العدد 55 - أردني
 

السّجل – خاص

تمحورت مضامين المحادثات المعلنة بين الملك عبد الله الثاني والرئيس اللبناني ميشال سليمان حول مطالبة إسرائيل برفع الحصار عن غزة وتطبيق قرار مجلس الأمن 1701 ودعوة الفلسطينيين إلى المصالحة الوطنية. وخلا البيان الرسمي الأردني من أية إشارة إلى «الشقيقة سورية»، التي تشهد علاقاتها تحسناً مع البلدين بعد طول جفاء. كما خلا البيان من الإشارة إلى قضايا خلافية مع سورية لا سيما مصير المحكمة الدولية التي ستنظر ابتداء من آذار/ مارس المقبل في قضية اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري مطلع العام 2005.

إذ طالب الأردن ولبنان إسرائيل برفع الحصار عن قطاع غزّة وتطبيق كامل بنود قرار مجلس الأمن 1701 المتعلق ببسط سيادة لبنان على أراضيه، كما شدّدا على ضرورة حلّ قضية اللاجئين على أساس القرارات الدولية وبما يضمن حق العودة والتعويض.

جاء ذلك خلال أول قمّة رسمية بين قيادتي البلدين منذ عشر سنوات. ووصف الملك عبد الله الثاني والرئيس اللبناني سليمان لقاءهما في عمّان بأنه «انطلاقة لمرحلة جديدة من التعاون بين البلدين»، حسبما أعلن مصدر في الديوان الملكي.

الملك والرئيس اللبناني عقدا اجتماعا ثنائيا أعقبته محادثات موسعة بحضور كبار المسؤولين.

ودعا الزعيمان «إلى رفع الحصار عن قطاع غزة» المستمر منذ عامين، وإنهاء «المعاناة الإنسانية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني نتيجة الممارسات الإسرائيلية».

بحسب سجلات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، يؤوي الأردن مليوناً و900 ألف لاجئ فلسطيني، بنسبة 41 في المئة من اللاجئين المنتشرين في دول الجوار، فيما يقيم في لبنان زهاء 400 ألف لاجئ. وبخلاف الوضع في لبنان وسورية، يندمج غالبية اللاجئين في المجتمع الأردني ويتمتعون بالجنسية الأردنية، بينما ترفض بيروت توطين الفلسطينيين.

لكن ثمّة مخاوف لدى البلدين من تمييع قضية اللاجئين، التي تشكّل- إلى جانب مصير القدس- أعقد بنود في مفاوضات المرحلة النهائية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

ويصر الأردن ولبنان على تطبيق قرار هيئة الأمم 194 الصادر قبل 60 عاما حول حق اللاجئين في العودة والتعويض.

وحثّ الزعيمان على بناء سلام «عادل وشامل» بين إسرائيل وجيرانها «وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية بجميع بنودها، وبما يؤدي إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني». وأكدا «أهمية تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية، وبذل كل جهد ممكن لإنهاء حال الانقسام» بين حركتي فتح وحماس.

قرار مجلس الأمن 1701 صدر في آب/أغسطس 2006، بعد أسابيع من محاولة إسرائيل اجتياح الأراضي اللبنانية في مسعى لتدمير بنية حزب الله الشيعي. يتضمن القرار 19 عدداً من البنود بدءا من وقف إطلاق النار الفوري، مروراً بنشر الجيش اللبناني جنوب البلاد وانتهاء برفع عديد قوات حفظ السلام الدولية إلى 15 ألف فرد، على أن تسحب إسرائيل جميع قواتها من الجيوب اللبنانية.

ونقل المصدر الأردني عن عبد الله الثاني دعمه «لمسيرة الحوار والتوافق والمصالحة الوطنية التي يقودها الرئيس اللبناني» وتأييده «اتفاق الدوحة الذي مهد لانطلاق مسيرة الحوار» قبل ثلاثة أشهر.

على الصعيد الثنائي، أكد عبد الله الثاني لسليمان وقوف الأردن إلى «جانب لبنان واستعداده للتعاون مع مؤسساته الدستورية لتقديم كل أشكال الدعم والإسناد له». كما تعهد الزعيمان تطوير العلاقات بين البلدين في مختلف القطاعات لا سيما الطاقة والسياحة والتجارة.

بلغ حجم التبادل السلعي بين البلدين 71 مليون دولار العام الماضي، فيما يستثمر لبنانيون حوالي 280 مليون دولار في 32 مشروعا في قطاعات السياحة والصناعة والصحة والزراعة، بحسب الأرقام الرسمية.

لم يأت البيان الرسمي على ذكر أي تعاون عسكري بين البلدين. على أن الأوساط السياسية تفسر استعداد الأردن لدعم مؤسسات لبنان «الدستورية» باحتمال تقديم مساعدات عسكرية إلى هذا البلد، الذي يواجه اضطرابات أمنية بعد 18 عاما من انتهاء الحرب الأهلية.

وتابع قائد الجيش اللبناني السابق مناورة عسكرية لإحدى وحدات الجيش العربي، كما زار «المغطس»، على نهر الأردن، وهو الموقع الذي يعتقد المسيحيون أنه شهد معمودية المسيح على يد يوحنا المعمدان قبل 2000 عام.

كما التقى مع أفراد من الجالية اللبنانية، التي يقدر عددها بـ5000 نسمة قبل اختتام زيارته مساء الاثنين الماضي.

زيارة سليمان إلى عمّان أتت عقب انفراج سياسي على خط عمّان-دمشق، وتقاطر قيادات لبنانية على العاصمة السورية لا سيما زعيم تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشيل عون، الذي يشكّل مع حزب الله الشيعي نواة المعارضة اللبنانية. وترى الأوساط السياسية أن زيارة الرئيس اللبناني تكسر آخر حلقة أردنية في دائرة مقاطعة الرئاسة اللبنانية التي كانت بيد إميل لجود، حليف سورية والمعارضة. كما استهدفت إعادة ترميم العلاقات مع أطراف المعادلة السياسية كافّة.

وكان لحّود آخر رئيس لبناني يزور عمّان العام 1999، قبل أن يحتدم السجال بين أطراف معادلة الحكم اللبناني، عقب اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري.

رسميا، يؤكد الأردن وقوفه على مسافة متساوية من مختلف ألوان الطيف اللبناني. لكن بوصلة سياسة عمّان اتجهت عمليا خلال العقد الماضي صوب خندق الأكثرية (قوى 14 آذار)، في مقدمتهم مؤسسة رئاسة الحكومة، إذ زار فؤاد السنيورة عمّان مرات عدّة.

محادثات سليمان في عمّان
 
14-Dec-2008
 
العدد 55