العدد 56 - كتاب
 

بالنسبة لكثير من أبناء البادية، تتحول العطل الأسبوعية والأعياد الرسمية إلى أيام عمل، ولكن في المنزل هذه المرة، ويتحول الشبان إلى أياد عاملة، حيث يطلب منهم الأهل إنجاز أعمال متراكمة منذ أسابيع من دون أن تجد من يقوم بها، وهي عادة ما تتعلق بتربية الماشية.

العطل الرسمية، أو ما يسمى شعبيا "الفوداس"، أي يوم العطلة، تكون في الغالب فرصة لرعي "الرغث"، وبخاصة في فصل الشتاء، والرغث هي الغنم التي تلد في مثل هذا الوقت من العام، أما في فصل الصيف فتتحول العطلة إلى فرصة لجز الصوف والحصاد وتخزين التبن والعلف.

أما العيد؛ عيد الفطر أو عيد الأضحى، فلا يشكل لأبناء البادية سوى مصافحة الآخرين وتناول "الفطيرة"، وهي أكلة شعبية تتكون من الخبز والزبدة والسكر، وعادة ما يتم تناولها في ساعات الصباح الأولى قبل أن ينطلق الجميع إلى أعمالهم.

ويشكل العيد بالنسبة لكثير من أبناء البادية فرصة نادرة للتسوق، حيث يتم تقدير أحجام الملابس التي يشتريها رب الأسرة لأبنائه، بحيث تكون على مقاسهم، فهم في العادة لا يصاحبون آباءهم إلى السوق. ومن ثم يحمل الأب ما اشتراه في "الحصنية" وهي السيارة الكبيرة التي يستخدمها في نقل أمتعته ويعود بها إلى أبنائه حيث تتم عملية توزيع ما استطاع الأب تأمينه من ملابس العيد عليهم.

إلا أن للبدو في عدد من المناطق أعياداً وطقوساً مثل عيد الخضر تشكل مناسبات خاصة بهم للاحتفال، فهي لا تتوافر في مناطق أخرى. من بين هذه الأعياد عيد الخضر، ومن بين الطقوس ما يسمى "عشا الخميس"، وهو تقليد في مناطق شمال البلقاء يتم فيه ذبح شاة في الخميس الأخير من شهر نيسان/أبريل، ولا يتم التبرع بأي جزء منها فهي مخصصة للأسرة فقط.

ومن الطقوس الأخرى التي يمارسها أهل البادية زيارة قبور الأولياء الصالحين أو بعض الأشجار التي يتبرك بها القوم، إذ تحدد كل عشيرة قبر ولي أو شجرة يتقرب منها أفراد القبيلة ويحولونها إلى مزارات، حيث يتم إشعال النيران حولها وتعليق التمائم عليها. ومن بين تلك المزارات «أسعد، وعي الزيارة وسمير (بتسكين السين)».

ومن الأشجار التي يتبرك بها أبناء البادية شجرة حدد وشجرة الهفيف في منطقة سيل الزرقاء، ومن المناطق المقدسة أيضا القصير وتل أبو الظهور" التي تتوزع على مناطق مختلفة من البادية الأردنية.

مع تطور أنماط الحياة في البادية في العقود الأخيرة واستيطان كثير من البدو في قرى على سيف البادية الأردنية، انقرض كثير من هذه العادات، وتحول العيد إلى مناسبة لزيارة بنات العائلة المتزوجات، وتقديم العيديات، وزيارة أهالي الموتى الذين لم يمر على وفاتهم أي عيد سابق في مسعى لإشاعة التضامن العائلي.

غير أن القرى الجديدة تفتقر في معظمها إلى مظاهر الترفيه، فهي تفتقر إلى الحدائق العامة والى أماكن للعب الأطفال.

ولا يشكل افتقار تلك المناطق لأدوات الترفية قلقا لدى كثير من الأسر، وذلك لانشغال أبنائها بإنجاز الأعمال ومساعدة الأهل في تأمين قوت يومهم.

منصور المعلا : العيد في البادية.. العطل الرسمية تتحول أياماً لرعاية الماشية
 
25-Dec-2008
 
العدد 56