العدد 57 - أردني
 

منذ بدأ العدوان العسكري الإسرائيلي على غزة، التقت يوميات ومواقع إلكترونية مع وكالات أنباء وفضائيات، في تخصيص الجزء الأكبر من صفحاتها وبثها، للحديث عن المجزرة وبشاعتها.

عدد الضحايا وتوقيت المجزرة، أديا إلى تصاعد وتيرة الاحتجاجات في غير مكان في العالم، وكان للشارع الأردني نصيب منها، من خلال المسيرات والاعتصامات والتظاهرات المنددة بالعدوان.

وسائل الإعلام المختلفة تلاقت في التغطية، مع تباين في طريقة عرض الخبر والعنوان من يومية لأخرى، أو من موقع إلكتروني لآخر.

ابتكرت «يوميات» أساليب عدة لجهة تمييزها عن سواها، مثل «تسويد» الصفحة الأولى للصحيفة كما فعلت «الغد» يوم 28/12/2008، مع تخصيص نصف الصفحة الأولى لصورة صادمة من المجزرة التي ارتكبتها إسرائيل، فيما خرجت يومية «الدستور» ببنط أحمر لعناوينها، في إشارة ضمنية للدم المسال في غزة.

أما يوميتا «الرأي» و«العرب اليوم»، فقد أفردت كل منهما صفحتها الأولى للخبر مع صور معبرة، مع تركيز على الموقف الأردني الرافض للعدوان.

مواقع إلكترونية توشحت بالسواد في تعبير عن تضامنها مع أهالي غزة ورفضا لما يحدث، ومنها مواقع «سرايا» و«مرايا» و«أخبار البلد».

كتّاب مقالات عبروا عن موقف صحفهم بالتنديد واستنكار الجريمة البشعة والعدوان الغاشم، بيد أن وتيرة المقالات اختلفت من كاتب لآخر، وإن ظل الإطار العام لمقالاتهم هو نقد «التغول» الإسرائيلي في غزة.

تغطيات الصحف حول الأحداث جاءت بنسق واحد، وإن تميزت «الغد» بعنوان يحمل موقفاً سياسياً قالت فيه «الأردنيون: لا سفارة إسرائيلية على أرض عربية». الصحيفة استوحت عنوانها من هتافات المتظاهرين في المسيرات التي خرجت في أرجاء المملكة.

حادثة قيام النائب خليل عطية، بحرق العلم الإسرائيلي تحت قبة مجلس النواب، خلال الجلسة التي عقدها مجلس النواب يوم الأحد الماضي (29 كانون الأول/ديسمبر)، وخصصت للحديث عن المجزرة الإسرائيلية على قطاع غزة، أبرزتها «الغد» على صدر صفحتها الأولى، وعلى ستة أعمدة، فيما أشارت صحف أخرى إليها بشكل ظاهر.

يتحدث إعلاميون عن دور لعبه صحفيون في الحادثة، إذ تم التخطيط لها ودراسة آلية تنفيذها في أحد المطاعم بين الدوارين السادس والخامس، حيث التقى عطية بصحفيين.

عطية كشف عن ذلك خلال دردشة مع صحفيين آخرين، كشف فيها أن الفكرة تخمرت لديه أثناء اللقاء عينه، وإنه تدارس مع صحفيين الفكرة. عطية قال إنه لم يستشر أيّاً من النواب في القضية، أو رئاسة مجلس النواب.

بيد أن نواباً رفضوا نشر أسمائهم، أكدوا أن عطية ما كان يمكن أن يقوم بذلك لولا تلقيه موافقة ضمنية من رئاسة المجلس أو جهات أخرى.

المعلومات الراشحة من مقربين من رئيس المجلس عبدالهادي المجالي، أفادت أن الرجل فوجئ بالخطوة، وأن الكلمات التي «تمتم» بها أثناء قيام نواب بعملية الحرق عبّرت عن المفاجأة.

المجالي قال للنواب بصوت بعيد عن الشدة: «هذا لا يجوز في مجلس النواب». المجالي وجّه حديثه للنواب الذين داسوا على العلم وأحرقوه، وللنائبَين رسمي الملاح، وجعفر العبداللات اللذين حملا يافطة مكتوباً عليها «طرد السفير الإسرائيلي».

رئاسة المجلس لم تقم بأي فعل غير ذلك، واطمأنت أن الحرق لن يؤثر على أرضية المجلس، لأن النار لم تلتهم العلم كله، وكان دَوس عطية عليه بقدمه كافياً لإطفائه.

لقيت خطوة عطية اهتماماً إعلامياً، فبُثت صور حرق العلم، عبر وكالات أنباء عالمية، وتعاملت مع الخبر فضائياتٌ ومواقع إلكترونية.

كتّاب الأعمدة لم يتوقفوا طويلاً أمام الحدث، وإنما تركوا الصحف تعبّر عن نفسها من خلال الصور ومراسليها البرلمانيين، الذين أشاروا في معرض تغطيتهم لوقائع الجلسة، إلى أن الحادثة هي الأولى في عمر المجالس النيابية المتعاقبة.

لم يتوقف صحفيون أمام التغطية، وإنما عبّر بعضهم من خلال مذكرة خاطبوا فيها فضائيات عربية، عن رفضهم استضافة أيٍّ من المسؤولين الإسرائليين على شاشات الفضائيات العربية.

الصحفي مؤيد أبو صبيح، أحد الموقّعين على المذكرة، يقول إن «استضافة إسرائيليين على بعض الشاشات العربية، تأتي في سياق تبرير الجريمة والدفاع عن قتل المدنيين، وبالتالي يجب أن يُقدَّم هؤلاء للمحكمة الدولية».

الموقّعون رفعوا المذكرة إلى مكاتب الفضائيات كافة، وقالوا فيها: «نحن الصحفيون الموقّعون أدناه، نطالب وسائل الإعلام المرئية والمسموعة العربية والأجنبية التي تبث باللغة العربية بعدم استضافة أي إسرائيلي مهما كان موقعه للحديث من خلالها لشرح وجهة النظر الصهيونية في العدوان والمجارز الصهيوينة التي تُرتكب بحق أهلنا في قطاع غزة المحاصر». ويتابعون: «أيّ حياد إعلامي ونحن نرى أن الإعلام الصهيوني بمجمله يُجَيَّر لخدمة الصهاينة وإجرامهم».

ظلت اليوميات والمواقع الإلكترونية، وكتّاب الأعمدة ، في انحياز للنفَس الشعبي الذي تم التعبير عنه خلال التظاهرات والمسيرات التي عمّت أرجاء المملكة، ولم تخرج هنا أو هناك كتابات تحمل وجهات نظر مخالفة لخطابات الشارع.

صحفيون أقنعوا عطية بحرق العلم الإسرائيلي: يوميات ومواقع إلكترونية توشحت بالسواد وعناوين حمراء
 
01-Jan-2009
 
العدد 57