجة القضية جزئيا جاء متأخرا، كون المؤشرات الأولية بوجود أزمة تسديد لدى أصحاب المكاتب كان واضحا قبل أعوام، ومع غياب إطار قانوني يحكم العملية، مع وجود قضايا مشابهة سابقة تم معالجتها دون أطر قانونية.

واتضحت خيوط القضية بعد تحويلها إلى محكمة أمن الدولة، التي قامت بتجميد أموال العشرات من أصحاب تلك الشركات مع توقيف عدد منهم، في حين استطاع كثير منهم الفرار خارج البلاد، وأغلقت بعض الشركات أبوابها وبدأ بعضها الآخر في تصويب أوضاعه لتتواءم مع القانون الجديد الذي أصدرته الحكومة لتنظيم عمل هذه الشركات التي كانت تعمل من دون أي تنظيم.

بورصة عمان

شهدت بورصة عمان هبوطا حادا خلال العام 2008، مع التراجع المتواصل لأسهم البورصات الأميركية والأوروبية والعربية، إذ فقد مؤشر بورصة عمان أكثر من 23 في المئة من قيمته خلال العام، في الوقت الذي كان فيه التراجع أكثر حدة خلال الشهرين الأخيرين من العام نتيجة إغلاق الحسابات المالية واللذين غالبا ما يشهد شحا في السيولة.

وانعكس شح السيولة على التعاملات التي فقدت من قيمتها السوقية نحو 12 في المئة لتراوح حول 25.5 بليون دينار.

وبينما تعرضت قطاعات التعدين لانخفاض بسبب تراجع أسعار المواد التي تصدرها شركات تلك الأسهم مع الانخفاض في أسعار المواد الأولية بسبب الأزمة المالية العالمية، تعرضت أسهم الخدمات لضربة قاسية بسبب المضاربات ووسط حالة خوف غذتها الحالة النفسية التي انعكست على زيادة عمليات البيع على حساب الطلب.

مشروع الديسي

انطلاق مشروع جر مياه الديسي ـ المدورة إلى عمان، في آب/أغسطس 2008 أحيا أملا بإنعاش الواقع المائي للأردن، وبخاصة بعد تعثر صادف تنفيذ المشروع منذ أوائل التسعينات عندما طرحت فكرة المشروع.

مشروع مياه الديسي ستنفذه شركة تركية بكلفة بليون دولار على مدى 3 سنوات ونصف السنة ولمدة 25 سنة، لتعود بعدها ملكيته بعد ذلك للدولة الأردنية.

المشروع الحيوي تم تدشينه الرسمي خلال العام 2008، بعد وضوح ملامح المشروع وآليات التمويل والتنفيذ في نيسان /ابريل ووسط توقعات بأن يرفد الأردن بنحو 100 مليون متر مكعب سنويا، بعد نحو 6 أشهر من مفاوضات، شهدت مدا وجزرا بين وزارة المياه والري والائتلاف الفائز بتنفيذ المشروع، وهو شركة غاما إنيرجي التركية.

وتعرض مشروعا جر مياه الديسي وقناة البحرين «الأحمر – الميت» إلى تعثر صادف تنفيذهما في السنوات الماضية، لأسباب، تتعلق بآلية وإمكانية تنفيذ الأول منهما في ضوء شح المصادر المالية الذاتية، ومعوقات فنية ومالية، أخرت البرنامج الزمني لمشروع البحرين.

وكانت الحكومة أوقفت العمل بمشروع الديسي بعد تعثر مفاوضاتها مع صندوق الاستثمار الخاص بالقوات المسلحة خلال شباط /فبراير 2005، تمهيدا لإجراء دراسة شاملة للمشروع.

قناة البحرين

مشروع قناة البحرين الذي تم الموافقة على إنشائه خلال العام 2005 شهد تطورات ملحوظة خلال العام الجاري مع مواصلة الأطراف المعنية بالمشروع، وهي: الأردن، فلسطين، إسرائيل، مشاوراتهم المكثفة خلال العام، كان آخرها المؤتمر الوزاري الأورومتوسطي للمياه الذي عقد بالبحر الميت في كانون الأول/ديسمبر 2008. وأكدت الأطراف المشاركة فيه جدوى تنفيذ المشروع.

وينتظر الأردن نتائج دراسات الجدوى الشاملة للمشروع لإمكان اعتماد خيار التركيز على عنصر الطاقة النووية في عملية ضخ وتحلية المياه المنقولة من البحر الأحمر إلى البحر الميت، وذلك بعد تقييم الخيارات كافة المطروحة من خلال تلك الدراسات.

وواجه المشروع الاستراتيجي الذي تصل كلفته إلى حوالي 3.15 بليون دينار، معيقات ترتبط بمقترحات حول حلول إقليمية بديلة لقناة البحرين الممتدة من البحر الأحمر إلى الميت. بيد أن الجانب الأردني اعترض عليها، مُصراً على دراسة وتنفيذ مشروع قناة البحرين بطرحه الأردني.

الطاقة، الإسكان، المياه والبورصات: أبرز الملفات الاقتصادية للعام 2008
 
01-Jan-2009
 
العدد 57