العدد 56 - اقتصادي
 

محمد علاونة

تبين قراءة تحليلية لمعطيات أسعار النفط العالمية ومقارنتها مع أسعار المشتقات النفطية محلياً أن الحكومة تحقق أرباحا في حال تراجعت أسعار النفط عالمياً إلى ما دون 60 دولاراً.

واعتماد سعر 60 دولاراً يأتي نتيجة لأن السعر تم توظيفه في مشروع موازنة العام 2007 ليكون مقياساً لمقدار الدعم الذي تقدمه الحكومة ومقدار الأرباح التي تجنيها ليصار بعد ذلك إلى خلو موازنة العام 2008 من بند دعم المحروقات.

وبمقارنة ما ورد في مشروع قانون الموازنة لعام 2007 الذي أفاد فيه نائب رئيس الوزراء وزير المالية زياد فريز بأنه عند سعر 60 دولاراً لبرميل النفط الخام يبلغ الدعم السنوي المقدم للمشتقات النفطية 168 مليون دينار.

وفي المقابل، بحسب الوزير، يبلغ الفائض المتحقق من بيع البنزين بأنواعه المختلفة عند نفس سعر برميل النفط المشار إليه أعلاه نحو 147 مليون دينار، كما يتحقق فائض مقداره 20 مليون دينار من النشاطات الإنتاجية الأخرى لشركة مصفاة البترول الأردنية.

يتضح من ذلك أن حجم الدعم المقدم للمنتجات النفطية المذكورة يقارب حجم الفائض المتحقق من بعضها الآخر، أي أن الحكومة لا تتكبد أي خسائر أو لا تجني أي أرباح مع اعتماد معدل سعر النفط عند 60 دولاراً، وهو سعر تقريبي كون الأسعار في العام 2007 تراوحت بين 50 و90 دولاراً.

أما الآن وبما أن أسعار النفط دون 60 دولاراً وعلى اعتبار أن حجم الاستهلاك يبلغ 120 ألف برميل يومياً، فإن ما تجنيه الحكومة من أرباح قد يبلغ 120 ألف دولار يومياً للدولار الواحد عندما يكون سعر برميل النفط دون 60 دولاراً وما يعادل 43 مليون دولار سنوياً.

لكن محمد البطاينة، الذي شغل منصب وزير الطاقة والثروة المعدنية في وقت سابق في حكومة علي أبو الراغب، يرى أن أسعار المشتقات النفطية حالياً تعكس بشكل واضح الأسعار العالمية «وإن كانت الحكومة تجني القليل من الأرباح في بعض الأحيان».

بيد أن معرفة تحقيق الحكومة لأرباح أو تكبدها لخسائر في معادلة النفط أمر صعب، كونها تعتمد فاتورة شهرية وليست يومية، إضافة إلى أن هنالك حلقة ما زالت مفقودة في تلك المعادلة، وهي حجم مصاريف التكرير في المصفاة والتي هي غير معلنة ولا تخضع لرقابة، بحسب البطاينة.

بعد هبوطها إلى ما دون خمسين دولاراً للبرميل في بدايات شتاء العام 2007، شهدت أسعار النفط ارتفاعاً قياسياً في نهاية صيف 2007 وصل في النصف الثاني من شهر تشرين الأول/أكتوبر إلى ما يزيد على تسعين دولاراً للبرميل.

أسعار النفط شهدت صعوداً مطرداً من أكثر من ثلاثين دولاراً للبرميل في بداية العام 2004 إلى ذروة لامست سعر الثمانين دولاراً للبرميل في أواسط العام 2007.

وقد عادت أسعار النفط للانخفاض تدريجياً بعدها، عبر مسارٍ لا يخلو من التقلبات والتذبذب، لتعود للارتفاع في بداية صيف 2007، ومن ثم للانخفاض قليلاً لأقل من سبعين دولاراً للبرميل في أواسط شهر آب/أغسطس 2007، لتنطلق بعدها إلى مستويات قياسية في نهايات تشرين الأول/أكتوبر وتبلغ 90 دولاراً.

الانخفاض في أسعار النفط عالمياً ساعد الحكومة للاستجابة سريعاً لتعكسه على المشتقات النفطية محلياً ولتقوم بإجراءات تخفيض للمرة الثامنة على التوالي، وفي ظل ما تحققه من أرباح، بحسب ما أكده القائم بأعمال نقابة المحروقات فهد الفايز.

يقول الفايز إن الحكومة تستورد ما نسبته 25 إلى 35 في المئة فقط من إجمالي ما يتم استهلاكه محلياً من مشتقات نفطية، بينما تعتمد على النسبة المتبقية من النفط الخام، وهو ما يمكنها من تخزين كميات كبيرة لأسعار منخفضة وضمن عقود آجلة.

ولا يرى الفايز أن الحكومة تتكبد الخسائر في دعمها للمشتقات النفطية، خصوصاً أن الأسعار دون 60 دولاراً للبرميل.

وزير الطاقة والثروة المعدنية المهندس خلدون قطيشات، قال في تصريحات صحفية لموقع «عمون» إن انخفاض سعر اسطوانة الغاز في التعديل الشهري القادم لأسعار المشتقات النفطية إذا ما استمر الانخفاض على ما هو عليه الآن «لأننا قريبون من تخطي سعر الدعم»، بحسب الوزير.

ويضيف قطيشات أن البترول المسال انخفض مع التعديلات المستمرة إلا أن المواطن لم يشعر بذلك كون حجم الدعم الحكومي لاسطوانة الغاز كان كبيراً، وقد وصل في بعض مراحله إلى 5 دنانير حيث كانت الحكومة تدفع لمصفاة البترول «فرق السعر» حتى وصل الدعم مع التعديل الأخير لـ «32 قرشاً» حيث أن السعر العالمي لاسطوانة الغاز هو 6.82 دينار.

ربما كانت هذه المقارنة ضرورية، كونه في خطاب موازنة العام 2007 ذكرت الحكومة أن الدعم المقدم للغاز يبلغ 46.2 مليون دينار، وعلى اعتبار أن أسعار النفط عند مستوى 60 دولاراً، وبالتالي سينعكس على الأرباح حالياً كون الدعم المذكور كان متساوياً مع الأرباح آنذاك، ومع تقلص الدعم، فإنه سيبقى كأرباح جراء انخفاض دعم الغاز.

وهذا ما شرحه البطاينة بالقول إن الغاز ما زال مدعوماً من قبل الحكومة رغم انخفاض الأسعار، فعلى اعتبار، أن حجم الاستهلاك من الغاز هو 24 مليون أسطوانة يوميا، فإن مقدار الدعم يتراوح ما بين 7 إلى 8 ملايين دينار، يقول البطاينة.

لكن الخبير الاقتصادي أحمد زكريا صيام، اعتبر أن تحقيق معدلات نمو إيجابية وتراجع الدين العام وزيادة الصادرات والاحتياطيات النقدية، وضعت الحكومة في حالة استقرار، وهو ما دفعها للاستجابة إلى خفض أسعار النفط رغم أنها تتخلى عن العوائد في ظل عجز موازنة مرتفع.

وقال إن التخفيضات المتتالية لأسعار النفط لها ما يبررها في ظل الضغط الذي يعيشه المستهلكون نتيجة ارتفاع معدلات التضخم، وبخاصة مع دخول فصل الشتاء.

الحكومة تحقق أرباحاً من بيع المحروقات مع انخفاض سعر النفط دون 60 دولاراً
 
25-Dec-2008
 
العدد 56