العدد 55 - أردني
 

نهاد الجريري

بكثير من الأسى وشيء من السخرية، تروي عضوة مجلس بلدية في الشمال كيف أن الأعضاء الرجال في مجلس بلدي مجاور ينسحبون من الجلسة عندما تتحدث زميلته بذريعة أن صوت المرأة عورة!

وتزيد من مشاهداتها لزميلات في مجالس بلدية أخرى كيف يطلب إليهن الرئيس أن يبقين في منازلهن ويقول «سنمرر عليكن محضر الجلسة لتوقيعه وأنتن في بيوتكن».

وتتألم وهي تتذكر كيف أن رئيس بلديتها يتعمد أحياناً أن يعقد جلسة المجلس ليلاً معتقداً، خطأ، أنها لن تتمكن من الحضور على اعتبار أنها تسكن في مكان بعيد نسبياً وأنها ستتحرج من أن تركب سيارة الأجرة في الليل أمام مجتمع ما يزال ينظر للمرأة بعين واحدة. هذه العضوة ستشتري سيارة «خصوصي» بعد شهرين بالضبط!

هذه بعض المشاكل التي تعانيها سيدات وصلن إلى المجالس البلدية فقط لأنهن نساء بغض النظر عن كفاءتهن.

المرأة دخلت العمل البلدي من أوسع أبوابه في الانتخابات النيابية الماضية. فقد وصل عدد المرشحات 240؛ تمكنت 21 منهن من النجاح بالتنافس، كانت من بينهن المهندسة رنا الحجايا التي فازت برئاسة بلدية الحسا. وحققت 195 من المترشحات الفوز وفق الكوتا التي حُددت بـ20في المئة من مقاعد البلديات والمجالس البلدية. فيما تم تعيين 16 امرأة لملء مقاعد لم تترشح لها أي امرأة.

هذا العدد الكبير من الناجحات لا شك يحسب لنظام الكوتا. ولكن في هذا الأمر جدل ما يزال متواصلا للآن. البعض يرى أن الكوتا فتحت المجال أمام السيدات للمشاركة في العمل البلدي بالرغم من كل المعوقات التي قد تواجهها. فبالرغم من أن المرأة منحت حق الانتخاب والترشيح للمجلس البلدي في العام 1982، إلا أنها ظلت غائبة عن الساحة حتى العام 1995، عندما ترشحت 20 امرأة للانتخابات فازت منهن 10 سيدات: إيمان فطيمات فازت برئاسة بلدية خربة الوهادنة لتكون أول امرأة تحوز هذا المنصب بالتنافس، فيما فازت التسع الأخريات بعضوية المجالس البلدية. في العام 1999، نجحت 8 سيدات في الانتخابات من أصل 43 فقط.

من ناحية أخرى، ساهمت الكوتا في وصول سيدات إلى المجالس البلدية من دون أن تتوافر لديهن أي معرفة بالعمل البلدي. من طرائف الانتخابات الماضية للعام 2007، أن السيدة فردوس محمد علي الخالدي فازت بعضوية المجلس البلدي في بلدية صبحا والدفيانة بمحافظة المفرق بالرغم من أن نتيجتها كانت صفرا. فلم ينتخبها أحد: لا زوج ولا أولاد؛ ولا حتى هي صوتت لنفسها.

عضوة مجلس بلدية كبرى في الجنوب تفضل عدم ذكر اسمها، تشكو من ضعف التحصيل العلمي لزميلاتها الحاصلات عمليا على شهادة الثالث الإعدادي؛ وتقول إنهن تقدمن لامتحان التوجيهي ورسبن! وتزيد أنها في كثير من الأحيان ما تُحسب في مصافهن لأنها امرأة بالرغم من أن تحصيلها جامعي وبالرغم من عملها «رئيسة قسم» لأكثر من 20 عاماً، وبالرغم من المشاريع والدراسات التي تجتهد في صياغتها والتي تضطر إلى تقديمها باسم «العضوات».

وتشدد هذه السيدة على ضرورة إعادة النظر في نظام الكوتا بما يضمن «تأهيل» السيدات اللواتي سيستفدن في نهاية الأمر من هذا النظام.

في الإطار نفسه، تتحدث عضوة مجلس بلدي آخر، ولكن في الشمال عن أن أداء عضوات المجالس البلدية القادمات من خلفيات حزبية أو المنتميات إلى تنظيمات نسائية غالبا ما يكن على قدر أكبر من حسن التصرف والتعلم والتأقلم مع متطلبات المهمة الجديدة.

لكن على الرغم من ذلك، تُضطر المرأة، في كثير من الأحيان، إلى بذل جهد إضافي لإثبات ذاتها وإقناع زملائها الرجال بأنها جديرة بأنها لا تقل عنهم كفاءة. وداد العزام، عضو مجلس بلدية إربد الكبرى تقر بأنها وزميلاتها واجهن صعوبات في البداية تصل أحيانا إلى نوع من التمييز، لكن الحال تغير مع مرور الوقت. وتضيف «عندما ترغب المرأة في أن تصنع مكانة لنفسها، يجب أن تفرض شخصيتها في المجلس». وتفتخر العزام بأنها كانت وما تزال «تحكي بصراحة وجرأة» مهما كان الأمر.

نهى المعايطة، رئيسة الاتحاد النسائي العام، تحدد نجاح تجربة المرأة في العمل البلدي بنسبة 80 - 85 في المئة، وتقر بأن بعض السيدات يفتقرن إلى المهارات اللازمة للنهوض بمهام العمل البلدي. لكنها تلفت إلى نماذج من سيدات نجحن في مراكزهن البلدية بالرغم من افتقارهن لأي خبرة في العمل العام. وتقول إن المسألة رهن بكفاءة المرأة الذاتية، وبقدرتها على التأقلم وبالبيئة المجتمعية التي تحيط بها ومدى «تقبل المجتمع المحلي لوجود امرأة في منصب قيادي».

أما فيما يتعلق بالمضايقات التي تتعرض لها بعض السيدات في المجالس البلدية، تقول المعايطة إن الاتحاد لم يتلق أي شكوى بهذا الخصوص. لكنها تستدرك أن مثل هذا التمييز يقع على المرأة في أي مكان «في مجلس النواب وفي مكان العمل دون تحديد». وتعتبر أن معالجة هذه الاختلالات يكون بقدرة المرأة على «النضال»: فإما تستمر بجلد، أو تنسحب، أو تسير ضمن الركب السائر.

أعضاء ينسحبون حين تبدأ زميلاتهم بالحديث: صوت المرأة عورة في مجالس بلدية
 
14-Dec-2008
 
العدد 55